العملية السياسية بين الضغوط الداخلية والدولية وعجلة الاصلاح

مشاهدات


  

حسين علي/ العراق

كل فرد عراقي يطمح الى مستقبل آمن ويبحث عن حياة هادئة ومستقرة بعيدا عن اطماع السياسيين والصفقات الجشعة وتقاسم مغانم السلطة.
إن التوافقات في تقاسم المصالح والاطماع الشخصية استنزفت ثروات البلاد وانتشار حالات الفساد الإداري والمالي، كل ذلك أدى إلى ارتفاع نسبة الفقر إلى (٣٠%) وعدم توفر فرص حقيقة للشباب مع وصول نسبة البطالة إلى (٢٥%) في بلد يبلغ عدد سكانه (٤١%) على مدى (٢٠) عام بالاضافة إلى الغلاء الفاحش وارتفاع قيمة الدولار امام العملة المحلية فعلى ما يبدو كل شيء في العراق يرتفع سعره إلا كرامة الإنسان.
إن سلوكيات زعامات السياسة المترنحة بين الشخصية والفئوية وعدم النضوج السياسي والفكري كل ذلك أنتج ديمقراطية مزيفة وعملية سياسية غير ناضجة عكس ما كان يروج له في عام (٢٠٠٣).
الضرورة الملحة اليوم تتطلب وجود طبقة سياسية حكيمة متمثلة بشخصيات نزيهة وطنية لانتشال ما تبقى من البلد المنهار والمنهك تحت عجلات الفساد الى بر الامان نحو اقتصاد قوي وعلاقات سياسية متزنة على الصعيدين الاقليمي والدولي.
أغلب الأحزاب السياسية اليوم تعمل على إبقاء العملية السياسية على حالها، عملية محاصصة تقوم على سرقة ثروات الشعب وانهاك اقتصاد البلد وأما ما يحكى عن تغيير الدستور أو نظام رئاسي فهو اضغاث احلام.
إن التبعية والولاء المطلق لخارج الحدود من أخطر المشاكل السياسية التي تأخر نهوض البلد اقتصاديا وسياسيا وحتى اجتماعيا وهذا ما تعانيه الدول النامية وعلينا ان لا ننسى أن بعض دول الجوار تريد ابقاء العراق هزيلا اقتصاديا وضعيفا سياسيا وذلك لتأمين اقتصادها وتسويق بضائعها ومنتجاتها بالاضافة إلى توازن امنها الاقليمي.
شرارة ثورة عاشوراء بدأت منذ ظهور التسريبات الصوتية للمالكي وليس ذلك من قبيل الصدفة!!
فالسيد المالكي ظهر في التسريبات وهو يتهجم على السيد الصدر واطراف سياسية أخرى حتى من هم معه اليوم في الإطار والكل سمع ما قاله المالكي، فمن خلال هذه التسريبات يتبين أن المالكي لا يزال يعيش أجواء أيام المعارضة وكيفية اعداد مسلحين ويغامر على حساب الوطن بالإضافة إلى العقل التخطيطي لتصفية الخصوم وفسح الطريق أمامه، شخصية المالكي شخصية مركبة وحتى انه كان ايام المعارضة مسؤول حركي بما معناه تنفيذ وتخطيط وتفجيرات واغتيالات، فهذا المنطق من التفكير لا يساعد أي شخص على أن يكون قائد دولة، ويبدو أن أغلب الأحزاب التقليدية تعيش أجواء أيام المعارضة ففي إحدى المرات قالها أحد الشخصيات المعارضة سابقا في لقاء تلفزيوني قال لازلنا نمتلك عقلية المعارضة، إذن كيف علينا أن ننتظر منهم دولة قوية متماسكة؟!
تغريدة الصدر التي جعلت انصاره يدخلون الخضراء والتي تعتبر من أشد المناطق أمنيا وتحصينا في العراق والاعتصام داخل قبة البرلمان لتحقيق مطالب الشعب والمطالبة بتغيير الطبقة الحاكمة التي جثمت على صدور العراقيين طوال (٢٠) عاما، عندها بدأت مناوشات الإطار التنسيقي والتهديد تارة وتارة أخرى يلجأون إلى الطرق الدبلوماسية محاولين استمالت الصدر الى التهدئة وثنيه عن مطالباته بتغيير الدستور وحل البرلمان.
قرارات السيد الصدر بدأت تأخذ منحى تصاعدي وسقف المطالب بدأ يأخذ طريقا تصاعديا، فالشروط التي وضعها الصدر من المستحيل أن يوافق عليها الإطار والمتمثلة بتغيير الدستور وحل البرلمان وتقديم المالكي للقضاء، تعتبر هذه الشروط بنظر الاطاريين شروط تعجيزية.
إن استتراتيجية الإطار التي انتهجت في الأيام الأخيرة من الثورة لاحراج الصدر اخلاقيا وكذلك تحميله المسؤولية إذا ما اريقت قطرة دم من جميع الأطراف بعد أن اوعزوا الى جماهيرهم بالنزول الى الشارع والتظاهر على ابواب الخضراء وليس ذلك فقط فقد ذكروا بأنهم سوف يقطعون طريق المطار ردا على تغريدة الصدر محاولين تحميله المسؤولية في حال حدوث أي تصادمات بين الجماهير.
لا ننسى أن الإطار قسمين، المالكي والخزعلي فريق والعبادي والحكيم والعامري فريق، وهذا مما جعل وزير الصدر صالح العراقي يقدم دعوة للسيد العامري للخروج من الإطار كشرط لقبول الحوار وأن يستنكر ما قاله المالكي في التسريبات، ولا أعتقد أن ذلك سيتحقق للسيد العراقي.
إن دعوة الصدر ستجلب الكثير من أطياف الشعب أو بالاحرى جذبت الكثير من الشعب، مساندين ثورة الصدر الاصلاحية، فما يخطط له الإطار لن يتحقق وحكومة السيد الكاظمي ستبقى والذهاب إلى انتخابات مبكرة.
إن المعادلة اليوم ليست بصالح قوى الإطار وذلك لان تحرك السيد الصدر يقابله ليس جمهوره فقط بل أغلب الشعب العراقي بكافة أطيافه اصبحوا بجانب الثورة التي دعا اليها السيد الصدر.
نلاحظ في التغريدة الأخيرة للصدر أنه عمد الى استتراتيجية جديدة تختلف عن السابقة التي كانت بالايعاز لانصاره بالاعتصام داخل البرلمان والضغط على القوى السياسية الاخرى، أما الاستتراتيجية الجديدة تمثلت بمطالبة المعتصمين بالانسحاب من داخل البرلمان وتحويل الاعتصام أمام وحول مجلس النواب خلال مدة أقصاها (٧٢) ساعة.
التيار الصدري يفكر بأحتجاج طويل الأمد
بعض القوى السياسية لم ترتاح لما حصل داخل البرلمان وحتى من القوى الداعمة له جراء بعض الممارسات العقائدية وغير ذلك.
ان ايعاز الصدر للمعتصمين بالخروج من البرلمان وذلك بعد تهيأت امور الدعم اللوجستي من طعام وماء ونصب الخيم وذلك لإدامة زخم الاحتجاجات وإيجاد الاماكن الصحيحة للاعتصام، اصرار الصدر على الثورة ضد الفاسدين وعدم الدخول في اي حوار او مفاوضات مع الطرف الآخر لعدم وجود اي فائدة على حد قوله حيث شدد على بقاء المعتصمين والثوار لحين تحقيق الاصلاح، كما دعا الى حل البرلمان الحالي وانتخابات مبكرة وعدم تكرار الوجوه القديمة في العملية السياسية الجديدة.
اود ان اقول لو اضاف السيد الصدر الى خطابة امور اخرى ومن ضمنها الغاء جميع الامتيازات والتقاعد للنواب القدامى والجدد وكذلك حصر السلاح بيد الدولة ومحاسبة المسؤولين عن جريمة سبايكر والمتسببين بسقوط محافظات عراقية بيد داعش.
نستنتج من خطاب الصدر الاخير انه لا تراجع ولا تسوية ولا حوار الى ان يتحقق الاصلاح.
نظرا للمعطيات السياسية على ارض الواقع لا حل قريب يلوح بالافق.
هناك فرضية تحاول ان تطرح نفسها وهي انه في ظل المواقف السياسية على الصعيدين الداخلي والدولي تؤكد أغلبها على المسار الدستوري الحالي بدون تغيير في العملية السياسية وربما ستكون هناك ضغوطات دولية واقليمية على السيد الصدر ليتراجع عن ما طالبه في خطابه وترضيته بعدة امور والمتمثلة بعودة نواب الكتلة الصدرية الى البرلمان، اعطاء (٩) وزارات للتيار الصدري، ترشيح شخصية لمنصب الوزراء متوافق عليها من جميع الاطراف والاقرب(حيدر العبادي أو جعفر الصدر)، اغلاق ملف التسريبات الصوتية، اختيار رئيس جمهورية من الاتحاد الوطني الكردستاني وترضية الحزب الديمقراطي الكردستاني بعدد من الوزارات.
بالرغم من كل ما جرى أو يجري فالتيار قوي والاطار ايضا قوي أما العراق ضعيف.


إرسال تعليق

0 تعليقات