فأما نحن الذين من صنف عباد الله الصالحين وجوهره الجميل ، فلقد لعبت بنا الدنيا طوبة مطوّبة وتداولتنا الأيام التي يداولها الربّ الكريم بين الناس ، فكانت قسمتنا شحيحة تنام على شحّة ، وقلوبنا مخلوعة أو تكاد تفر من بلاعيمها ، وظهورنا مكسورة وما لبد في جوف قحفنا العامل قد كمن على بلبلة مبلبلة مجلجلة ، حتى دخنا وداخ من شافنا على هذه الحال وتعجب فظنّ أننا سكارى أو على بعض سكر ، والظن ليس كلّه من ضلع حق ، وما كنا كذلك من قبل ومن بعد ، حتى صارت ليالينا والأيام كما جئنا عليها في غير موضع وموقعة ، واحداً لنا وعشرة علينا وما زلنا على أمرنا الشريف هذا راسخين ، عِرقنا المجذور الثابت تحت أرض الصانع الخلّاق ، وكلِمنا يلوّح مرفرفاَ في السماء كما راية فخر ، وما بدّلنا فكرة إلّا بأعظم منها وما أزحنا كلماً حتى زرعنا أجمل منه ، وما حيّينا بتحية إلّا ورددناها بأحسن منها ، وكنا أينما نزلنا بمنزل وحيث حططنا ببلدة أو مررنا بمضيف ، فإن تحيتنا فيها سلام حتى بلّغنا ربّ المغارب والمشارق مقعد صدق وعلم وراحة نفس وطهارة روح ، وما تمنينا ما نحن عليه من وجع وحيرة لأندادنا والخصوم ، وجادلناهم بالتي هي أحسن ورششنا على أعتابهم ما تعتّق من طيب دنان الكلام وما تأخر من منحوت الجمال وملحونه وقلنا لهم قولة مُقالة :
يا ربعُ إنّ مَنْ حارَبَنا حارَ بِنا وغضبتنا غضبة حليم صابر كاظم ناره ، وحوبتنا حوبة نبيّ في غير أهله ، فأستضعفتنا الناس الحثالة إلى حين معلوم يتبيّن فيه الذهب من الزبل ، وكنا الكرام من لبّ سلالة الكرم ، إذ طاح وساح من يميننا الرز والطحين والمرق والخضرة والسرابيل والمداسات ، فأكلت الأفواه وامتلأت البطون وطابت الأنفس وغنّت وطربت الأرواح وإكتست العراة وركبت الحفاة ، فسُعِدْنا وهذا مرأى سعدُنا والحبور ، وسددنا الأذن وصممناها بالصواوين عن مديح جائع خشمه في السماء عالٍ وإبن سبيل من قوة العصامية لا يسأل ، وشهقة جوعان شبع ، ورضينا بعطر دعاء مستجاب وتناصصنا مع العظيم النحّات البديع المذهل الملك القويّ القادر البديع الجميل فقلنا :
إنما هذا من فيض آلائه علينا والنعم المنعمات ، وتلك هي مواعين الطيب والحلال ، فكلوا واشربوا وارتاحوا وارتعوا والعبوا ، ولا نريد منكم شكراً ولا مديحاً ، بل تلك كانت وأُخيّاتها لوجهه جلَّ وتعالى وعظم ، وهو الذي يرى ويدري ويريد من مخلوقاته الدابّة فوق أرضه الواسعة الشاسعة أن تسعى وتكد وتشقى فتنفتح بوجهها بيبان الرزق الحلال الزلال .
وما زلنا على تلك الخصلة المباركة والكلمة القوية المسبوكة فوق سندان الكلام المبين وذاك الرسوخ البائن الأمين ، حتى دارت بنا الدائرة ودرنا بها وحارت بنا وحرنا بها وداخت ودخنا وناحت وتناوحنا ، فصرنا على بعض ضعف حيل وشحة ذات يمين ، فأنفضّت الناس من حولنا فما هِنّا ولا شكونا ولا بدّلنا ثوباً بثوب وقولاً بقول ، ولا قعدنا بباب مائدة نطيحة منطوحة متردّية بائتة حرام جائفة دنيئة من متروكات السبع والضبع والغزاة ، وقلنا لمن قال قولاَ مقطوماً مقطّماً :
صه وصه يا نكرة يا إمّعة يا ابن حاوية مجاهيل ، فما أنت غير واحد ممّن قلّتهم وسلقتهم كهرمانة ببطن زير الجبن ، أو قلّبتهم فوق طاوة حارّة مشتعلة خارج نص الحكي ، وها أنت وقد جلبك ودعبلك ودهدرك زمانك وحظّك المسخّم ومنيّتك الرديئة ، فإندققت بحائطنا وما كانت حوائطنا إلّا عاليات جلاميد مجلمدة وحائطك واطىء تبول عليه الكلاب الدائحة المجربة التي لها من قوة الشمّ حدّ أن تعطي كلّ لئيم ربيب مصادفة وفطيسة جائفة خائسة ، طينَتَهُ بجبهته وتصيّر صوفته حمراء فاضحة من قوة دونيتها تكاد تمعمع وتصوّت كما تيس خائر بحلبة أضحيات . فإن عيّرتنا بشحة خبز ومال فإننا نعيّرك بماعونك ولباسك ودينارك الحرام الذي تقوم وتقعد على خزائنه السحت ، وقد حزتها من دون كدّ وكدح وعرق ، وكنت من حشود محتشدة تلوب بباب غرفة الغزاة الأوغاد ، على وجوههم ذلّة وصفرة حيض وفوق أيمانهم محارم ومكانس لهم فيها مآرب ألله يعلمها وأنت والناس تدريها .
أما نحن فلم نلبس قناع زيف إلّا في خلق نصّ في القصّ أو في الروي وما جاورهما من كل صنع جميل . وكنا إن زعلنا على شطّ عفنا ماءه حتى لو كانت شريعته بحلق القربة تصيح ، وكانت أجوافنا يابسة والولدان تتلهّى بمصّة إبهام مالح .
أحرار كما نزلنا من بطون طاهرة مطهّرة أذهب الله عنها الرجس والدنيئة ، وإذ يملأ أفئدتنا والصدور قيح الأنذال وتكاد تفرّ من باب البلعوم ، فلا نقول غير ما يقال بباب الحق ولا نفتري على من لا يفترى عليه ، بل نزن القول بمثقال لا ينقص وزن شعرة من لحية ، ونشكمُ ونكتم غضبتنا النبيلة حتى إذا سمعتنا خاشعاً إن كنت لم تصمّ أذنك صمّاً ، قلت وحق ربي ما هذا بصعلوك نافر من عكرة حال ومهرب سكن ، بل هو من يكيل بمكيال حقّ وهو الكريم الذي يهبك قميصه المقدود من دبر في مرقاة زمهرير يأكل العظم البائن ، ويقول لك قولاً رحيماَ عزيزاً ذهباً مصفّى كما لو أن رقبته رقبة بعير .
يا ربعُ إنّ مَنْ حارَبَنا حارَ بِنا وغضبتنا غضبة حليم صابر كاظم ناره ، وحوبتنا حوبة نبيّ في غير أهله ، فأستضعفتنا الناس الحثالة إلى حين معلوم يتبيّن فيه الذهب من الزبل ، وكنا الكرام من لبّ سلالة الكرم ، إذ طاح وساح من يميننا الرز والطحين والمرق والخضرة والسرابيل والمداسات ، فأكلت الأفواه وامتلأت البطون وطابت الأنفس وغنّت وطربت الأرواح وإكتست العراة وركبت الحفاة ، فسُعِدْنا وهذا مرأى سعدُنا والحبور ، وسددنا الأذن وصممناها بالصواوين عن مديح جائع خشمه في السماء عالٍ وإبن سبيل من قوة العصامية لا يسأل ، وشهقة جوعان شبع ، ورضينا بعطر دعاء مستجاب وتناصصنا مع العظيم النحّات البديع المذهل الملك القويّ القادر البديع الجميل فقلنا :
إنما هذا من فيض آلائه علينا والنعم المنعمات ، وتلك هي مواعين الطيب والحلال ، فكلوا واشربوا وارتاحوا وارتعوا والعبوا ، ولا نريد منكم شكراً ولا مديحاً ، بل تلك كانت وأُخيّاتها لوجهه جلَّ وتعالى وعظم ، وهو الذي يرى ويدري ويريد من مخلوقاته الدابّة فوق أرضه الواسعة الشاسعة أن تسعى وتكد وتشقى فتنفتح بوجهها بيبان الرزق الحلال الزلال .
وما زلنا على تلك الخصلة المباركة والكلمة القوية المسبوكة فوق سندان الكلام المبين وذاك الرسوخ البائن الأمين ، حتى دارت بنا الدائرة ودرنا بها وحارت بنا وحرنا بها وداخت ودخنا وناحت وتناوحنا ، فصرنا على بعض ضعف حيل وشحة ذات يمين ، فأنفضّت الناس من حولنا فما هِنّا ولا شكونا ولا بدّلنا ثوباً بثوب وقولاً بقول ، ولا قعدنا بباب مائدة نطيحة منطوحة متردّية بائتة حرام جائفة دنيئة من متروكات السبع والضبع والغزاة ، وقلنا لمن قال قولاَ مقطوماً مقطّماً :
صه وصه يا نكرة يا إمّعة يا ابن حاوية مجاهيل ، فما أنت غير واحد ممّن قلّتهم وسلقتهم كهرمانة ببطن زير الجبن ، أو قلّبتهم فوق طاوة حارّة مشتعلة خارج نص الحكي ، وها أنت وقد جلبك ودعبلك ودهدرك زمانك وحظّك المسخّم ومنيّتك الرديئة ، فإندققت بحائطنا وما كانت حوائطنا إلّا عاليات جلاميد مجلمدة وحائطك واطىء تبول عليه الكلاب الدائحة المجربة التي لها من قوة الشمّ حدّ أن تعطي كلّ لئيم ربيب مصادفة وفطيسة جائفة خائسة ، طينَتَهُ بجبهته وتصيّر صوفته حمراء فاضحة من قوة دونيتها تكاد تمعمع وتصوّت كما تيس خائر بحلبة أضحيات . فإن عيّرتنا بشحة خبز ومال فإننا نعيّرك بماعونك ولباسك ودينارك الحرام الذي تقوم وتقعد على خزائنه السحت ، وقد حزتها من دون كدّ وكدح وعرق ، وكنت من حشود محتشدة تلوب بباب غرفة الغزاة الأوغاد ، على وجوههم ذلّة وصفرة حيض وفوق أيمانهم محارم ومكانس لهم فيها مآرب ألله يعلمها وأنت والناس تدريها .
أما نحن فلم نلبس قناع زيف إلّا في خلق نصّ في القصّ أو في الروي وما جاورهما من كل صنع جميل . وكنا إن زعلنا على شطّ عفنا ماءه حتى لو كانت شريعته بحلق القربة تصيح ، وكانت أجوافنا يابسة والولدان تتلهّى بمصّة إبهام مالح .
أحرار كما نزلنا من بطون طاهرة مطهّرة أذهب الله عنها الرجس والدنيئة ، وإذ يملأ أفئدتنا والصدور قيح الأنذال وتكاد تفرّ من باب البلعوم ، فلا نقول غير ما يقال بباب الحق ولا نفتري على من لا يفترى عليه ، بل نزن القول بمثقال لا ينقص وزن شعرة من لحية ، ونشكمُ ونكتم غضبتنا النبيلة حتى إذا سمعتنا خاشعاً إن كنت لم تصمّ أذنك صمّاً ، قلت وحق ربي ما هذا بصعلوك نافر من عكرة حال ومهرب سكن ، بل هو من يكيل بمكيال حقّ وهو الكريم الذي يهبك قميصه المقدود من دبر في مرقاة زمهرير يأكل العظم البائن ، ويقول لك قولاً رحيماَ عزيزاً ذهباً مصفّى كما لو أن رقبته رقبة بعير .
0 تعليقات