تارا أيبو
أنا وحيدة ، أصدّق كل الوعود ، وأنتظر كل المواعيد و لم أكن عزيزة على أحد ، أحببت أن يكون لي صديق يوماً دونما النظر إلى المصالح لم أجد و لن يحدث .
أعطيت كل شيء و لم أحصل على أي شيء .
كلهم عابرون في حياتي يلقون بثقل متاعبهم على بوابة قهري و يمضون فقط أمضغ همومهم ،يرهقون طبلة أذني بإسقاط جوقة حماقاتهم فيها و لا أحد ينشد همومي فقط يمتصّون جرح ابتساماتي التي ملأتها بذهب انكساراتي و حسراتي لتبدو أنيقة .
كلهم عابرون ،و أنا في محطة الانتظار باقية ، الكل يعبر إلى وجهته راكباً تكسي أو سيارة فاخرة ، حافلة مزدحمة بوجوه غريبة أو حتى مشياً على الأقدام معانقاً أحداً ما ، فقط تبدو ظهورهم لي بمعاطفهم الداكنة و أصوات أحذيتهم المغادرة .
وتأرجح أحبابهم بذراعهم و ابتساماتهم تعبر أكتافهم .
و أنا أنتظر المستقبل الذي يبدو كصندوق فارغ من كل شيء إلا الدموع .
المحطة تبدو مخيفة موحشة و كل الكراسي ضبابية ، المواعيد اقتربت دقات ساعتها المرعبة .
الشارع رمادي و كل الصور مرسومة بالدموع كل الذي أرى رصيف بنهاية مفقودة أضواء اغتصبتها الثلوج المقيمة ، خلف نورها الدامع مدن مدمرة وقرى ضائعة و فتاة حمقاء بريئة قتلها الحب . .. و شاباً منكسر بقبعة أوروبية وأنفاساً شرقية مبللة . دوّنت هذه الرسالة و يداي ضائعة في ظلمة جيوب معطفي و أنا مارة بتلك الأميرة المرتجفة بساقيها العارية و أصطكاك أسنانها تحضن دفء ماضيها وعيونها تجري خلف ممرات الخوف بأرنبة أنفها المتجمدة التي سقطت عنها كل عبق الأمان و السلام .
و من يستطيع أن يقرأ هذه الرسالة ، سوى الذي يعيشها و يحاكيها ويمضي فيها .
فتأمّلها و حاكِ إحساسك الأول عند ملامستها يا أيها القارئ ...لا تفزع من المعاناة و كآبة الروح فيها ...نحن في عصر اللبلاب (1)لا تمضي إلى اتجاهات أخرى ، فقط ألقِ بنفسك في واحات الكلمات لتجد المعاني .
في شوارع مدننا المدمّرة ، الوجوه رسائل نمر بها و نعبرها و نتركها تموت ، ونحن ندير وجوهنا عن حقيقة يوم رحيلنا و في داخلنا رسائل كنا نريد أن نكتبها لتتنفسها أنفاس الحياة تمهّل يا أيّها الإنسان و أنت تزرع الوجع على جسد إنسان كلنا عابرون من بوابات الضباب مارّون ، كُفَّ عن النسيان بأنّك مجرّد عابر
0 تعليقات