الرأي الآخر

مشاهدات

 


وداد فرحان- سدني


 نحن نعيش في عالم التناقضات الذي يسعى البعض فيه الى تسييد النظرة الأحادية في الفكر والدين والنظم الاجتماعية، ويسعى هذا البعض الى فرض أنموذجا ارتضاه لنفسه، ويرفض بالمقابل ما يناقضه أو يختلف معه. وأسس أصحاب هذا التصور نظرية الضدين، فأما أن يكون الطرف الآخر معك أو أنه بالضد منك فهو عدوك.

 لا مجال للحلول الوسطى في هذا الفكر الذي يدعو إلى فرض نموذج اجتماعي وثقافي واحد حتى وإن تطلب تحقيق ذلك قوة السيف.

 لقد أصبحنا فرقا تصادمية على مستوى الفرد أو الجماعات، وأصبح الاختلاف تآمرا أو مخالفة تصل الى العداوة وحد الكراهية والمقت. إذ أن الكثير يشمر عن ساعديه من أجل التبرير في فرض الضوابط على عموم المختلفين بالرأي ويسدد فوهات أسلحته المختلفة بضمنها أسلحة التشهير والتشويه والطعن  والإساءة الى جبهات المخالفين له، بل ليس من الضروري أن يكونوا مخالفين، لكنهم يحملون فكرا مختلفا يؤمن بالتعددية الفكرية والدينية والثقافية.

 إن التعايش في زمن يسوده الاختلاف والتسامح، يلزمنا تشذيب الأفكار والتخلي عن النظرة التعصبية والمفاهيم القسرية البالية، وهذا لن يتحقق مالم يتخلى الفرد من منطق التعالي والرضوخ الى التعددية الفكرية والاختلاف بالرأي الى درجة أن نصل الى مفهوم "اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية".

 فالود علامة شفافة تتمركز في محور إنسانيتنا، واختلاف الرأي علامة القبول بالآخر انسانا يختلف معنا بالرأي، وليس بالضرورة يناقضنا، فلندعو الى عالم الاختلاف في عموم الحياة ومداراتها، لا عالم التناقضات، كي نخرج من الرأي المطلق، ونقبل الرأي الآخر.

إرسال تعليق

0 تعليقات