طقوس ممنوعة. من رواية ..منازل القمر ..

مشاهدات



ثائرة اكرم العكيدي 


هذه أول سنة من عمري يصادف عيد ميلادي في عيد الفطر المبارك ، كان أولادي كل سنة يُحضرونَ لي مفاجأة وقطعة كعك يحتفلون معي لكن منذ عام  ٢٠١٤  قررتُ إلغاء هذهِ الطقوس ومنعت أولادي من الأحتفال فيهِ وذلك بسبب أنه صادف يوم ميلادي أول يوم لدخول داعش الموصل  ٦\٦\٢٠١٤ يوم الجمعة ، وها انا اليوم مرّت سنة أخرى لي على هذه الأرض، لم أكن أكثر من مراقبة وموّثقة لآلام الناس، أحلامهم المختنقة، وتلك التي تحتاج إنعاشا ً. أمّا عني ، فأذكر سنتي الماضية في لمحات ، في ليلة شتاء حزينة، زارني الحزن على هيئة طفل خائف ، ورأيت بأم عيني قريباً عزيزاً على قلبي ، يبدأ رحلةً لا تشبهه، رحلة فرضت على هدوئهِ حمل السلاح  على علمهِ تكتيك الحرب، وعلى نقائهِ ذعر الموت ، قلت للحزن أهلا ً، ليست المرة الأولى التي تحضر فيها ، لكنك تعلم تماماً أنك لن تحتلّ كامل المكان . في صباح ربيعيّ يحكمنا بالأستمرار ، زارني الموت على هيئة عجوز مريض ، لم تكن زيارتهُ الأولى، فمنذ بداية الحرب في العراق ،  لم أعرف للأمان رائحة ، وعلى الرغم من بعد جسدي عن تلك البقاع ، ظلّت روحي مسافرة بين هنا وهناك ،  إلى أن سكن الموت بيت طفولتي وهدّد أقرب الناس ليّ ، عندها ظلت روحي هناك . في تجليّات للوقت لا تشبه بعضها ،  بعد اكثر من تسع سنوات من العمل في المجال الإنساني والأعلامي ، وكثير من المحاولات الفاشلة ، من الكفاح ، من الصبر ،  بعد أن حاولت النطق باللغة الجديدة ، ووضع مكرروا الصداقة وحقد وحسد من بعض النسوة واغلبهم أقربائي ، في تجليّات الوقت تلك علمت أكثر ، أنه ما من قوة في الأرض تستطيع أن تقف في وجه طموحكَ إن أنتَ عزمت عليها وكافحتَ ، في مساء صيفي يشبهُ الحب الأول ، وصلتني تقييمات بعض الأدباء والمثقفين لديوان شعري الثاني(كلمات من ثلج ) ، الذي تضمنَ أغلب قصائد من الواقع المرير يبكي على وطن مثل كل افراحهِ ، كمّ الأمتنان الهائل أذهلني ، مع خطابات شكر وشهادة تقديرية من اتحادات ومؤسيات ادبية وثقافية ، كما وصلني كتاب شكر وتقدير من منظمة السلام العالمية الخيرية الهولندية ، التي تواصلت بالعمل معي طوال فترة أحتلال داعش ونزوح الأهالي والمتضررين قرأتها وأدمعت عيناي ، أعلم أن وجودنا على هذه الأرض ليس إلا لمساعدة بعضنا البعض بشكل أو بآخر ، الباقي كله وقت منتهي الصلاحيّة ، فلا تعيشوه . شعرت أن شهر رمضان هذا ممتع جداً فقد قضيتُ أغلب أيامهِ في مخيمات النازحين لم أكن أشعر بالجوع ولا بالعطش وانا أتجول بينهم لجمعِ القوائم وتوزيع المساعدات ، كم يريحني ذلك الشعور وانا أرى الأبتسامة في أعينهم ، عندما أتخذتُ واحداً من أصعب القرارات في حياتي كان أن أبدأ بداية جديدة في منظمة السلام في مدينة أخرى خارج حدود الوطن ، وأستمر في حلمي لمحاولة تغيير وضعي و تطبيعهُ بنكهة الثقافات المختلفة ومحاربة الوصمة ، مع دعم أستثنائي في هذا المجال . لكني رفضتُ لأني أحتاج وطني لكي لا أشعر بتأنيب الضمير . وانا أعشق السليمانية وأهلها أصبحت جزءا من روحي . وأصعب الأوقات التي مرّت بي هي فترة الانتخابات لأني أجبرتُ على الترشيح ، فأنا لا أؤمن بالسياسة في وطني ، حيث كاد أن يصبح لي انفصام في الشخصية بسبب الذي عشته ورأيته خلال هذه الفترة ، كنت أُعلّم طفلتي القراءة ، قلت لها : العلامة التي تحصلين عليها غير مهمة ، عمرك ست سنوات ، آن الوقت لتحاولي بأقصى جهدك ، ولا تهم النتيجة  المهم المحاولة  أحتضنتني ألما .. ماما أنت تعملين كثيراً في المنزل ، في المؤوسسة وفي الكتابة والرسم ، عمرك ضعف السنين التي عشتي فيها شعرتُ وقتها  أن الحزن الذي يزورنا عميد أستمرار  الموت الذي يذكرنا بقصر الحياة  أستاذٌ  يعلمنا التحدي ، الإرادة التي تستخدمها في الكفاح تغزل لباس الستر الحقيقي : علمك واستمرارك في التعلم . القرار الأصعب هو الأصح دائماً  الحياة لا تقاس بعدد السنوات، قد تعيش ربع حياة إن أستسلمتِ ، وتعيش اكثر  إن أنت أستمعتِ إلى روح الله فيكِ مز خلال انسانيتك  . شكراً لجميع من مرّ في حياتي في العام الماضي ، شكراً لمن أستمرَّ في حياتي عن طيب خاطر طوال تلك السنوات ، شكراً لمن اختاروا الرحيل وترك الباب مفتوح ، ولمن خرج وأغلق خلفه البيبان . كل الاعوام ووطني بالف خير..

إرسال تعليق

0 تعليقات