المال المغامر في الأطعمة المستحيلة

مشاهدات



كرم نعمة


لست مفرطا بالتفاؤل أكثر مما ينبغي وأرى عن قريب أن اللحم النباتي سيحل في أطباق الآسيويين والأوروبيين، لكنني لا أتراجع عن اعتقادي بأن سبب أمراضنا هو ببساطة الإفراط في تناول اللحوم.

بقي صديقي المهندس يفكر بالبدائل المتاحة أمام حياته القادمة منذ أن توقف عن العمل في الأسابيع الأولى من انتشار الوباء، قال لي إن كورونا منحنا فرصة مضاعفة للتفكير بعد أن تخلصنا من الروتين التقليدي الذي كان يطبع حياتنا. هناك حياة مختلفة، الوقت صار ملكنا بعد أن توقفت أعمالنا، فلماذا لا نفكر بطريقة حيوية أكثر لمستقبلنا.

صديقي هذا يمتلك تجربة عمل في حقل المشاريع الهندسية في بريطانيا منذ أكثر من خمسين عاما، وعندما أحيل على التقاعد لم يحل نفسه على الكسل لأنه ببساطة يتمتع بالعمل، لذلك كانت الشركات تستعين به في العمل المستقطع لبضعة أشهر، وعندما ينتهي من عمل ما تنهال عليه العروض الجديدة. لكنه مثل الملايين وجد نفسه فجأة متوقفا عن العمل تحت وطأة انتشار الوباء. فكانت فرصته مثالية للتفكير في مشروع خاص به.

قال لي دعك من الصحافة وشاركني في مشروع خاص، مع أنني لا أشك بنجاحه أخفيت ابتسامة الفشل الخاص بي! مع ذلك أبديت له اندفاعي لمشاركته في المشروع، مع التعبير عن عجزي في اقتراح أفكار اقتصادية ناجحة.

وجد صديقي بعد أسابيع من التفكير أن مشروع الأطعمة النباتية سيكون ناجحا عندما تقدم الأطباق المشرقية للمتذوق البريطاني بمكونات نباتية صحية. لكن من قال إنه لم يسبقك أحد إلى هذه الفكرة سواء نجح أو فشل فيها!

مهما يكن من أمر فإن المال المغامر يبدو مندفعا في الأطعمة المستحيلة في عالم يريد العودة إلى الأصول في طعام يطبخ ويتذوق على مهل ليقف في وجه الحياة المتسارعة.

اللحوم النباتية صارت حلا ناجحا إلى درجة أن أستاذا في جامعة ستانفورد تخلى عن عمله ليستثمر أمواله في أول شركة للأطعمة المستحيلة ونجح.

تنقل صحيفة فاينانشيال تايمز عن الأستاذ الجامعي قوله “كنت أضحوكة الناس عندما قلت إنني سأستثمر في بيرغر نباتي عام 2011. أعتقد أن الناس ظنوا حقا أنني قد جننت”.

وبعد سنوات تقدر قيمة شركة الأطعمة المستحيلة بأكثر من أربعة مليارات دولار وتوجد منتجاتها الخالية من اللحوم في مطاعم شهيرة.

فحتى الذين يهتمون بالبيئة يكتفون بالصراخ في وجه الحكومات للقيام بدورها المفترض ولا يدفعون المال من أجل التكنولوجيا النظيفة، لكنهم يشجعون بقوة الطعام النباتي، ويخرجون كل مدخراتهم في مغامرة الاستثمار بصناعته.

لست مفرطا بالتفاؤل أكثر مما ينبغي وأرى عن قريب أن اللحم النباتي سيحل في أطباق الآسيويين والأوروبيين معا، لكنني لا أتراجع عن اعتقادي بأن سبب أمراضنا في العالم العربي هو ببساطة الإفراط في تناول اللحوم، دعك من الكوابيس التي تقلق نومنا، اللحوم هي السبب.

إرسال تعليق

0 تعليقات