فاجعة سوق الشيوخ

مشاهدات


 


ابراهيم الدهش

سوق الشيوخ هذه المدينة الكبيرة برجالها، الولود بشخصياتها، صاحبة المواقف والبطولات ..
سطرت أروع الملاحم التاريخية وقدمت ابناءها قرابينا للوطن..
يطول الحديث عن هذه المدينة التاريخية التي نشأت لأسباب اقتصادية بحكم موقهما الاستراتيجي المهم وأصبحت قضاء قبل أن تؤسس مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار بأربعة عشر عاما ، تاريخ حافل بإنجازات وبطولات رجالها.. مدينة حاضنة للأدب والشعر والثقافة بصورة عامة، عنوانها المضيف والدلة والفنجان، وهويتها الشجاعة والكرم والجود ..
طيبة، كريمة حد النخاع.. ترضى بالقليل، قنوعة، معطاء .. أم حنون !!
شهداؤها لا يعدون ولا يحصون.. وعلى فترات الجهاد والنضال لأجل العراق ووحدته،  لم يهدأ لها بال ولم تستكن وتستقر منذ تأسيسها مجروحة وجريحة مهضمومة وأنينها لم يتوقف !! لم يحالفها الحظ دوما ولم يخدمها من بعض خدمتهم ونالوا ما يتمنونه .
حاولت أن تفرح وتتعايش مع أفراح شعبها في بطولة خليجي 25 التي تقام في مدينة البصرة الفيحاء وعلى ملعبي جذع النخلة والميناء الرياضي، ومع انتصارات وبطولات لاعبي المنتخب العراقي وبجدارة فوزهم وفرحة الجماهير العراقية ، كان الشباب العراقي في تسابق مستمر للذهاب إلى ملاعب البصرة من اجل مؤازرة فريقهم و دعمهم معنويا ولكي يتعايشوا مع ابناء دول الخليج الذين فقدانهم إثر الخلافات السياسية والتدخلات الخارجية والحروب والدمار. ومن بين هؤلاء كان لشباب مدينة سوق الشيوخ دورا وحضورا في المشاركة والوقوف جنبا الى جنب مع شباب محافظات العراق منذ افتتاح البطولة، وآخرون كان حضروهم في صباح أو فجر يوم المباراة لكي يؤمنوا أماكن لهم وعلى مدرجات الملعب، والبعض افترش حدائق وساحات الملعب الخارجية لكي يسمعوا النتائج او يشاهدوا المباراة عبر الشاشات الخارجية ويفرحون بالفوز متأكدين بأن فريقهم هو الفائز والفوز حليف الفريق العراقي  ..
وهنا كانت الفاجعة بعد أن توجه شباب مدينة سوق الشيوخ في حافلة كبيرة ( منشأة ) لنقل المسافرين وهم يضحكون ويصفقون ناسين ومتناسين معاناتهم و أوجاعهم من كدمات الزمن الغادر ..وأثناء توجههم الى البصرة الفيحاء وقبل خروجهم من حدود مدينة سوق الشيوخ غربا واذا بمركبة كبيرة محملة بالطابوق تصطدم بالحافلة التي تقل شباب المدينة، وحصل ما حصل من جراء الاصطدام المباشر وجها لوجه بغض النظر عن مسبب الحادث ، فكان شهداء وجرحى ودماء نقية أريقت .. واستمرت سوق الشيوخ في أنينها وحزنها الذي لايتوقف وخطف منا فلذات أكبادنا، شباب بعمر الزهور، وتوشحت مدينة سوق الشيوخ مرة اخرى بالسواد وخيم الحزن على وجوه الجميع ..
الرحمة والغفران لجميع الشهداء والشفاء العاجل لجرحانا.

إرسال تعليق

0 تعليقات