مقاربة مابين رواية السراب لنجيب محفوظ ورواية ساعي البريد

مشاهدات

 





 
رند علي الأسود / العراق/ بغداد  

قبل أيام ناقشنا في نادي المدى للقراءة بغداد رواية ساعي البريد يدق الباب دوماً مرتين للأمريكي جيمس مولاهان كين الصادرة عن دار المدى 2022 ، ثيمة الرواية الإساسية هي الخيانة بين العشيقان كورا ( زوجة اليوناني مالك المطعم ) وفرانك الموظف عند زوجها ، استعمل الكاتب تقنية الفلاش باك في سرد الرواية فيبدأ القاتل فرانك بسرد الأحداث من محبسه بعد ان تم كشف المستور وحكم عليه بالإعدام بتهمة قتل اليوناني نِك باباداكس ومن بعده ارملته كورا ، ناقش زملائي الرواية منهم من ركزَ على جريمة القتل ومنهم من ادان العشق الاعمى بين كورا وفرانك الذي اودى بهم الى الخيانة وقتل العجوز اليوناني ومنهم من ناقش الحالة الاقتصادية التي كانت تمر بها أمريكا هي التي دفعتهم إلى ارتكاب هذه الجريمة إضافة الى وقت صدور الرواية حيث احدثت صدورها ضجة كبرى لان المجتمع الأمريكي آنذاك كان مجتمع محافظ فلم يتقبل هذه الرواية الواقعية بسهولة ، وكذلك عن معالجة الرواية سينمائياً ودرامياً إذ تم تحويلها الى افلام سينمائية تسع مرات وفي دول مختلفة، كما تم تقديمها كدراما إذاعية مرتين ، وتم تحويلها الى عمل مسرحي مرتين. وتحولت الى أوبرا مرة واحدة.
غير أني من حيث لا اعلم وجدت نفسي استغرق في كم السعادة المزيفة التي كان يسكر بها اليوناني ولايعلم ماذا يخفي له القدر ! فذكرني نِك الضحية اليوناني بكامل رؤوبة لاظ بطل رواية السراب لنجيب محفوظ ، هذه الرواية النفسية التي ناقشت الموضوع المسكوت عنه ( العجز الجنسي لدى بعض الرجال ) ان مايجمع بين بطل السراب وضحية ساعي البريد هي غفلتهم عن مايحاك من وراء ظهورهم ، رغم ان رواية السراب مختلفة كلياً عن رواية ساعي البريد فلايجمع بينهم غير ثيمة الخيانة إلا ان بطل السراب كان هو من يشعر بتأنيب الضمير تجاه زوجته الخائنة واليوناني نِك في ساعي البريد كان سعيداً جداً بعودة فرانك الى العمل عنده دون ان يعلم ان برجوع فرانك يكتب السطر الأخير من حياته.
( فقال إن الإنسان لديه نفسان أثنتان ، نفس يعرفها ونفس لايعرفها لأنها في اللاوعي. هزني هذا الكلام )
لستُ اليوم بصدد كتابة مقال عن ساعي البريد او عن السراب لكني أكتب عن السعادة المزيفة او الاستقرار المزيف التي يحيط بالمرء أحياناً ويجعله اعمى عن رؤية الحقيقة ، فهل كان اليوناني نِك او كامل المصري عاشقين لزوجاتهم ام حسني النية تجاههم ! وهل من الممكن يختار الإنسان ان يغلق عينيه عن رؤية الحقيقة الى ان تسوء الأمور أكثر ، وهل آدان النُقاد الواقعية آنذاك لبشاعتها واختلافها عن المذاهب الأخرى.
(فما ذلك إلا لأني عزاً جاهلاً أعمى. و ما من بأس أن يتمتع الأعمى بسعادة وهمية على شرط أن يواصل عماه، أما إذا رد إليه البصر و رأى سعادته سراباً فهل يجني من ذكريات سعادته إلا حسرة مضاعفة و هماً مقيماً)..
هذه الروايات اقتبست من الواقع مثلما طرحت موضوع الجريمة والخيانة طرحت موضوع الغفلة و الاستغراق في الحياة المزيفة، اعتقد في كل امورنا الحياتية الخاصة والعامة وخصوصاً في هذه الفترة الصعبة في حياة العالم  نحتاج الى مواجهة الحقيقة والتعامل معها، وكما يقول الكاتب الكبير جورج أورويل (فيوقت الخداع العالمي يصبح قول الحقيقة عملاً ثوريّاً).





















إرسال تعليق

0 تعليقات