"خليجي 25" وثورة تشرين

مشاهدات


 

ياسر عبد العزيز



أيام تفصلنا عن انطلاق بطولة كرة القدم الخليجية بنسختها الــ 25 والتي ستقام في مدينة البصرة العراقية ولعل الاختيار المسبق للمدينة والتوقيت وضع العراق والبصرة في مأزق بعد هذا الإنجاز الرائع الذي حققته قطر باستضافتها كأس العالم في كرة القدم، فحتى مع الفارق الكبير في الفرق المشاركة مقارنة بأبطال العالم في اللعبة وأن البطولة البصراوية هي إقليمية وعلى خلاف تلك التي استضافتها الدوحة العالمية التي تتوق إليها كل دول العالم وترنوا إليها الأفئدة قبل الأبصار إلا أن المقارنة ستظل عالقة في الأذهان شاء من شاء وأبى من أبى . تأتي استضافة البصرة للبطولة التي كان من المقرر أن تكون العام 2019 لتؤجل للعام الحالي بعد أن أحجمت كل الدول الخليجية عن الترشح لاستضافة البطولة ويرى البعض أنها مكرمة من الدول الأعضاء للعراق ويقول آخرون أن عدم ترشح أي دولة هو قرار سياسي أكثر منه رياضي في محاولة خليجية لاستعادة العراق المخطوف للحضن الإيراني ولعل آخر استضافة للعراق لهذه البطولة كان في عام 1979 ما يعني أن بطولة البصرة 2023 ستكون الاستضافة الثانية للعراق وكان مقرراً أن يستضيف العراق البطولة في نسختها الــــ 23 لكن سحبت بسبب الحظر الذي فرضه الاتحاد الدولي لكرة القدم على الكرة العراقية آنذاك لكن بعد رفع الحظر أصبح العراق جاهزًا لاستضافة البطولة وهو ما يراه سبباً ثالثاً لعدم ترشح أي دولة لاستضافة هذا المونديال الخليجي وتسعى بغداد لأن تخرج البطولة على أحسن وجه لذا تعاقدت مع شركة فرنسية لتنظيم البطولة وإدارتها مع ذلك ستظل المقارنة معقودة بين الدوحة والبصرة رغم الفوارق المجحفة .

 

فقطر المستقرة أمنياً بشرطة وجيش ولاؤهما للدولة والمحوكمة الإدارة والقابعة في المركز الـــ 30 في قائمة الدول الأكثر شفافية والغنية نفطياً ما انعكس على مستوى معيشة الفرد فيها أنفقت 220 مليار دولار على البنية التحتية والفنادق لاستضافة البطولة ستقارن مع العراق الذي يشهد من حين لآخر عمليات عسكرية في مناطق بعينها مستمرة منذ سنوات عديدة ولا يخلو من انتهاكات الميليشيات التي تسيطر على المشهد الأمني في حالة غير مسبوقة لدولة لا تستطيع ان تسيطر على زمام أمرها، كما يشهد تظاهرات فئوية تطالب بالتوظيف وتواجه بالعنف الأمني ويقبع في المركز الـــ 157 في قائمة الدول الأكثر فساداً في العالم وفق مؤشرات مدركات الفساد الذي تصدره منظمة الشفافية الدولية لم يعلن عن المبالغ التي ستنفق لتنظيم البطولة وهو هنا ليس من باب السرية ولكن من باب عدم الشفافية التي جعلته يتربع في المركز الـــ 157 لمنظمة الشفافية الدولية . وعلى الرغم من هذه الحالة الإدارية التي يعيشها العراق إلا أن ما ينبض به هذا الشعب المعطاء الكريم فاضت في مقاطع مصورة بدأت تنتشر على فضاءات مواقع التواصل الاجتماعي وعلى كثرتها فإن ما يمكن الوقوف عنده، ذلك المقطع المصور الذي يحذر فيه بعض الشباب كل من سيزور البصرة لمشاهدة البطولة من حجز مكان له في فندق فبيوت أهل البصرة مفتوحة لإخوانهم مقطع يقطع كل لسان يحاول الذهاب بهذا البلد العربي إلى شرق البصرة حيث أعجمية اللسان والطباع وإن فصل بينهم إخوة عرب في الأحواز .

 

وإن كانت الحكومة في بغداد تحاول أن تظهر في أحسن شكل لها كي تكتسب شرعية الإنجاز فإن الشعب العراقي يحاول أن يثبت عروبة الهوية ويروي العرب منهم أواصل لم تقطعها توجهات حكومة ولت وجهها حيث لم يول الشعب وجهه . وإذا كان الشعب يريد أن يري للعرب وجهه العربي وتوجهه الحقيقي فإن على ثوار تشرين أن يستغلوا الحدث ويذكروا العرب بما يلاقونه في ظل حكم الميليشيات الولائية وأحزابها ويطالبوا بأبسط مطالب الإنسانية من معاش أدمي في المأكل والمشرب والمسكن والعمل وحياة كريمة تستعاد فيها كرامة العراقي المهدرة منذ الاحتلال فلا يمسح أحدهم حذاء إيراني أثناء الزيارة الأربعينية أو يجمع التراب من تحت قدمه لأنه أقدس منه أو أعلى منزلة فالعراق الذي ذاد عن شرف الأمة العربية ثماني سنوات ضد المشروع الإيراني من حقه أن يعود عربياً مرفوع الرأس من قتل إذا ما طالب باستعادة سيادة بلاده أو أخفي قسريا إذا ما كتب يوعي الناس من خطورة المحاصصة أو يهجر من بيته لتنفيذ مخطط تريده طهران لإيصال طريق نفوذها للبحر المتوسط أو يعتقل لأنه طالب بوظيفة ضمن توزيع الوظائف والدرجات بحسب الولاءات الحزبية والميليشياوية .. يا ثوار تشرين إنها فرصتكم فقنوات الرياضة العربية كلها ستكون بين يديكم وإن تغاضت القنوات الإخبارية في تغطية نضالكم خلال السنوات الثلاث الماضية فإن فرصتكم لإسماع العرب صوتكم قد تهيأت ولعل من حسن الحظ أن البصرة التي ستحتضن البطولة هي نفسها من فجرت ثورة تشرين فأحرار العالم ينتظرون منكم ما أبهرتم به العالم رغم القمع  فأروهم من أنفسكم خيراً .

إرسال تعليق

0 تعليقات