عبد الجبار الجبوري
يشكّل القصف الإيراني –التركي ،خرقاً واضحاً للسيادة العراقية ،بغض النظر عن أسباب وتداعيات هذا القصف،يأتي القصف هذا ، في أدق وأصعب مرحلة تعيشها العملية السياسية في العراق، من صراعات وخلافات ومواجهات سياسية وعسكرية ، بين الكتل المتصارعة على القبض على السلطة ، والاستحواذ على المناصب الحساسة في الدولة ،بعد فشل تشكيل حكومة اغلبية وطنية ، يتزعّمها التيار الصدري، وظهور تكتل جديد ، بعد إنسحاب الصدر وتياره من مجلس النواب،أليوم يشهد العراق، أزمة جديدة وخطيرة، تمثلت ، بقيام الحرس الثوري الايراني ، بعدوان عسكري،على دول حدود كردستان شمال العراق،بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، والحجة جاهزة طبعاً،هي تواجد حزب بيجاك أو حزب كادحي كردستان الايراني، تماما كحجة التوغل التركي في الاراضي العراقية لمطاردة حزب العمال الكردستاني التركي،ولكن القصف الايراني، طال المدارس والجوامع والاقضية والاهالي ،وقتل العشرات من الشهداء والمئات من الجرحي ، بعد ستة ايام من القصف المتواصل على السليمانية في جمجمال وماوت وبنجوين ،وفي اربيل التون كوبري وسيدكان وجومان وغيرها ،الجديد في القصف، أنه تم قتل امريكي في اربيل ، وعلى هذا قامت الادارة الامريكية بفرض عقوبات جديدة وشديدة على رموز وقادة ايرانيين في الحرس الثوري، ودعم الأقليم ، والتنديد بالقصف الايراني،قابله تصريحات إيرانية لقادة الحرس الثوري، (بأن أي دعم امريكي للاقليم عسكرياً، والتأثير على الطائرات المسيرة من قبل امريكا، سوف يقابل بضرب مقرات وأهداف أمريكية داخل الاقليم والعراق)،وهذا تصعيد وتهديد إيراني، للادارة الامريكية، يعقد المشهد العراقي ويزيده تفجيراً،يأتي هذا التهديد الإيراني، وإعلان قائد الحرس الثوري بإستمرار القصف لمقرات البيجاك الايراني داخل الأقليم، في وقت تشهد إيران تظاهرات غاضبة جداً، تهدّد بإسقاط الننظام، ويشهد العراق تظاهرات مماثلة تعلن عن إسقاط العملية السياسية في العراق، تقوم وزارة الخارجية العراقية بإستدعاء السفير الإيراني،لتسلمه رسالة( إحتجاج شديدة اللهجة) ، تدين فيها القصف للأراضي العراقية،ليجيء الردّ الفوري الإيراني مباشرة، رشقة من الصواريخ الباليستية، وسرب من الطائرات المسيرة لتقتل قائد برتبة لواء في البيشمركة بقضاء جمجمال ،وتدمير داره بالكامل ،وسط صمت مطبق للاطار التنسيقي، والتيار الصدري،عن إدانة هذا القصف والعدوان، فيما خرجت جماهير التيار الصدري والاطار التنسيقي في عموم المحافظات الجنوبية والفرات الاوسط منددة وغاضبة جدا على القصف التركي لقضاء زاخو ودهوك ، هذه الازدواجية السياسية، تعبر عن روح الولاء والتبعية الايرانية ، للاحزاب التي تردّ الدين لايران، إن تداعيات القصف الايران والتركي ، هي ماتعكسه على الوضع الداخلي العراقي، وتزيده تعقيداً وفوضى وفشل، يؤخر تشكيل حكومة وطنية عراقية قادرة على لجم العدوان الايراني التركي، وإيقافه عند حدّه، وإتخاذ قرارات صعبة وشجاعة ، ضد ايران وتركيا، مع ضبط إيقاع الاحزاب المعارضة الايرانية والتركية، وعدم السماح لها بالقيام باعمال عسكرية داخل الاراضي الايرانية والتركية،ولكن الصراع السياسي القائم في العراق بين الكتل والأحزاب، وتنوّع الولاءات السياسية والعقائدية، لأغلب هذه الكتل والاحزاب لايران ، مابين إطلاعات والحرس الثوري، جعل من تشكيل حكومة أغلبية ،مستحيلة ، فالصراع داخل العملية السياسية ، هو صراع إرادات ومصالح دولية وإقليمية، أبرزها الصراع الأمريكي – الايراني، وصراع أجنحة ايران داخل الأحزاب والكتل الولائية ،كل هذا الذي يجري في العراق من فشل سياسي، وصراع حزبي وكتلوي،سببه فشل الإتفاق النووي الإيراني، بين إيران من جهة وأمريكا والاتحاد الاوروبي من جهة أخرى،وكذلك حرب بوتين على أوكرانيا، وفشل بوتين في غزوه وإحتلاله لها، بل هزيمته فيها، كهزيمة بوش في العراق، إذن مايجري في العراق، وسوريا ولبنان واليمن ، هو نتاج الصراع الدولي بين أمريكا وبريطانيا والاتحاد الاوروبي مع روسيا والصين وإيران،إذ التحالف الروسي –الايراني – الصيني، قد أفشل المشروع الامريكي في الشرق الاوسط،كما أفشلت إدارة ترامب وبايدن مشروع إيران الكوني الديني، وأجّلت إمتلاك ايران السلاح النووي العسكري، هنا الصراع واضح ومتشابك، تتحكم به المصالح الإستراتيجية للدول الكبرى، وهذا الصراع ، هو وراء مايجري في المنطقة عموماً،لهذا نقول ان التدخل الإيراني في العراق، له مبرراته السياسية والدينية، حسب الرؤية الإيرانية ومشروعها الديني، وماشاهده العالم في الزيارة الاربعينية للامام الحسين عليه السلام ،ودخول ملايين الزوار بلا تفتيش ولا تأشيرات دخول، وكأن العراق هو محافظة عراقية ، وليس دولة ذات سيادة، والدليل وجود وزير الداخلية الإيراني، ومدير الاستخبارات الإيرانية، للاشراف على مجريات الزيارة ، وتنفيذ أجندة إيرانية وإستغلالها الزيارة لأغراض عسكرية وسياسية، أفصحت عنها بعض التسريبات ،من داخل ألإطار التنسيقي، والتيار الصدري،وهذا لم يعدّ سرياً ،بل تتباهى ايران وقادتها، يقابلها صمت عراقي رسمي خجول،إن القصف الايراني اليومي على كردستان العراق، هدفه إخضاع الحزب الديمقراطي الكردستاني، ودمجه بكتلة إدارة الدولة التي يتزعمها الاطار التنسيقي، والضغط على بقية المعارضين للإطار ، كالتيار الصدري، الذي عزا البعض إنسحاب أعضائه من البرلمان ،جاء بعد تهديد حياة مقتدى الصدر، الذي أعلن ذلك بنفسه بتغريدة ،إذن الضغوطات الايرانية،أخذت اشكالاً متنوعة منها، السياسية، ودينية، وعسكرية، وحتى اجتماعية، وقد نجحت في قسم كبير منها، والدليل، هو إنبثاق تحالف(إدارة الدولة) بدخول كتلة السيادة (الخنجر – الحلبوسي)، فيه ، ومحاولة إلحاق الديمقراطي الكردستاني، بقبول بعض شروط ،ومطالب الحزب المعروضة على الإطار التنسيقي، نعتقد في النهاية، سيركع ويخضع الديمقراطي الكردستاني، للضغوط والتهديدات والقصف الإيراني لكردستان العراق، لإدماجه في كتلة ادارة الدولة ،وتشكيل حكومة يرأسها محمد شياع السوداني، مرشح الإطار التنسيقي،بعد عزل مقتدى الصدر وإعتزاله عن السياسة وتشكيل الحكومة ، بعد نجاح إبعاده من البرلمان بالترغيب والتهديد،إذن التدخل الايراني تغلب على التدخل الامريكي في الشأن العراقي، وصار القرار الايراني هو الأقوى، في ادارة السلطة في العراق، وإستطاع الإطار التنسيقي إبعاد مصطفى الكاظمي عن الولاية الثانية، والذي كان يحظى بدعم أمريكي لامحدود،فهل تسكت الادارة الامريكية ،إزاء النجاح الإيراني في تشكيل حكومة عراقية، تابعة لقراراتها وخاضعة لإملاءاتها السياسية ، وهذا برأيي نقطة فاصة بالنسبة لإدارة بايدن التي تعوّل على حكومة يرأسها الكاظمي، سوف لن تألوا جهداً وتعمل على دعم افشال حكومة ادارة الدولة برئاسة السوداني، وستدعم التظاهرات التي ستنطلق غدا اعلاميا وسياسيا وربما لوجستيا، لإفشال مشروع ايران في العراق، إذن تداعيات القصف الايراني على كردستان العراق، حقق أهدافه العسكرية، فهل يحقق أهدافه السياسية ، هذا ماتفرزه نتائج تظاهرات يوم غد، التي يعوّل عليها جميع العراقيين، للإفلات من الهيمنة الإيرانية على العراق،والتي يعدّها العراقيون إحتلالاً إيرانيا له، ولو من خلف الستار،والتظاهرات يعدّها العراقيون الفرصة الأخيرة لهم، لهذا تمّت دعوة جميع المحافظات، لدعم ثورة تشرين، والإلتحاق بها في عموم محافظات العراق،في وقت ندّد العالم كله، وفي مقدمتهم اإارة بايدن وبريطانيا والإتحاد الاوروبي وإسبانيا ،بالعدوان الإيراني على كردستان العراق، واعتبروه تهديداً لمصالحهم الاستراتيجية،وتم فرض عقوبات إقتصادية قاسية على إيران وقادتها ...!!
0 تعليقات