المدونة التراثية وصناعة الوهم

مشاهدات


 
 
أ . د . سامي الزيدي

هل تستطيع المدونة التراثية بكل جوانبها ان تمنحنا القدرة على معرفة الحقيقة ؟
وهل يستطيع فريق من الفرق ان يدعي الاحقية في امتلاك الحقيقة ويعتمد تلك المدونة دليلا في الادعاء ؟  
  ان مدوناتنا التراثية بكل الوانها عملت على صناعة عقلية اسلامية ملوثة ترتكز على الكراهية للاخر المختلف وتعمل على اقصاءه . لذلك نسجت العديد من المرويات بما يدعم فكرة الاقصاء والكراهية ، هذا النسج الخيالي المزعوم صنع لنا عقلية منحرفة لا تستطيع ان تستقيم في قراءة الحقيقة واستبيانها فوقعنا تحت تأثيرها منذ نعومتنا حتى كبرنا وحجم التأثير يكبر فصرنا ندعي ان هذا الانحراف هو الحقيقة ولا نرى سواه . فنحن اُسارى لتلك المدونة التي لاتنفك ان تكون منهل معارفنا نحتج بها ونقاتل من اجلها وصرنا حماة لها قدسناها حتى عادت نصا مقدسا لا نسمح ان تدكه اقلام المفكرين وتفتح نوافذه عقول المتحررين . ندعي انها الحقيقة وانها طريق نجاتنا الى الآخرة من يخالفها باطل ومن يقف بالضد منها زنديق ومن يحاول ان يمسها شيطان رجيم . ولعل تلك المدونة هي سبب مأساتنا وتمزقنا وتخلفنا عن ركب الحضارة شغلتنا في صراعاتها وصنعت لنا فوبيا مخيفة في الخروج عنها . أطرت نفسها بإطار الدين وتعمدت بمياه وضوءه ولكنها ما فتأت ان خرجت عن اصل الدين الذي بني على الحب والتسامح والألفة ، وبنت المدونة نفسها على الكراهية والاقصاء ونبذ الاخر .
اي مدونة تلك التي ممكن الركون اليها في معرفة الحقيقة وبناء تصور عن الله والكون والحياة وهي تخالف مبادئ الله في اصل الوجود المبني على الحب .
ان الله يوجد حيث يوجد الحب ويفتقد حيث يفتقد الحب .
فلربما لانجده في قلب مصلي او في باحة مسجد او قصر من قصور العبادة ولكن نجد الله حيث القلوب النقية الميالة الى الحب والتسامح والمحبة .
فلا المدونة التراثية بمقدورها ان تمنحنا القدرة على معرفة الحقيقة ولا يمكن لنا ان ندعي اكتسابها انما هو الوهم الفكري الذي اصابنا جراء الركون المتحجر لتلك المنظومة المكتوبة بقصدية والتي ساقتنا بعقل ملوث بروايات مصنوعة مزعومة فتوهمنا انها طريقنا الى النجاة .
لقد شكلت المدونة التاريخية سلطة على العقل وساقته صوب ما تريد أن تضع فيه اتباعها ؛ محاولة ترسيخ فكرة الأفضلية على الآخر المختلف فهي وحدها تمتلك المعرفة بالحقيقة التي يفتقدها الآخر .. أما لقصر في قدرته على الوصول إليها أو لان قراءته للنص المقدس قراءة تأويلية خاطئة ؛ أو لأنه يؤمن بتلك النصوص المبتدعة التي شوهة لديه الحقيقة . فالاخر متهم باستمرار في صورته ووعيه داخل تلك المدونة التي لا تقبل إلا أن تكون هي الحقيقة دون سواها .

إرسال تعليق

0 تعليقات