عم قدرى

مشاهدات


 

سيد عبد العال سيد
                   
في ليلة من ليالي الشتاء تتسحب إلي غرفته ذرات الهواء البارد كي تسكن الحوائط القديمة التي تبث الصقيع إلي فراشه الممزق، متقلباً يميناًو يساراً من شدة الأرق فيستيقظ قدري مبكراً.. يرتدي بزلتهُ الرمادية المدون عليها في الجيب الأمامي (شركة السكر).. تناول كوباً من الشاي في عجل كي يتوجه إلي مكتب الحركة بالشركة قبل أن ينتهي من شرب الشاي قالت زوجته: متى ستشتري لنا التليفزيون ؟ ..في القريب ..أحضرتْ له بعض أرغفة العيش الشمسي ..علي الفور خرج من المنزل مبحراً في نهر صومعته التي لا يستطيع من خلالها الوصول إلي الشاطئ ظل يصارع أمواجه حتى وصل إلي فناء القاطرات باحثاً عن مساعده (القطرجي) رآهُ ماسكاً فوطته التي ينظف بها الأتربة المتطايرة علي الزجاج الأمامي ملقياً عليه الصباح .. رد بهدوء لقد تأخرتُ عن الميعاد.. لم تغمض عيناي هذه الليلة ..لماذا ؟!..متطلبات الحياة كثيرة.. وضعتُ جوال السكر في مكانه؟ .. نعم.. بين الموتور وخزان الجاز ..قبل أن يصعد قدري سلم القاطرة اطمأن علي بطارية الشحن ،أرتشف كوباً من عرق البلح ثم أدارَ مفتاح التشغيل في الكونتاك محركاً عجلة القيادة إلي الأمام قليلاً.. فقام المساعد بجمع عشرين عربة فوارغ موزعة علي القضبان ماسكاً بعضها بالسلاسل الحديدية متجهاً بالقاطرة إلي قرية الخريت ..يري بعض الفلاحين وهم واقفون بجوار القضبان ينتظرون استلام تخصيصه العربات لكن بعضهم يغمز في يد قدري عشرة جنيهات ثم امتلأت العربات بعيدان القصب صاعدين أعلاها للجلوس علي العيدان مترقبين سير القاطرة.. عند عبور قطيع من الخراف علي القضبان فوجئ قدري بالخراف أمامه ضاغطاً علي يد الفرملة للوقوف سريعاً ..انزلقتْ عجلة القيادة الأمامية عن القضبان مغرقاً العربات في ترعة الرياح تاركاً عهدته ..أعلن عم الشيخ عبد السلام في الميكرفون أن خروج جنازات الشباب من الجامع الكبير ..تجمهر أهالي القرية في ساحة مكتب الحركة يهتفون بصوت عال ..امسك ..امسك .. قاتل أبنائنا في يدهم العصي.. بينما هو جالس في مخبئه يأكل العيش الشمسي بهدوء…




إرسال تعليق

0 تعليقات