الذكرى 500 لمولد الإمبريالية الغربية الذكرى المنسية

مشاهدات



مراسل الآثار ديفيد كيز يتأمل كيف يكشف المؤرخون و علماء الآثار القصة الحقيقية لإحتلال إسبانيا للأزتيك



ترجمة: لؤي الدوري 


منسية من قِبَل معظم العالم, الذكرى الخمسمائة لواحدة من أتعس و أحزن أحداث التأريخ الإنساني

تصادف في هذا الشهر – أول إحتلال أوروبي ضخم على أرض أميركا.

حتى ذلك الوقت, معظم الحملات العسكرية (في ذلك الوقت, بصور ٍة خاصة الإسبانية) في العالم الجديد كانت محدودة على جزر البحر الكاريبي.

و لكن في آب 0250, قام جيش صغير من مجموعة من الجنود الإسبان الأحرار الذين يدعون بأنهم يعملون بإسم ملك إسبانيا, إستولوا على إمبراطورية الآزتيك المكسيكية بحمام دماء هائل و معاناة كبيرة.

فقط بعد الإكتشافات الحديثة, إستطاع علماء المكسيك, الولايات المتحدة, كندا و بريطانيا و جامعات أخرى, إستطاع علماء التأريخ و الآثار أن ينجحوا للمرة الأولى بالتعرف بصور ٍة أوضح على حقيقة ما

جرى – خاصةً الدور المهم الذي لعبه الناس الذين لم يكونوا من الآزتيك في عملية الإحتلال

سقوط إمبراطورية الآزتيك كان أول عملية إحتلال عسكري أوروبي في شمال, و سط أو جنوب أميركا, و مهد الطريق لإستيلاء الإسبان و بقية الإحتلالات الأوروبية على معظم العالم الجديد من سكانه الأصليين. بصور ٍة أخرى, فأن آب 0250 أشر بداية الإمبريالية الغربية بشك ٍل واسع.


الأحداث أدت أيضاً الى الإنهيار السياسي التام لكل الحضارات المؤيدة لأوروبا في الجانب الغربي من الكرة الأرضية – و الى إحتلال إسباني لأجزاء كبيرة من آسيا.

هدم حضارة الآزتيك في آب 0250م بدل تاريخ العالم بعمق أكثر من أي حدث تأريخي كبير – لكن الذكرى ال 211 قد أهملت من معظم دول العالم.

الإحتفالات بالذكرى في المكسيك محصورةً بصور ٍة رئيسية الى المحاضرات و المؤتمرات الجامعية و أحداث قليلة و إعادة بناء و تمثيل في المواقع الأثرية و المتاحف.

و في إسبانيا نفسها, ليس هناك من خطط لأحداث كبيرة – و, بالواقع فأن الحكومة الإسبانية كانت قد

رفضت إقتراحا مكسيكيا بأن إسبانيا يجب أن تعتذر على هدمها الحضارة المكسيكية القديمة.

في بريطانيا, الإحتفالات بالذكرى محدودة بالمؤتمرات على شبكة الإنترنيت (أونلاين) تنظمها جامعة

نوتنغهام ترينت, و أونلاين محاضرة نُظمت من قبل السفارة المكسيكية و جامعة الملوك في لندن و ِ

سلسلة من ال ُخطب و المحاضرات نُظمت مسبقاً هذا الصيف من قبَل المتحف البريطانــــــــي. ِِِ

"الإحتلال الإسباني للمكسيك في 0250 كان أكثر الأحداث عنفاً في تأريخ الإنسانية," تقول الآثارية المكسيكية, البروفسورة إليزابيث باكويدانو من الكلية الجامعية في لندن.

الإحتلال أدى الى قرون من المعاناة لعشرات الملايين من الناس. و بذلك, فأنه كان حدثاً كان هناك القليل من الأحداث المساوية له.

الجنود الإسبان, بقيادة أحد النبلاء الإسبان الغير معروفين إسمه هيرمان كورتيس, قاموا بإحتلال المكسيك, بدون تخطي ٍط مسبق, في العام 0201م. بعدها بسنتين من الأحداث الدبلوماسية و العسكرية, إستطاعوا أخيراً السيطرة على عاصمة الأزتيك (تينوجيتيتلان, الآن هي العاصمة الحديثة مكسيكو سيتي) في الثالث عشر من آب 0250 (52 آب في التقويم الغريغوري الحديث).

الآن, يقدر أن إحتلال المدينة, في ذلك الوقت كانت واحدة من أكبر المدن في العالم, تضمن ذبح ما بين 21,111 و 011,111 من الآزتك مدنيين و عسكريين – و كانت, حسب التقديرات الحديثة, قد إعتُبرت من قبل الكثيرين محاولة تطهير عرقي.

في حادث واحد في وقت الإحتلال الإسباني للإمبراطورية, مئات من المحاربين الآزتك الغير المسلحين و النبلاء تم إعتقالهم في معتقلات و تم قتلهم بشك ٍل ممنهج

و في حادث ٍة أخرى, تم تعذيب إمبراطور الآزتك الأخير من قبل الإسبان كي يعلموا أين هو ذهب الإمبراطورية مخبأ.

"تمت سرقة كنوز الذهب من قبل الإسبان و تمت إذابتها الى سبائك ذهبية, و تم شحنها الى إسبانيا," يقول البروفسور باكويدانو, الخبيرة حول الآزتك.


بعد إحتلال إمبراطورية الآزتك, إسبانيا قامت بهدم الأبنية الحكومية الرئيسية – و ديانة الآزتك إحتلال المكسيك في 0250 إدى في جزئياً, الى الإحتلال الإسباني لمعظم وسط و جنوب أميركا.

السلطات الإسبانية الجديدة في تينوجتيتلان (مدينة مكسيكو) في البداية أمرت بإحتلال ما يُعرف بأمم وسط أميركا مثل غواتيمالا, هندوراس و السلفادور.

بعض الضباط الإسبان الضالعين بإحتلال المكسيك, بعدها إحتلوا شمال شرق أميركا الجنوبية (ما يعرف الآن ب فنزويلا).

آخرين من الضالعين بإحتلال إمبراطورية اللآزتك المكسيكية, ذهبوا و إحتلوا إمبراطورية الأنكـــــا (بيرو ألخ).


الإحتلال الإسباني للمكسيك أيضا مكنها من إحتلال أجزاء كبيرة من الأطلسي و أجزاء من آسيا.

الجيوش الإسبانية من أصل مكسيكي و البعثات الإستكشافية إحتلت الفلبين ما بين 0252 و 0255, و بالنتيجة مئات الجزر في المحيط الأطلسي, و أيضاً لفتر ٍة قليلة, أجزاء صغيرة من الصين و أندونيسيا.


السيطرة على المكسيك ايضا مكن إسبانيا من السيطرة على ما يُعرف الآن بولايات كاليفورنيا, نيو

مكسيكو و تكساس.

في المكسيك بنفسها, الإسبان أسسوا نظام من العمالة المجبرة غير مدفوعة الأجور (شكل من أشكال العبودية) – و اخذوا هذا النظام الى الفلبين و اماكن أخرى. الأبحاث الحديثة (بصورة رئيسية جامعة كاليفورنيا و في جامعة ولاية بنسلفانيا) كشفت أن (بإستغلال ثغرة في القانون الإسباني) و ايضاً أسسوا نظام تهريب البشر بإنشاء العبودية الجنسية – بإستعباد عشرات الآلاف من المكسيكان الأصليين و عن قصد بإستغلال البنات القاصرات و البنات بأعمار المراهقة. الذكور ببساطة كانوا يقتلون.

"القمع و الإفقار المتعمد التي تضمنها النظام المؤ َسس جراء إستعباد العمالة للمناطق الفقيرة من

المكسيك و المناطق المحتلة الأخرى بالنسبة للسكان الأصليين لا تزال مستمرة اليوم, " يقول أحد الخبراء الدوليين في الإحتلال الإسباني للمكسيك, البروفسور ماثيو ريستال المدير العام لدراسات أميركا اللاتينية في جامعة ولاية بنسلفانيا.

حوالي 01% من سكان المكسيكو الأصليين لا يزالون يعيشون في الفقر, مقارنةً بحوالي 21% من السكان الغير أصليين. خمسمئة سنة بعد الإحتلال الإسباني, لا يزالون لا يمتلكون المقدرة على شراء الأراضي, و الحصول على الدراسة و الوظائف الجيدة, بالإضافة الى أن إمكانية حصولهم على الرعاية الصحية هو ضعيف.

عموماً, فأن لمدة 51 بالمئة من تأريخ المكسيك ما بعد الإحتلال, حوالي 11% من الأراضي الزراعية

كانت مملوكة من ِقبَل أقل من 0% من السكان (بصور ٍة خاصة كبار الشخصيات الإسبانية و العوائل

التي إستحدثها الإستعمار).

بتلك الشروط, تم إستحداث أتعس الأنظمة السياسية القمعية في آب 0250, بعض الجوانب الإجتماعية و الإقتصادية الباقية و التي تديم الفُقر لهذا اليوم.

مع ذلك, و مع أن الإسبانيين هم الذين إحتلوا حضارات الآزتك و المايا و الإنكا, لم يكونوا ليستطيعوا

عمل ذلك بتلك السرعة ما لم يطوروا نظاما معقدا من سياسة "فرق تسد".

"في كل الإحتلالات الثلاثة, إستفاد القادة الإسبان من التجاذبات الجغرافوسياسية و إستعملوها بشكل منهجي من أجل المساعدة بإسقاط الملكيات و الإمبراطوريات المحلية, لكي تستطيع إسبانيا فرض السيطرة," يقول البروفيسور ريستال, المؤلف الثاني للكتاب المفتاح حول الإحتلالات الإسبانية, الفاتحون.

بمثل ذلك, فأن الحكومات المحلية من النخبة في المكسيك المسنودة من قبل الإسبان, في وسط أميركا و الجزء الغربي من أميركا الجنوبية قد زرعوا البذور من اجل هدمهم – بأن خلقوا كراهية جغرافوسياسية و عداوات إستطاع الإسبان حينها أن يستغلوها.


لكن النظام الجديد, تم فرضه من قبل المستعمرين الأوربيين, كان بالنهاية أكثر قمعيةً بالنسبة لللمواطنين الهنود الأميركان عنه الى الآزتيك, المايا و الإنكـــــا لأن ال ُمبـتغى الإقتصادي الإسباني

كان هو إستغلال (عملياً, إستعباد) السكان المحليين من أجل أن يستخرجوا كل ما يُمكنهم من المعادن و كل ما هو ثمين للشحن الى إسبانيا.

على الرغم من أن إحتلال المكسيك 0250 لم يتم إستذكاره (الإحتفاء به), فأن الإستكشافات الآثارية الحديثة قد سلطت الضوء على ذلك الحدث التأريخي البالــغ الأهميـــة.

"الحرب الإسبانية – الأزتيكية 0201 – 0250, كانت إحدى أهم التقاطعات في التأريخ البشري – و, منذ الإحتلال الذي قام به كورتيز, فأنها كانت قصة تتم تلاوتها بصور ٍة رئيسية من خلال النصوص


التأريخية الغير تالفة. و مع ذلك, فأن الإستكشافات الآثارية الحديثة تحول فهمنا عنها – بخاصةً الدور المركزي الذي لعبه حلفاء كورتيز من السكان الأصليين," يقول أحد أهم الخبراء عن الإستعمار, الآثاري من جامعة بوستن, البروفسور ديفيد كارباللو, مؤلف "تصادم العوالم".

الإستكشافات في تلاكسكالا – إحدى المدن الرئيسية في المكسيك التي تحالفت مع الإسبان – من قبل

الآثاريين المكسيكيين قد كشفت أنها كانت أكبر بكثير, و أكثر توحدا و أكثر تأثير سياسيا مما كان يُعتقد

في السابق. البحث هناك أيضاً يساعد بتوضيح لماذا كان سكان تلاكسكالا راغبين بالتحالف مع إسبانيا.

المعطيات من ما إستُخرج في الإستكشافات تقترح أنه على العكس من الأزتيك, فأن تلاكسكالا كانت أكثر إنفتاحا و أقل تدينا و أقل إستبدادا. كانوا مثل الأثينيين (سكان أثينا, اليونان) في أميركا الوسطى

على العكس من الأزتيك الذين كانوا محاربين ذو ثقافة مثل السبرطيين (سكان سبرطا, اليونان).

المعطيات المستخلصة من الإستكشافات تبين أن تلاكسكالا كانت تحاول جاهدةً أن تقاوم سيطرة الأزتيك العسكرية, حتى قبل وصول الإسبان.

إكتشافات آثارية حديثة أخرى أيضاً, و للمرة الأولى نجحت بالتعرف على بعض سرقات الذهب التي تم الإستيلاء عليها و إذابتها من قبل القادة الإسبان. التحليل بإضاءة أشعة إكس على سبيكتي ذهب (كيلوغرام واحد لك ٍل منهما) وجدت مدفونةً على عمق خمسة أمتار تحت مدينة المكسيك سيتي بينت أنه تمت صناعتهم من ذهب الأزتك المذاب. على الأغلب أنه مؤكد بأنهم سقطوا عندما كانت القوات الإسبانية تحاول نقل كميات هائلة من الذهب من تينوتشتيتلان(عاصمة الأزتك - مكسيكو سيتي اليوم).


الحفريات الآثارية نجحت أيضاً بالعثور على مراسي السفن الإسبانية التي إستعملها كورتيز لنقل

جيشه الصغير من المستعمرة الإسبانية كوبـــا الى المكسيك.

و لكن الأكثر قبحـــا من أي إستكشافات في أعمال الحفريات الحديثة كان إكتشاف الكثير من العظام

البشرية قرب تينوتشتيتلان, شبه مؤكد أنها من تضحيات إنسانية. الدراسات كشفت أن بعض تلك العظام كانت تعود للجنود الإسبان – ما يُثبت أن الإحتلال الذي قام به كورتيز للإمبراطورية الآزتــك, على إنتصاره الوحشي بالنهاية, لم يكن على الدوام يسير حسب إرادة الإسبان.

و هنـــــاك أكثر, فأن التحليلات التفصيلية الحديثة للأدلة التأريخية (قامت بها في روتغيرس و جامعة ولاية بنسلفانيا و الجامعة الوطنية المكسيكية) أدت الى إعادة تقييم الإحتلال الإسباني ذاته.

الإعتقادات السائدة كانت على الدوام تصور لنا أنه كان إنتصارا عسكريا جبارا – من قبل "عدة

مئات" من الجنود الإسبان (على الرغم من تسلحهم بالمدافع و الأسلحة المعدنية) هزموا القوة الجبارة لإمبراطورية الآزتك. الحقيقة التي ظهرت حديثاً بشك ٍل ما مختلفة. بدلا من كونها إنجازا عسكريا إسبانيا (من قبل 2111 من الجنود الإسبانيين), فأنه ينظر له كإنتصار

للدبلوماسية الإسبانية. كورتيز نجح فقط كونه ركز على الإنتصار بمساعدة الكثير من المدن المكسيكية التي كانت تتطلع لمساعدة الإسبان للتخلص من الإمبراطورية. كحقيقة, كان 12% من قوة كورتيز العسكرية من الحلفاء سكان المكسيك الأصليين. بالإضافة, فأن البحوث الحديثة سلطت الضوء على الأهمية المركزية ل لامالينتشة (مترجمة و عشيقة كورتيز) التي ساعدت لتكوين تلك التحالفات المحلية.

لهؤلاء الحلفاء الذين تعاونوا مع الإسبان, كان هذا مثل إنتصار بيررك (الملك بيررك من بيروس هذا

إنتصر على الرومان في معركة أسكوللوم سنة 501 قبل الميلاد و خرج بجيش مدمر تماماً, ما أجبره على التخلي عن حملته). السيطرة الإسبانية أنهت عصرا ذهبيا من نمط الحياة المرتفع نسبيا بالنسبة للسكان الإعتياديين في وسط أميركا: حضارة عهد اللآزتيك في المكسيك و في وسط أميركا كان لديها نظام ري ف ّعـــال جداً و نظام تجهيزات غذائية حكومي, قنوات مائية توفر ما ًء نظيفاً و طازجاً, و نظام مجاري صحية فعــّــال, و نظام صحي عالي الدرجة, و تنظيم مدن رائع (بضمنه مدن مليئة بالحدائق عالية الخضرة), و مستوى أمراض منخفض – و درجة عالية من حقوق الإنسان (بضمنها حقوق النساء) أكثر بكثير مما حصل تحت الإستعمار الإسبانــــــي.



المصدر:


https://www.independent.co.uk/news/science/archaeology/aztec-mexico-spain-slavery-incas-b1901435.html


إرسال تعليق

0 تعليقات