حسن راسم محمد
"نرى كثيرا في واقعنا الاجتماعي ونستمع ونناقش أيضا عدد ممن يحملون الشهادات العليا وممن لديهم مستويات والقاب علمية فخمة جدا وأثناء الحوار مع هذه النماذج نخرج دائما بنتائج مابين السلبية المحزنة والتي تزيد من القنوط والخيبة في ذواتنا جدا ومابين الايجابية التي تقلب نظرتنا من السلب الى الايجاب ومن اليأس الى التفائل ومن الظلام الى النور لما يمتلك الصنفان من صفات قد تكون بنائة أو هدامة"إن هذا المقال سيتناول بمشيئة الله الصنفان بشكل أكثر إستقرائا ووضوحا وسلاسة في الطرح والمعنى والمستمد من الواقع الذي نحن جزأ منه ومن خلال معاملاتنا المباشرة التي تجعلنا نعرف الحقائق وندركها جيدا لهذه الاصناف"
"إن الصنف الأول من هذه النماذج هو الصنف الإيجابي (العلمي-الاخلاقي) والذي يتميز بكل الصفات الحميدة والجيدة والتي تعلوا وتسمو به دوما في القمم من صفات الوقار والحنكة والحلم والتواضع والسلوك الجميل والتعامل السهل والقول اللين والفهم العميق لمجريات الواقع العلمي والاجتماعي الذي يعيش فيه محاولا الربط بين المنظومة العلمية والمنظومة الاخلاقية واللذان يستهدفان الانسان بصورة مطلقة وذالك لأن الأنسان هو المحور الذي ترتكز عليه كل العلوم وكل الاخلاق وكل المعاملات"فالأنسان المتعلم والواعي والمثقف والذي يمتلك من النضج العقلي والفكري والأفكاري تجده دائما يترجم ما تعلمه من علوم شتى الى ثقافة سلوك وثقافة أخلاق في تعامله المباشر مع ابناء مجتمعه مرتكزا على قاعدة متينة وقوية تكون شخصيته وعقله وهي أنه مهما وصل الأنسان من التقدم الفكري والمعرفي سيبقى قطرة في بحر وسيبقى إبرة في كومة قش وسيبقى نجما في فضاء مفتوح وذالك ليقينه القاطع للريب بأن فوق كل ذي علم عليم وفوق كل صاحب معرفة هو من أعرف منه وأعظم وأجل لذالك تجده دائما لم يتصف بصفة الغرور والتي تجعل الشخص مصاب بالعمى تجاه أخلاق الناس ومحاسنهم وعلمهم الوفير لكن فيما يخصه تجده ذو بصيرة عميقة بمحاسن نفسه ناظرا لنفسه نظرة الانسان البطل والقدوة الذي يجب ان يتعلم الآخرون منه وان غاب خليت الساحة وفرغت بدونه""إن الأنسان المتعلم ينظر الى الاخلاق هي القاعدة الاساسية في بناء شخصيته ووصوله لمرحلة المجد والعلا وأن هذه القاعدة هي التي تجعله مستمرا في العطاء وفي خدمة المجتمع وتقدمه والتي ستكمل عليه لذة الفرح والسرور بجانب لذة المعرفة"
"وكما قال الشاعر في أبياته العظيمة بحروفها ومعناها في تعظيم شأن الخلق والسلوك الحسن"
"إنما الاخلاق روح"
"لجمال لا يروح"
"أدب الأنسان عطر"
"في الورى دوما يفوح"
"كل من يزهو بحسن"
"دون أخلاق قبيح"
"إن من يحيا خلوقا"
"ذاك ياصاح المليح"
"أما الصنف الثاني وهو الصنف السلبي والذي تجده دائما متصف بكل الصفات التي لا تقبلها قواعد العلم او قواعد الاخلاق والمعاملات فتجده دائما إنسانا غليظ في المعاملة،فض القلب،متغطرس في العقل،سيء الكلام،وبذيئ اللسان،جاهلا بكل معايير الحوار الهادئ والهادف محاولا إثبات الرأي الشخصي له وفرضه على الآخرين وإن كان الآخرين يرونه غير صحيحا"متصفا بجنون العظمة التي تجعله متكبرا وأنانيا يرى الناس بعين التقليل والتنقيص مستهزأ بهم إن لم يكن ظاهريا فداخليا بما يرونه او يطرحونه من آراء وأفكار ورؤى حول قضية معينة او موضوع آخر يختلفون معه في وجهة النظر او الرأي"ولا يمكن المقارنة بين إنسان متعلم ذو خلق رفيع وذو قيم نبيلة،وبين إنسان متعلم لا يعرف من الأخلاق الحسنة شيئا،وشتان مابين الثرى والثريا"
وكما قال الشاعر الكبير أحمد شوقي في أحد ابياته الشعرية
"وإنما الأمم الأخلاق مابقيت"
"فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا"
من خلال ذالك ترى العلاقة الكبيرة بين الاخلاق والعلم،فالأمم مهما تقدمت وازدهرت ونمت في علومها لا بد أن يكون هناك شيء يثبت أسسها ويقوي عزيمتها وشوكتها الأ وهو التقدم الاخلاقي والقيمي مع التقدم الحضاري والتكنلوجي فلا يمكن أن يزدهر ويستمر شيء بدون تكملة النصف الآخر له"
"إننا لا ننكر ولا نستغفل القيمة العلمية والمعرفية للأمم والأجيال في تقدمها ومواكبتها للحضارة وشروط النهضة التنكلوجية والسياسية والاجتماعية وفي كافة المفاصل فالأمة الجاهلة هي تلك الأمة التي بنيت على أسس ضعيفة وأسس منهكة وستهدم وتنهار في يوم من الأيام وستكون في ضعف وهوان مستمر ولن ترى النور مهما وصل الزمن من برهة،لكن في المقابل نرى بأن الشيء بالشيء يقوى ويثبت فكيف للشجرة أن تنمو وتنضج إن لم يكن لها من مقومات العيش الاساسية من الماء والمغذيات الأخرى التي تساعدها في النضج والإثمار،نحن نرى بأن التقدم العلمي لابد ان يكون منوطا به تقدم أخلاقي لك يكون هذا التقدم مؤثرا ومحفزا لصعود السلم الحضاري والثقاقي،فالأخلاق كالأرض الجيدة والعلم كالجذور إن عاشت الجذور في أرض خصبة نمت من الداخل ثم ازدهرت في شكلها من الخارج ثم أثمرت فأبهرت الناظرين وأسعدت القلوب والنفوس"فلا بد ان تغرس كل معاني الخلق الرفيع في عقول الذين يمتلكون اسس العلم والمعرفة من أجل بناء الأمم والاجيال حضاريا لا هدمها فالقدوة عندما يسيء يجعل المريدين له في خيبة وفي تعاسة لا تعقبها سعادة وعندما يحسن ستكون النتائج والثمار في أسمى وأبهى صورها على المستوى الفكري او الواقعي"
0 تعليقات