خناجر في جرف الصخر

مشاهدات

 



وسام رشيد


جرف الصخر مدينة عراقية صغيرة تقع الى الجنوب الغربي من بغداد على بعد 60 كم، وشمال مدينة المسَيبْ التابعة لمحافظة بابل، وبمساحة 50كم مربع ويسكنها(قبل العمليات العسكرية التي جرت بها)حوالي40 ألف مواطن، غالبيتهم يمتهنون الزراعة، وشهدت هذه المدينة أحداثاً دامية لسنوات طويلة تحولت خلالها المدينة الى منطقة عمليات لقوى ارهابية انشأت فيها قواعد لإنطلاقها نحو بغداد والحلة وكربلاء الى ان بدأت عمليات التحرير عام 2015 وسيطرة القوات الحكومية من جيش وشرطة اتحادية وحشد شعبي على كامل مساحتها وتصفية جيوبها المتشعبة والمتصلة بسلسلة بحيرات كانت تشكل ممرات للامدادات والتموين وتعزيز التحصينات للقوات الارهابية المنهزمة.


وخلال تلك العمليات كانت المدينة قد خلت من سكانها تماماً ولم يعودوا لها الى الان لاسباب مختلفة وأهمها وهو المعلن هواجس أمنية تتعلق بطبيعة السكان أنفسهم.


وفي حديث تلفزيوني لرئيس مجلس النواب العراقي قبل أيام مع قناة الرشيد قال إن هناك نوايا طيبة للسماح بعودة النازحين لكنها اصطدمت بعقبات منها تصنيف سكانها لثلاث فئات:

الأولى: هم مواطنون ممكن ان يعودوا الى مركز المدينة بعد اجراءات وموافقات امنية معينة.

الثانية:هذه الفئة ممكن اعادتها بعد اشهر لسبب تأهيل مناطقهم.

الثالثة:الفئة الاكبر لا تعود ويتم تعويض اهلها بأراضي في مكانات اخرى وهو تغييراً ديمغرافياً للسكان هناك كما وصفه الحلبوسي في المقابلة رافضاً في الوقت ذاته الحديث عن ذلك مطلقاً، كما وأشار أن هذه المسألة أصبحت مادة للمزايدات الانتخابية لبعض الكتل والشخصيات التي تستثمر عودة النازحين اعلامياً.


وفي خرق آخر لسيادة العراق ناقش الشيخ خميس الخنجر في لقائه مع وزير خارجية جمهورية ايران الاسلامية في بغداد ملف جرف الصخر وعودة النازحين في توظيف ساذج لهذه الأزمة، اذ وعَد الاخير بحلها في وقت قريب ووصفها بالانسانية.

والواضح ان الخنجر قد سخر لصالحه الانتخابي دون حسابات سياسية وقراءة مستقبلية للوضع العراقي برمته دون تجزئة الازمة، فمشكلة جرف الصخر لا تنفصل عن مشاكل البلد الاخرى في ديالى والكوت وكركوك والموصل، وإن آلية الحل في جرف الصخر ممكن أن تستنسخ لمناطق اخرى في العراق واذا لم تكن تلك الآلية موافقة لمبدأ حقوق المواطنة والعدالة الاجتماعية فانها قد تنسحب لمناطق اخرى تعاني من مشاكل اثنية او قومية او عرقية بفعل سياسي او ديني او طائفي.

لذا فان أي حل لعودة النازحين في جرف الصخر يجب أن لا يكون فاتحة لأزمات في مناطق اخرى، والتشديد أن يكون ضمن اطار وطني عادل تستوفى فيه مستلزمات وحقوق المواطنة، والمناطق المرتبطة بها جغرافياً، وبعد التمييز قضائياً بين من أساء وفسح المجال لخلايا الذبح والتفجير من التنظيمات الارهابية وبين من كان أسيراً لا يقوى على ان يتخذ موقفاً بالضد من التصرفات الاجرامية التي كان الهدف الرئيس منها ضرب الاستقرار والنيل من وحدة وسلامة المجتمع العراقي.

الحل ليس في عودة سياسية وانتخابية للنازحين تخلف خناجر مسمومة قد تتسبب في ازمات سرعان ما ستظهر بعد انتهاء الحملات الانتخابية وعودة التعقل السياسي في النظرة الى الأزمات بعد غياب قسري نتيجة طموح انتخابي يجرف الصخر ويستخلف خناجر. 


مواقع التواصل الاجتماعي في العراق اصبحت محطة يدوّن فيها المواطنون آرائهم ويسجلون فيها اعتراضاتهم وربما سخريتهم وغضبهم من تسخير كل مشاكل البلاد للكسب الانتخابي القادم على حساب مستقبل بناء هذا البلد والتماهي مع استكمال اصول المشروع الوطني المزعوم منذ اعوام طويلة، حيث صرفت عليه اموال ضخمة لو انها سخرت لخدمة النازحين لكانت مصداقاً لثقتنا ببرائة هذه الدعوات التي عجت بها المواقع الالكترونية واشبعتها تشكيكاً وسخرية.

إرسال تعليق

0 تعليقات