عبد الجبار الجبوري
التصعيد الأمريكي العسكري في العراق،وسوريا،له تداعياته وانعكاساته على منطقة الشرق الأوسط بأكملها،يقابل هذا التصعيد فشل في الدبلوماسية الامريكية في إحتواء إيران في مؤتمر فيينا،والإصرار على فرض شروطها على النظام الإيراني وإخضاعه، للتوقيع على الاتفاق النووي بطبعته الجديدة،من خلال الضغط العسكري والدبلوماسي،وماجرى على الحدود العراقية –السورية من قصف امريكي على مستودعات ومعسكرات الفصائل الولائية ،هو أحد أدوات الضغط الامريكي- الاوروبي على مؤتمر فيينا،والثاني الردّ والضغط الأمريكي الآخر، جاء على لسان الرئيس بايدن نفسه، حينما قال( بأن إيران سوف لن تحصل على اسلحة نووية وأنا في السلطة)، مما إستفزّ الجانب الإيراني، فقام بمنع مفتشي منظمة الطاقة الذرية الدولية، من دخول المفاعلات النووية الايرانية في نطنز، وطرد المفتشين من إيران، تماماً كما حصل في العراق قبل الإحتلال البغيض قبل الغزو بأسابيع، فهل يتكرر السيناريو الامريكي الثاني في العراق،هناك في الحقيقة سيناريوهان، الأول هو السيناريو الافغاني ،الذي نفذته ادارة بايدن في افغانستان وإنسحبت ،وتركت الباب مفتوحاً لطالبان ،من العودة الى السيطرة على المدن الافغانية،وهذه كارثة مفتوحة لحرب أهلية افغانية،أما السيناريو الآخر فهو السيناريو الحوثي،الذي تدعمه طهران ،وتنفذّه أحزابها وأذرعها في السلطة،وتصرّ على طرد وإخراج أمريكا وعملائها من العراق ،وغلق معسكراتها وقواعدها العسكرية فيه،مستندة الى قرار البرلمان العراقي الأحادي الجانب في التصويت،إذن العراقيون أمام خيارين أ،حلاهما أمرّ من الآخر،هما السيناريو الامريكي- الأفغاني، أوالسيناريو الحوثي -اليمني،والشعب العراقي ينتظر أحد الخيارين،وهو غارق في الفوضى والصراع السياسي،وحكومة الكاظمي،أمام تحديات كبرى،وأزمات كبرى، لايمكن لها أن تخرج منها سالمة،وأولى هذه التحديات ،هي الإنتخابات المصيرية ،التي ستنطلق في تشرين أول المقبل،وهي إنتخابات ستحدّد مصير الأحزاب الفاسدة والفاشلة ،وإقصائها عن السلطة إنْ جرت بنزاهة وعدالة ،وإبعاد السلاح المنفلت عنها، وهذا أخطر ماتعاني وتخشى منه، إيران وأحزاب السلطة، ولهذا تريد تأجيلها،أو تعمل على تزويرها ،بأية طريقة كانت،حتى ولو بإستخدام الخطف والاغتيالات والتزوير ،والتهديد والترهيب، كما حصلت في الانتخابات السابقة،إما التحديات الأخرى فهي ليست أقل خطراً على حكومة الكاظمي وإنما هي عصي تعيق حركة الحكومة ،مثل أزمة الكهرباء، وأزمة كورنا، وأزمة السلاح المنفلت (اللادولة)،وتهديده للدولة، ومحاولة أخذ دورها في السلطة، والقرارات المصيرية ، مستندة على دعمها الخارجي وتنفيذ مشاريع سياسية ودينية خارجية إقليمية، وهذه كلها معرقلات واخطار تهدد الحكومة وعملها في تنفيذ برنامجها الاصلاحي، كما تريده ثورة شباب تشرين الغاضبة،في حين يشكل السيناريو الحوثي – اليمني، خطراً آخر ليس هو أقل من خطر السيناريو الأول،وهو سيدخل العراق في حرب اهلية مفتوحة مع مكونات شعب العراق وأقلياته، بل يهدد بتقسيم العراق الاكيد، وتحويله الى دويلات وأمراء طوائف، يكون الخاسر الأكبر منه، الشعب العراقي بكل مكونّاته، في حين يكون الرابح الأكبر، هم الأحزاب الطائفية، الولائية ،التي لايهمها سوى الخضوع والانبطاح لأجندات إقليمية ودولية،وسرقة ونهب ثروات الشعب العراقي،وهذه طامة كبرى، وكارثة كبرى ،وهو السيناريو الأسوأ ،الذي يخشاه العراقيون، بكل قومياتهم وأطيافهم،لهذا صرنا نسمع نغمة( الإقليم السني) ، تعود ثانية على ألسن البعض من السياسيين،وهي تمهيد لإعلان الاقليم، الذي دفعت الاحزاب الطائفية لل(القوى السنية )دفعاً وإضطراراً،إشباعاً لرغبتها في الإستحواذ على السلطة وتفردها بها، تحت نظام المحاصصة الطائفية القميء،لهذا نحن نرى بنظرة سوداوية الى الاوضاع السيئة، وفشل الأداء الحكومي، وإستشراء الفساد اللامحدود،في السلطة، وتنمر السلاح المنفلّت،وسيطرته على مفاصل الدولة وقراراتها،دون رادع أو معالجة،جعل من العراق ، دولة فاشلة، ويسمّيها الآخرون (اللادولة)، وهذا أقسى مايعاني منه شعب العراق ،أن مستقبله من امن وإستقرار يهددّه السلاح المنفلّت،والاحزاب الفاسدة،لهذا نعتقد أن المواجهة، الامريكية- الايرانية، حتمية في العراق، لأن كل منهما يعمل لتحقيق مشروعه الاستراتيجي، على ارض العراق،وإنطلاقاً منها،وهذا مايعكس فشل العراق، واحزابه منذ الغزو والاحتلال الى الان بسبب،تبعية هذه الاحزاب ،إما للسياسة والاجندة الامريكية، أو للسياسة والاجندة الايرانية، في غياب المشروع الوطني، والقرار الوطني في المشهد السياسي ، بسبب الصراع المحتدم بين أمريكا وعملائها،من جهة، وإيران وعملائها من جهة أخرى، على قيادة البلاد وتنفيذ اجندة الطرفين،ومانشهده من تصعيد أمريكي ضد ايران، وتلويحها لها بالمواجهة ، وفي المقابل تهديد أذرع ايران في المنطقة ، وقيامها بقصف القواعد والمعسكرات والارتال الامريكية ،هو اعلان حرب بينهما (غير معلنة)، اليوم تتصاعد وبشكل خطير، هذه التلويحات بالحرب العلنية بين الطرفين، بعد ان دخلت مفاوضات فيينا في نفق الفشل،وفشلت امريكا في وقف الحرب في اليمن بسبب تعنت الحوثي بتوجيهات ايرانية، وفشل امريكا بتشكيل حكومة لبنانية، بسبب تدخلات ايران فيها، كما هو الامر في العراق، والصراع القائم بين الدولة واللادولة، ووقوع الكاظمي تحت التأثير والخوف من بطش الفصائل المسلحة وتهديدها له كلما يقدم على خطوة لضبط سلاحها المنفلت،والحوادث التي واجهها معروفة ، رغم سياسة الكاظمي،بمسك العصا من الوسط، أو السياسة التوفيقية ،وإستمالة الآخرين كي لايغضبها، وهي سياسة فشل في إحتواء الفصائل، وترويضّهم، بل العكس هم من إستطاع ترويضه، وإحضاره الى إستعراض الحشد الشعبي ،والاشراف على الإستعراض ولو إعلامياً، ليقول للآخرين، ها أنا اقود الحشد الشعبي وفصائله ،وأنا مَن يضبط إيقاع ،مَن يخرج عن القانون من الفصائل فيه، وهي سياسة يعتقد خاطئاً، إنه سيروّض الفصائل ،ويحيّدها عن القيام بقصف وضرب المصالح الأمريكية،أو يوهم الرأي العام به،وظهرت تصريحات ،ساخنة لأبرزقادة في الحشد الشعبي،هما هادي العامري زعيم كتلة الفتح ومنظمة بدر، وقيس الخزعلي زعيم عصائب أهل الحق،((تطالب أمريكا الرحيل فوراً عن العراق، وإنهاء الهدنة وبدء العمل العسكري ضد التواجد الامريكي))،بمعنى أننا دخلنا من حرب التصريحات ،الى الحرب المفتوحة ،وهذه المرحلة ،هي مرحلة ماقبل إعلان الحرب المفتوحة العلنية مع أمريكا،وهذا يتوقف تماماً على إنسحاب إدارة بايدن ،من مفاوضات مؤتمر فيينا ،كما صرّح وزير الخارجية الأمريكي بلينكين أمس الأول،بعد إنسداد المفاوضات وفشلها ،في التوصل الى توافقات تعيد إيران ،الى الاتفاق النووي كما تريده ،واشنطن والاتحاد الأوروبي، وهذا ماترفضه طهران، وبهذا يمكن القول، أن الفشل في المفاوضات الدبلوماسية، قد يضطر الآخر ،الى الذهاب الى الحلّ العسكري والمواجهة، كما قيامها بقصف الفصائل الولائية على الحدود العراقية السورية،وهو أقرب الإحتمالات كما هي على الأرض تماماً، أي ترجيح فرضية الحرب ، رغم كل المعطيات و(تهديدات إسرائيل المباشرة وإستعدادها للحرب ،وحربها السيبرانية داخل إيران)،هي أقرب الى الواقع الإفتراضي المرتقب،تصريح بايدن كفيل بجعل فرضية الحرب أقرب من غيرها(لن أسمح لإيران بإمتلاك السلاح النووي طالما أنا في السلطة)...فهل إقتربت ساعة المواجهة..؟؟
0 تعليقات