فرح تركي ناصر - بغداد
كتبت هذه الرسالة...
وارسلتها إلى عدد من الصديقات..
لو مت كيف ستعرفين بموتي؟؟
....
أعيش في إحدى أقضية بغداد... منعزلة لان السلام في هذا الوقت يتطلب هذا... لدي صديقات كثر... ولكن هناك بعد مكاني... لنقل عنه أنه كبير... اعترف بأني من أختار هذا البعد فطالما ما كانت المدن وصخبها وجعاً كبيراً يصعب علي مواجهته او مجاراته.. سيبعثر انجازي المتناسق وسعة تركيزي...
ولكن مع المؤاخذة التي وصلتني من فتح سيرة الموت... من الكثيرين لم أتراجع عن صياغة هذا الموضوع كمقال والبث فيه...
لماذا يحزنكم ذكر الموت... اليس هو حق...
لماذا هذه النظرة المكروهة عليه.. وهناك حيوات بائسة تعادل الالاف سكرات الموت...
اليس العيش دون من نحب هو موت اليس الفراق موتاً... الا يعتبر وأد الاحلام وحرقها... اشد من الموت الما
الا نعيش سنوات من النسيان من الاهل والاقارب والأصدقاء...
ولا نبجل او نخطر على بالهم الا حينما يمد الموت يده.. بكرامة ليقتنصنا.. من ذل التهميش والنكران واللاوجود..
أننا نعيش في عالم اللا تواصل اجتماعي...
مكتوم فيه أشعارات الحنين... وكاذبة هي مواصيل الشوق والتفقد... حتى الاخوة.. تناسوا بعض وان تذكروا فهناك حالات نادرة....
ذات مرة.. كتبت في مفكرتي...
سأموت يوماً...
وستفرح جارتي الحسودة
سيذبل الورد في حديقتي...
ستفقدني القطة التي أطعمها..
والكناري الذي أترك له الماء والحنطة
ستبقى طويات كتبي يتيمة في فراغ ماثل
لن يكمل قرائتها بعدي أحد
ومؤلفاتي...
ستبقى ملفات مجهولة في حاسوب مرمي...
كما لو أنها لم تكن جزء مهدور من عمري...
من سيقراها من أهلي سيضحكون...
ما الذي كانت تعنيه المرحومة من هذه القصيدة
وابقى سراً مخفي وضاع..
ولكن مهلاً...
لا أريد ان يقولوا ماتت ام فلان واخت فلان وابنة فلان و زوجة المرحوم فلان
فأنا جل ما اتمنى ان يذكروا أسمي
لحظة....!!! لما لا اقترح نعياً مناسبا لي كما فعل ابي يوما حين كتب قصيدة رثائه وقراها احد اخوتي.. في تشيعه الذي حضره المئات من الوجهاء وشيوخ العشائر...
لكن ما سيعبأ بما اكتب....
اعرف ما سيكون مصير كل أعمالي...
كما اعمال والدي... نفي واستهجان... ورفض لتر النور.. دون ان يجمعها مؤلف وهو الاستاذ والمربي والكاتب
أقسى ما قد يمر على المرء ان يدرك بأن اقرب الناس إليه لا يؤمنون بأفكاره.. لا ينبت الورد على الجبين فخراً حينما يمطرون انبهارا بما أنجز في بالي.. أحياناً.. ما هو رده فعل روحه حينما تزورهم من البرزخ؟؟
ربما كنت محظوظة اكثر من والدي... فهو حقق احلام الناس وقدم لهم الإمان... بظله ولكني ركزت على حلقه صغيرة وكونت اماني الخاص بي
لهذا استحق ان يذكر حجم انانيتي هنا
استحق بان يذكر كم تلميذا علمت الإنكليزية خلال ٢١ عاماً
كم قلب وعقل احتويت
كم مقال وموضوع وحوار انشأت
كم كتاب اهدرت ليلي فيه ليكون حقيقة كما الان اكتب في إحدى ساعات الفجر في مايو ٢٠٢١... عيد العمال شهر رمضان
مقاومة لنعاس خجول...
ارجو ان يذكر الناس صمودي.. يذكرون حتى خصومي كلمة لا... لا لغير الحق... حين كنت ارسمها بقلبي قبل لساني واعزفها ترنيمة
كم كنت امقت النفاق... كم كنت استشعر الخطر واحترق بشيم دون ان اكون خجولة واكون صارمة وصريحة
كل من ارسلت لهم الرسالة من صديقاتي كانت اجابتهن.. متبله بالفزع...
ولكن من انا لكيلا اموت.. او ارحل
تشجعت لارسل استبيان على احد مواقعي
وكان الجمهور يصل إلى ٢٠ الف
اكتفيت بسبعين رد لاغلقه
كانت الردود باهته... وتلقائية او يمكنني القول.. انها نابعة عن اجابه فطرية لا تفكير عميق
الا من اجابتين تطوي بعدا فكرياً اولهما للناقد العراقي د. علي سلطان
الذي اجاب بانه سيعلم اذا مات له رفيق باحساسه حينما يشعر بالاختناق...
وكذلك الأستاذ الكاتب حازم الشهابي الذي قال بان العظماء حينما يموتون يحدث الضجة وان كان المرء الذي يرحل وحيداً.. دون ضجة فهو وان كان سامياً فهذا ظلم مؤكد ليموت بسكوت دون ان يعلم احد به... واستطرد قائلاً...
ربما حتى مفاهيم العظمة قد تغيرت واصبحت دون مصداقية... ولكن الاخرون... انصتوا الي رفقاً بما اقول لكم....
ماذا لو كان هذا حقاً؟؟؟
اني أفقد صديقا افتراضيا... بعيد
لا اعلم عنوان بيته...
قد امتلك رقم هاتفه...
لكنه يعيش في قرية ريفية هادئة... وحيداً مع ثلاث اطفال تحت العشر سنوات
الاشارة الوحيدة... هي الهاتف الموقع الحساب.. الذي سيصعب التحكم فيه بمجرد غياب صاحب الحساب...
وبالأخص اذا كان شخصاً فطنا.. قد اغلق التمكن من الاشارة في حسابه وظهور اي منشور للأصدقاء في حساب الفيس بوك...
في حال لو اختارت جاره او زميلة ان تعلن الحداد... عني...
حينها سأموت.. بسكينة تمنيتها يوماً....
الآن... عليّ تصحيح... مسار الطرح... الموت زائر لا يعط موعد... والذي عرف فرح يدرك كم هي مؤمنة ومتفائلة...
وما كانت لتسلك نهجاً مرعبا ويأساََ للحظة...
انها... رسالة... دعوة... رجاء...
أن تلقوا نظرة.. لقلوب لأشخاص في حياتكم له ثمن لا تعادله ثروة... او اموال..
فاتكم أنكم تناسيتموهم... وهم أحياء... يرزقون...
قد لا تنفع الذكرى بعد.. فوات الأوان
0 تعليقات