شاكر حامد
في العام 1973جئت من مدينة الناصرية الى بغداد للدراسة فيها ،، سكنتُ في بيت جدتي بالأعظمية التي تسكنها منذ بداية ثلاثينيات القرن الماضي ، عشتُ فيها أيام الصبا ،، مدينة ساحرة بتقاليدها ومحبةِ وتعايش أهلها ،، ولشدة تعلقي بها رفضت مرتين الإنتقال للسكن في الأقسام الداخلية ،، ومن عشقي لها ، تزوجت سيدةً من أهلها في العام 1983،، فهي مدينة حية متآلفة كما وصفها السيد محمد الحلبوسي رئيس مجلس النواب في زيارته الرمضانية لها عام 2021،، فبعد مايقربُ من خمسين عاماً تعيد هذه المدينة عبق ذكرياتها لنشأتي البغدادية ،، تعالو إذن لنتعرف كيف هي الأعظمية مدينة حية .
حين نقول عن أرض العراق أنها مسكونة وكل شبر فيها ينطق بالتاريخ ، وترابها معفر بدماء الارواح الطاهرة وهي تسري في عروق ابنائها جيلا بعد جيل ، فليس ذلك تغزلا بهذا الوطن او انحيازا بلا مبرر له ، فكل مدينة او قرية فيه تصنع تاريخا وتحفظ في ذاكرتها قصصاً وصوراً للبطولة والانسانية والحياة .. والاعظمية التي تنبض شرايينها في قلب بغداد لاتختلف عن هذا المنطق التاريخي ، هذه المدينة العراقية الاصيلة التي كافحت وتحدّت وكانت عصية على الظلم في كل الانظمة التي حكمت هذه الارض من مئات السنين .. مدينةٌ تحاججُ العالم بالتاريخ وليس بالكلام والعنجهية .. المدينة القدسية التي تحولت الى ضفة اخرى مقابل الضفة المقدسة التي تضم رفات الامام موسى الكاظم عليه السلام ليربط بينهما جسر الأئمة كشريان مشترك مع الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان الذي سميت باسمه .. شريانٌ تاريخي لمن لايعرفْ ان الامام النعمان دفعَ ثمنَ وقوفه مع ثورة الامام زيد بن علي في اليمن حين قال : ان الحكمَ من حق ال البيت فقضى جَلداً وتعذيباً على يد الخليفة الاموي ، لتظلَ روحه مدرسةً للثائرين ، تعلمَّ منها الشهيد عثمان العبيدي الذي انقذ الزائرينَ الى موسى ابن جعفر على جسر الأئمة ومات في النهر وهو يحمل الغرقى الى الحياة . مدينةٌ للحرية والعلم ومعاهد التربية والدين والمدنية ، ومثلها مثلَ مدنٍ عراقية قاومت المحتل الامريكي وتعرضت للظلم وغليان الطائفية لكنها تخرج دائماً كصانعة قرار في هذه البلاد . وعليه تكونُ زيارة اية شخصية عراقية سياسية لهذه المدينة فهي ذات ابعاد كثيرة .. وكأنّ برجَ الساعة الشاخص وسط الاعظمية يراقبُ الزيارةَ والزائر ويمنحهُ حقَ الاحتضان بين اهلها ..
في هذه الاجواء كانت زيارة السيد الحلبوسي رئيس مجلس نواب الشعب محفوفة بالعناية الشعبية والاستقبال المهيب ، زيارةٌ ارادَ لها الرجلُ ان تكونَ بين الناس وفي مطاعمهم الشعبية وان لاينقل رسالةً خاصة فقط بل رسالة عامة وهي أن تنتخبوا من ترونه يرفع رؤوسكم ويحملُ مطالبكم .. وهي الزيارة الثانية والتواصل المتكرر حيث يصغي الرجل لما يقولهُ الكبار والصغار ، مطلعاً على قضاياهم ومشاكلهم واحوال مدينتهم وان يضعَ لهم نماذجَ من الاصرار والبناء والتقدم في مناطق اخرى شهدت نجاحاً . الحلبوسي الذي حملَ لواءَ الوحدة الوطنية ، القادمُ من جيلٍ جديدٍ اصابهُ اليأسَ والتعب فقررَ ان يصنع الامل وان يتصدى لخدمة بلاده ، من جيل ينتظرهُ الكثير وامامه الكثير من التحديات لذلك يريدُ ان يستمع من الناس مباشرةً ومن الاعظمية كما من الكاظمية ومدينة الصدر وجميع مدن وقرى وقصبات العراق ..ليقول وداعاً للفئوية ووداعاً للضغائن الصغيرة فنحن امامَ ثلاثية المستقبل – العراق – الانسان ، حيثُ الهوية الواحدة والجهد السياسي والفني لاعمار المدن وتلبية مطالب اهلها . ولان هذا الامر تم اختباره سابقا في منهج الرجل الذي اقوله بكل حيادية ودون تزلف ، حيث تجربة الاعمار والبناء ومكافحة الفساد والحرص على وحدة العراق واستقلاله ، وهو الامر الذي اشاد به العراقيون بل حتى منافسي الحلبوسي انفسهم الذين اعترفوا بشعبيته ومهارته .
في ظل هذا تكون زيارةُ الحلبوسي للاعظمية ناجحة وحميمية بين الاهل والناس وهم يحتفلون بلغة العراق الواحد الموحد .
فكل يوم هو يومٌ جديد على العراق والايام المقبلة ايامُ تغيير واختيار الاكفاء في الانتخابات المقبلة وذلك لأن للأعظمية دور بارز ومؤثر ، فهي مدينةُ القرار مثلما هي مدن العراق الابية العزيزة .
الدعاء لاهل الاعظمية الكرام ابناءُ العراق الاوفياء وشكراً لهم وهم يعرفون من هم ابناؤهم الحقيقيون ، وهم يرون ابن العراق بينهم وفي شوارعهم يقول للجميع لنمضي الى العمل فالعراق يستحقُ منا الكثير وهو يرقب بعين الاب والجد ماسيفعل ابناؤه الاوفياء . الابناء الذين نذروا انفسهم ووظفوا جهودهم لخدمة بلادهم رغم الكثير الكثير من الصعاب والتحديات.
0 تعليقات