عبد الجبار الجبوري
هل سيتكرّر سيناريو غزو العراق، لمواجهة إيران في العراق،سؤال يراود جميع المراقبين في العالم،خاصة بعد تصريحات مديرة (الاستخبارات الوطنية الامريكية) هاينز قبل يومين،التي قالت فيه ، (أن ايران تستخدم العراق كساحة حرب، لفرض تأثيرها على المنطقة)،فيما اكد مدير السي اي اي وليم بيرنز، (أن ايران تشكّل التحدّي الأكبر والأساسي لنا،)فيما ذهب الكونغرس الامريكي ،ومجلس النواب الامريكي ، الى أبعد من ذلك ،وحسم أمره لمواجهة تغوّل إيران وإرهابها في المنطقة، والتي أصبحت هي وأذرعها وميليشياتها وفصائلها الولائية في العراق ، خطراً كبيراً ،وتحديّاً مباشراً للإستراتيجية الأمريكية،فقد إتخذ الكونغرس ،قراراً وقعّه أكثر من (242) عضواً،يقضي بتغييّر نظام طهران،وإزاحة الملالي عن الحكم ،ويكرر السيناريو العراقي، وجعل إيران دولة مدنية ،ولمّح الكونغرس الى دعم رئيسة المعارضة الايرانية ،مريم رجوي لتولّي إستلام السلطة بعد الملالي، أي تماماً ،كما فعلت مع نظام صدام حسين،وغزت العراق،وتزامن هذا القرار،مع المحادثات الامريكية والاوربية مع ايران في مؤتمر فيينا،للعودة الى الاتفاق النووي الايراني، مقابل رفع جزئي للحصار التأريخي، الذي بدأت آثاره المدمرة تظهر على الداخل الايراني، على شكل تظاهرات غاضبة ،وخلافات عميقة(تسريبات مكالمة جواد ظريف ضد سليمان)،وآثارها على المشهد السياسي الايراني ،وتداعيات التسريبات الى صراع علني ،بين قوتين هما الحرس الثوري وإطلاعات،فضلاً عن التهديدات وحرب الناقلات بين إسرائيل وإيران في مياه الخليج العربي، وباب المندب،يقابله توجيه إيران الى أذرعها في المنطقة ،الى خلط الاوراق في المنطقة ،بمزيد من التشويّش وإبتزاز الطرف الامريكي والاوربي ،وتأثيره على المحادثات،بخلق بأزمات ومشاكل وصراعات،وقصف السفارة الامريكية ،والقواعد العسكرية ،وتفجير عبوات لأرتالها المنسحبة ، والهجوم الحوثي على مأرب،وخلخلة الأوضاع في سوريا ،وعرقلة تشكيل حكومة في لبنان، وكل هذه أوراق إيرانية تلعبها لكسب الوقت، وفرض شروط إضافية على محادثات فيينا،فيما تمارس الإدارة الامريكية نفس إسلوب الابتزاز مع طهران، لتهددها بسيناريو غزو العراق، وإستخدام ورقة المعارضة الايرانية، كورقة ضغط على المفاوض الإيراني، وهكذا لعبة القط والفأر بين الطرفين، فمَن سيربح جولة التفاوض،ويفرض شروطه على الآخر، والوقت بينهما ضيق جداً، وسط تسارع الاحداث وإنهيارفي الاوضاع الامنية والسياسية ،في كل من العراق وسوريا ولبنان واليمن،وعودة سريعة وقوية لداعش في العراق في كركوك وديالى، وأطراف بغداد ونينوى وصلاح الدين ،وعلى حدود أربيل بالتون كبري ،يشكّل خطراً داهماً بتزامن غريب ،يرتبط بالمفاوضات النووية ،وبتصعيد عسكري اسرائيلي –ايراني في الخليج ،بعد الإنسحاب الامريكي ،وتوقف الدعم الأمريكي للحكومة العراقية في مجال الأمن والإستخبارات،في نفس الوقت تتزامن انتخابات في سوريا وايران والعراق، بأوقات متقاربة، وهذا ايضا عامل ضغط على هذه الحكومات لتغيير اللعبة وفرض شروط الامر الواقع،إذن وفي مثل هكذا تعقيد للأوضاع ، تتجّه الأمور الى الحرب كما هو واضح، اذا ما فشلت المفاوضات النووية بفيينا،فمؤتمر فيينا ، هو الحد الفاصل بين عصرّين، عصر مؤتمر فيينا ،وعصر مابعد فيينا، وسط تسريبات بإنسداد التفاوض، بسبب إصرار طهران على رفع كلي للحصار، بينما تصرّ إدارة الرئيس بايدن، على الرفع الجزئي، كمدخل للرفع النهائي، ووسط هذا يرتفع سقف التقارب الايراني – السعودي، والتركي- المصري، والمصري- الليبي، والصيني – الروسي وهكذا تتحالف الدول، لمواجهة ما سيحدث بعد إنتهاء مؤتمر فيينا،الذي سيغير شكل المنطقة، و[بإعتقادي ربما سيكون نسخة أخرى لمؤتمر سايكس بيكو في الشرق الاوسط، ،وإحتمال قيام تحالف دولي تقوده أمريكا ،ضد إيران، هو السيناريو الأرجح حالياً، وجميع المؤشرات تؤكد ذلك،وهذا يعني أن العراق ساحته الاولى، كما صرحت( هاينز مديرة الاستخبارات الوطنية الامريكية)قائلة(أن ايران تستخدم العراق كساحة حرب)، هنا تكمن الخطورة القصوى للعراق، إذا ما شنت أمريكا حربها ضد ايران في العراق أولاً،والشعب العراقي، قد قدم ملايين الضحايا منذ عام 2003 ولحد الان،وهل يتحّمل شعب العراق، المزيد من التدميّر والخراب والتهجير والنزوح والقتل ،ولم نر أي ردّ فعل أو تصريح عراقي، على مثل هكذا تصريحات تهدّد مستقبل العراق ،ومَن المسؤول عن ماسيحدث ،اذا شنّت الحرب أمريكا وحلفاؤها ،على إيران إنطلاقاً من أرض العراق، هل ستكون حكومة الكاظمي، أم الميليشيات الولائية، أم الفصائل المسلحة التابعة للولي الفقيه ،في كل من سوريا والعراق،أم حكام طهران وتعنتّهم ،ورفض الشروط الدولية، لمنعها من إمتلاك السلاح النووي العسكري، والتي تصرّ وتهدّد اسرائيل بالردّ الفوري ، دون إنتظار موافقة إدارة بايدن ،بضرب مفاعلات إيران، ومنعها من تحقيق حلمها الأزلي،نحن أمام مشهد شديد الخطورة، فمَن يدرك خطر الحرب المدمرة ، وطبولها تدق بقوة في الخليج العربي،هل يدرك حكام طهران إنعكاسات هذه الحرب ،وتداعياتها الكارثية، وهل يتعظوا مما حصل في العراق، ويذهبوا للحكمة في تقدير الوضع المنفلت في المنطقة، والذي لايحتاج الاّ الى شرارة، يشعلها أحمق هنا وهناك ،وهي جاهزة للإشتعال بأية لحظة، وما أكثر الحمقّى ،حكام طهران وأذرعها هم من يتحمّل وزر وآثار الحرب ،التي لن تبقي ولا تذر، في العراق وايران، وسيظهر تنظيم داعش يستغل هذه الحرب بفرض نفوذه على مناطق له فيها تجربة مريرة، ويعرف دروبها لتحقيق هدفه بقتل ابناء هذه المناطق، لانها رفضته وازاحت دولته المزعومة ،نعم تنظيم داعش بدأ يعُّد سيناريو جديد،مستغلاً الصراعات الداخلية في العراق، والصراعات الدولية، بعد أن أعاد تشكيل فلوله المنهزمة، الى الجبال والأنفاق ،والكهوف والوديان، بالمحافظات العراقية،وهذا أهم مايقلق أهل هذه المحافظات، رغم إستعدادات هائلة وكبيرة للجيش العراقي، لوأد أي قوة داعشية ،تظهر هنا وهناك، فلها بالمرصاد والقضاء عليها، كما حصل في جبل العطشانة بنينوى ،وجبال قره جوخ بمخمور، وجبال مكحول،وأطراف أربيل،ولكن هذا لايكفي لدحره الى الابد،إذ يلقى داعش دعماً دولياً، لخلط الاوراق عند الضرورة، وإبتزاز الآخرين ،في وقت تطالب أحزاب ولائية لطرد التواجد العسكري الامريكي والاجنبي من العراق، مستندة الى قرار أحادي في البرلمان المسيطرة عليه ايران ،وفي المقابل يطالب الإقليم ومكونات عراقية أخرى، ببقاء القوات الأمريكية في العراق ،لمواجهة خطر داعش وأخواته ومشتقاته،ممن أوغلوا في خراب العراق، ومايسمى بالسلاح المنفلّت، واللادولة، أو دولة الميليشيات، هكذا يبدو المشهد أكثر ظلامية،وسط تغوّل كبير للادولة ، وخروجها عن قرارات الدولة ،وتوجهها نحو إعادة الحياة المدنية للعراق، ورفض أي تدخل أجنبي ،مهما كان نوعه، ليصبح القرار السياسي والعسكري عراقياً فقط،بإقتراب إنتخابات ينتظرها الشعب، لتغيير وجوه وحيتان الفساد السياسي والمالي، الذي أوصل العراق الى مقدمة دول العالم به،وهو سبب رئيسي في فشل الدولة العراقية ، وإفلاسها، وتخلفّها، وإنهيارها،العراق الآن في عين أكثر من عاصفة، منها عاصفة الانتخابات، والصراع بين الأحزاب والكتل،والذي ينذر بحرب شيعية-شيعية، وعاصفة عودة داعش الإرهابي، وعاصفة المواجهة الامريكية – الإسرائيلية مع إيران على أرض العراق، وعاصفة تهديدات الرئيس أردوغان لإجتياح الأراضي العراقية ،للقضاء على حزب العمال التركي المتمركز في سنجار وقنديل ،والمدعوم من الحكومة العراقية والحشد الشعبي ،وهناك عواصف أخرى ..والله الساتر...
0 تعليقات