البابا وجغرافية الدين: عندما يستغل الدين ضد الدين؟

مشاهدات



بقلم الكاتب والباحث السياسي

الدكتور: أنمار نزار الدروبي...


(عندما يستغل الدين ضد الدين) عبارة اقتبستها من المفكر والكاتب الإيراني الراحل (علي شريعتي) المنظر الأيديولوجي الحقيقي للثورة الإيرانية من كتابه (العودة إلى الذات).

لااعتقد وبحسب المعطيات والوقائع التي تعيشها البشرية اليوم ثمة علاقة صادقة بين البعض من (رجال الدين) وبين الله! حيث أن هذه الطبقة الكهنوتية تحتكر الدين ظلما وعدوانا وتمارس أقسى انواع الديكتاتورية على عقول البشر عن طريق العاطفة الدينية، وكل من يعترض عليهم يصبح من أراذل الناس، بل المتمرد على الإرادة الإلهية والكافر الزنديق الذي يجب أن يقيم عليه الحد!

أسئلة كثيرة ومهمة تلقى بظلالها على زيارة البابا للعراق في هذا التوقيت بالذات، لاسيما أن البابا أو (الحبر الأعظم) هو رأس الكنيسة الكاثوليكية، وتمثل إدارته الكرسي الرسولي المتحدث باسم الكنيسة الكاثوليكية، بمعنى هو رمز المسيح بالعالم.

 1. أين كان الحبر الأعظم وماهو موقفه من قضية تهجير المسيحيين في الداخل وهجرة الملايين إلى الخارج، وماذا فعلت وستفعل دولة الفاتيكان التي يتربع على عرشها البابا من هذه المؤامرة الدنيئة التي الغرض منها إنهاء الوجود المسيحي بالعراق، وقطع كل جذورهم؟

2. هل البابا الذي تكلف ملابسه الكهنوتية وأدواته ملايين الدولارات يمثل السيد المسيح(عليه السلام) عيسى رسول الله صاحب المعجزات، الذي عاش فقيرا بثوب واحد وكان لايملك حذاء يتقي به أشواك الأرض، عيسى ابن مريم وأمه التي كانت مثالا في الصبر والعبادة وكانت فيها القيم والأخلاق العظيمة، واستأهلت أن تكون بحق سيدة من سيدات نساء العالمين. هل كان لعيس ابن مريم مؤسسة تعيش بمستوى الرفاهية على ماعليه الآن دولة الفاتيكان؟

الإجابة ستكون من رواية

 الفيلسوف اليوناني( نيكوس كازانتزاكيس) بعنوان (المسيح يصلب من جديد):

 فعندما (يعمل الحقد والكراهية في قلوب الناس، وحين يُعمي الجشع بصيرة رجال الدين، يتحول الأمل إلى ألم يعتصر الأجساد، فيسقط الأطفال قتلى الجوع وتدفن معها قلوب الآباء وأرواح الأمهات، إذ لطالما كانت تكلفة الوقوف في جانب الحق والخير والفضيلة باهظة جدا، فهي قد أزهقت على مر الزمان حياة كثير من المختارين والعوام على حد سواء، ولكن الشر يعود كل مرة بقوة وجبروت ودهاء ليجعل من الخير ضُعفا ومن المحبة ظلما ومن الفضيلة ذلا، فالمسيح بحسب اعتقادات أهل القرية، قد صُلِب ليمحو خطايا شعبه ممن خذلوه وكان شهيد الالتزام بالمبادئ السامية).

 بلا شك أن الهوية المسيحية في العراق لاتتوقف عند المعيار العقائدي والشعائر الدينية، فهم أبناء العراق الأصليين، أحفاد البابليين والآشوريين والعرب،  والتاريخ بكل شواهده ودلائله يثبت أصالتهم وحبهم بل عشقهم لتراب العراق.

يعلم جيدا السيد فرنسيس (البابا) أن الديانة المسيحية بعد عام 2003، عانت وبسبب الخطاب الديني المتطرف الأمرين كباقي المجتمع العراقي بمختلف الأديان والطوائف والقوميات. حيث تمكنت الجماعات والتنظيمات الإرهابية وفي مقدمتهم تنظيم داعش الإرهابي وباقي الفصائل الراديكالية وبتخطيط أجهزة استخبارية تابعة لبعض الدول الإقليمية من انتهاك حقوقهم بالإستيلاء على ممتلكاتهم.

وإذا كانت زيارة البابا للعراق تدعو إلى  التسامح الديني والعيش بسلام، فلماذا سماحته لايزور إيران ومرجعية قم لكي يلقي خطب التسامح والمحبة من هناك عسى ولعل صانع القرار السياسي أو المؤسسة الدينية  في طهران أن تتعض وتتوقف عن ممارسة الظلم والقهر على أهل الأحواز؟

ومن مبدأ أن البابا يدعو إلى السلام في العالم، كان عليه أن يوجه رسائله(العاطفية) هذه إلى قطبه السالب في طهران (خامنئي) ويلتمس منه فورا التوقف عن دعم الإرهاب الحوثي بالصواريخ؟

ولماذا لم ينتفض الحبر الأعظم أو على تقدير يشجب أو يستنكر المفاوضات التي تقوم بها الإدارة الأمريكية مع جماعة طالبان الإرهابية؟

الجواب: لأننا نعيش في دوامة العالم الثالث، والبابا يتعامل معنا وفق فلسفة الروائي والكاتب الألماني(زيجفريد لنس) الذي يقول" إن للغرب عقلا صناعيا وإداريا فلاقا للحضارة، أما الشرقي فذو عقل عاطفي متوسط عاجز عن الفكر والنظام والاستنتاج العصري".


إرسال تعليق

0 تعليقات