الابتزاز الاكتروني ..مصاصي دماء.. يتغذون على مواقع التواصل الاجتماعي..

مشاهدات



ثائرة اكرم العكيدي 


يأخذ الضمير مساحة مُترامية من الحوار، يصول فيها المُتجادلون ويجولون المفهوم قديم قدم الدهر، والشجون بصدده مُتجددة، وأوجاع الواقع تستدعي ما في الأحشاء. الضمير كما يدرك الناس منذ بدء الخليقة لا يكفي وحده لضمان حياة آمنة عادلة، لا يمكن الاعتماد على قوته ونصاعته في نفوس البشر أجمعين لبناء عالم مثالي، ومن أجل هذا وُضعت القوانين، وصكَت اللوائح ودبجت التشريعات صيغت كلها في الأصل كي ترتق الثغرات التي يصنعها غياب الضمير.

وبعد انتشار الفساد وأصبح النفاق والتشهير وهتك الاعراض  حالة يزاولها البعض في مجتمعنا العراقي غايتها اما جني المال او قضاء وقت فراغ على حساب اعراض الغير  فغابت الوطنية الحقة وأصبح الكذب والدوران والفبركة والتظاهر بالوطنية شعار المرحلة. 

رفعت الغيرة وانتهى دور الوطن والوطنية. فكيف لك أن تكون وطنياً في بلد يحكمه القتلة والمجرمون واللصوص والمستبدون، فالوطنية الحقيقية لا تنمو وتزدهر لتثمر أمنا واستقرارا ورخاء إلا إذا تنفست نسائم الحرية، وكانت عامرة بالأحرار والشرفاء في ظل الديمقراطية والحكم الرشيد.

الابتزاز الإلكتروني هو مجموعة من مصاصي الدماء يتغذون على مواقع التواصل الاجتماعي وهو أسلوب دنيء منحط خالي من الاخلاق والمباديءوهدفه مضايقة المراهقين  والشباب وخاصة الفتيات.  

الظلم والتهميش والتعنيف الذي تعاني منه الفتاة العراقية، خاصة في السنوات الخمسة عشر الاخيرة قد باتت الآن مرغمة على القبول بالبطالة إجبارا أو اختيار المساومة الجنسية والابتزاز المعلن من قبل المديرين والقائمين على إدارة العمل في بعض مؤسسات الدولة.

وعلى الرغم من اتساع ظاهرة الابتزاز الإلكتروني في العراق، إلا أن قوات الأمن تحقق تقدماً واضحاً في عملها فضلا عن تنامي الوعي بالظاهرة واستحقار مرتكبيها، وهم في الغالب ممن يخططون للحصول على مبالغ مالية غير محدودة توقع الضحايا تحت رحمتهم لفترة طويلة وأن غالبية الجرائم تجري عبر مواقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك أو غيرها، فيما منفذوها يبحثون عن استغلال الأشخاص أو الفتيات لأغراض معروفة، هي أولا المال وثانيا الابتزاز الجنسي من الشباب للفتيات هناك هدة اسباب لتفشي هذه الحالة الغير اخلاقية في المجتمع العراقي منها  البطالة وضعف الرقابة العائلية من الأبوين. داعيا الجهات وقلة انتشار  الوعي الثقافي لاستخدام مواقع التواصل، عبر تنظيم الندوات التثقيفية في المدارس والجامعات.

وفي ظل انتشار فايروس كورونا المستجد كثرت الجرائم في المجتمعات و أحد هذه الجرائم هي جريمة (الابتزاز الالكتروني) بسبب عوامل عديدة واهمها الجهل والتخلف والفقر والبطالة والابتعاد عن الامور الاخلاقية والانسانية وضعف الايمان جميعها اسباب تؤدي الى حدوث جرائم خطرة في المجتمع من قبل ضعفاء النفوس حيث تعد من اكثر الجنايات تعقيداً لوجود افكار واسعة وخطط وبرامج معقدة تدخل في عملية الابتزاز والتي تعرف بأنها عملية الحصول على مكاسب مادية او الافصاح عن معلومات سرية مؤسساتية او سياسية من خلال جمع معلومات من الأشخاص المعنيين والشركات بالإكراه عن طريق التهديد بنشر أمور خاصة وبيانات سرية عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتصل هذه البيانات الشخصية إلى الشخص المبتز إما عن طريق اختراق الحسابات الشخصية في الاجهزة الالكترونية أو استعادة محتويات الهاتف الجوال بعد بيعه، أو من خلال الضحايا أنفسهم، الذين قد يرسلون صورهم وفيديوهات خاصة بهم في أوضاع غير لائقة يمكن ان يستغلها الشخص المبتز ويتم الأمر من خلال عصابات منظمة، تستخدم الفتيات في التواصل مع الضحايا الشباب او بالعكس، وإغراء الطرف الاخر كي يرسل صوراً ومحادثات فاضحة.وابغاية من  الابتزازاما بهدفإقامة علاقة غير أخلاقية او لجني النقوود يبدأ بالدردشة ثم الصور والفيديوهات، ثم يبدأ الابتزاز للحصول على علاقة على أرض الواقع والمبتز عادة إما ليست لديه ثقافة اجتماعية وجنسية، أو أنه يريد فرض سلطته، ويهدد دائما ضحيته بالفضيحة، ويصبح متسلطا أحيانا كثيرة على تفاصيل حياة الضحية ويتحكم بها.وعادة ماتكون الصحية من سن المراهقة .

إن جريمة الابتزاز الإلكتروني كغيرها من الجرائم التي تؤشر انحرافا قيميا واخلاقيا وقد لا ينحصر هذا الانحراف بالجاني المبتز اذ طالما كان الضعف الأخلاقي للضحية سببا حاكما في الكثير من هذه الجرائم والمرأة أكثر تعرضا للابتزاز الإلكتروني من الرجل  وفي مجتمعنا العراقي فان ارتفاع نسب ابتزاز النساء مقارنة بالرجال يرتبط بشكل كبير بذهنية وثقافة المجتمع التي تربط شرف العائلة  وسمعتها  بالمرأة ويتم استغلال ما يسمى بجرائم  الشرف من قبل المجرمين في الضغط على الضحية وتهديدها لأجل تحقيق المكاسب  أكثر النساء تعرضا للابتزاز الإلكتروني عادة ما  تنقصهم الخبرة في التعامل في مواقع التواصل الاجتماعي وممن يعشن عزلة اجتماعية لأسباب ذاتية أو أسرية تفرضها العادات والأعراف فيما يكون الأشخاص الذين يمارسون عملية الابتزاز الإلكتروني على درجة عالية في امتلاك مهارات التعامل مع تقنيات الأجهزة والمعلومات مع العرض بأن جريمة الابتزاز الإلكتروني من الجرائم التي لم تعد ترتكب بشكل فردي بل تحولت إلى جرائم تقوم بها عصابات متمرسة في الجريمة الالكترونية.

 قانون العقوبات العراقي النافذ لم يعالج هذه الجريمة كونها من الجرائم المستحدثة و لم يبق القضاء العراقي مكتوف الايدي امام جريمة الابتزاز الالكتروني بسبب عدم وجود قانون يعالج الجرائم المعلوماتية و الالكترونية كما فوت الفرصة على المبتزين من استغلوا الفراغ التشريعي او ان يتمسكوا بقاعدة لاجريمة و لا عقوبة الا بنص.

وهنا كان للقضاء العراقي الدور الحازم في معالجة هذا الخلل وفقا لاحكام المواد 430 و 433  و 437 و 452 من قانون العقوبات العراقي و هي جرائم التهديد و التشهير و انتهاك حرمة الحياة الخاصة  و افشاء الاسرار و السب والشتم  من ابتزاز النساء و الاطفال و الرجال وان الدوافع وراء ارتكاب جريمة الابتزاز الالكتروني قد تكون دوافع جنسية او الابتزاز المالي او الانتقام ونجد من الضروري تشريع قانون لمكافحة جريمة الابتزاز الالكتروني و عدم الاكتفاء بما ورد في قانون العقوبات العراقي واعتبار جريمة الابتزاز الالكتروني من جرائم الحق العام وذلك لكونها من الجرائم الخطيرة على الاسرة والمجتمع .

يجب العمل ايضا على تشريع قانون يختص بجرائم تقنية  المعلومات  يعالج صورها من الناحية الموضوعية من حيث صور الأفعال الجرمية والإجراءات من حيث الضبط والتحقيق والمحاكمة ووسائل الإثبات مستفيدا من الخبرات والتجارب الدولية والإقليمية وان يتم ابعاد هذا التشريع عن (الأهداف السياسية  المتعلقة بالصراع بين الحرية والسلطة والنظر إليه على وفق السياسة الجنائية فقط .

وضرورة قيام هيئة الاعلام والاتصالات بحجب أو فرض رقابة صارمة على المواد الهابطة أو المنتج الإعلامي المسموع  والمشاهد السلبي على الأسرة والمجتمع لانها تنمي روح الجريمة وتكثيف الدور الإعلامي في التصدي لهذه الجرائم من خلال التركيز في البرامج  الإعلامية المختلفة على نشر الوعي حول مخاطر هذه الجريمة وتبصير أفراد المجتمع بأساليب المبتز ين وطرق التعامل معاهم كي لا يكونوا صيدا سهلا لاجرامهم وآليات الإبلاغ عنها و إعداد الورش والندوات التوعوية والتثقيفية لمختلف الفئات في المجتمع مع ضرورة تعاون المؤسسات الإعلامية والتعليمية ومنظمات المجتمع المدني في القيام بهذه المهمة من خلال الاستفادة من جهود وخبرات المتخصصين والأكاديميين  في هذا الصدد من خلال تسخير جزء من جهودهم في الخدمة المجتمعية .

أمورُ كثيرة تحدث في حياتنا اليومية، وهذه الأمور تتراوح ما بين الجيد والسيء هذه الأمور لها تأثيرات كبيرة على حياة الأشخاص في المجتمع الواحد، تأثيراتٌ نفسية وأخرى اجتماعية. ولو نظرنا قليلاً، فإننا سنلاحظ أن نظرات الناس لبعضها البعض أصبحت حاقدة عبر الزمن لا أدري لماذا وصلنا لهذا الحال؟ ولماذا أصبحت الناس لا تحب الخير لبعضها البعض؟ نسينا الحياة البسيطة التي عاشها أجدادنا، نسينا المودة والمحبة والاخلاق الحميدة التي تعوَّد وتربى عليها أجدادنا ونسينا وتناسينا ما أمرنا به ديننا الحنيف وهي الخوض في اعراض الناس لانها تعد من اكبر الكبائر ..

إرسال تعليق

0 تعليقات