لماذا أغلقوا الشارع

مشاهدات



ماسة عمر الدلقموني


“يا ستي مستضيفين وفد مهم جداً”….

يقولها وكله ثقة بأني سأهز رأسي موافقة وأسير… وما أن يستدير حتى يراني في مكاني بعينين مستديرتين وحاجبين كادا يخترقان سقف السيارة محاولة ربط ما أراه بأم عيني بالجملة التي يستخدمها كمبرر لإغلاق الشارع بسيارته وسيارات غيره من الحكومة إلى أن ينهوا غداءهم حول الطاولة المستديرة.

وبعد مباحثات بأنهم لا يملكون حق إغلاق الطريق – مع تأكيدي بأني على استعداد لتغيير طريقي إذا كان هناك أمر رسمي يعطيهم حق الاصطفاف في منتصف الشارع لغاية إنهاء الوليمة. أدرك أني لن أرضى أن أُغيّر طريقي فقال:

“سيارات مش محركين، وإذا بدك تمري اخبطيها أشوف” ودخل ليكمل غداءه وتركني….

بودّي أن أصف الموقف بكلام ماجدة الرومي في أغنية الجريدة …

“يا ليت هذا الرجل المسكون بالأسرار

فكر أن يقرأني.. ففي عيوني أجمل الأخبار

وبعد لحظتين

دون أن يراني

ويعرف الشوق الذي اعتراني….”

لكن حقيقة الموقف كانت تدّعي بعض الارتجال لهذه الأغنية العظيمة لتصف الوضع ….

يا ليت هذا الرجل المسكون بالأسرار

فكر أن يقرأني.. ففي عيوني تقادح الشرار …

وبعد لحظتين

دون أن يراني

ويعرف الغضب الذي اعتراني….

لقاني قدّامه في المطعم ….. أقول: “معقول هاد الكلام! أعتذر إني قاطعتكم على الغدا… بس معقول هيك!” وحواجبي ارتفعت قليلا عما كانت عليه في السيارة.. فلكم أن تتخيلوا نظرة العيون!

وإذا بشخص آخر في منصب مسؤول يقول لي…

“يا ستي في طريق ثانية بعد كم دخلة من هون بتوصلك على نفس المكان”

هلأ إذا بدكم ترسموا ملامحي في هذه اللحظة فبقدر أقولكم إنه حواجبي بطلوا بالصورة.

بكل احترام أُجيب: “ممكن مشان ما نزعج الكل على الغدا حد يحل المشكلة ويتكرم بالحديث خارجاً”.

طبعاً بعد ما يتعازموا، و(س) يقول لـ (ص): “كمل غداك، أنا بحل الموضوع”، نصل إلى الخارج – وهنا كنت أتمنى أن يكون معي أحد رسامي الكاريكاتير ليرسم وجهي – عندما قال لي من اعتقدت انه رافقني ليحل المشكلة: “يا ستي هذا وفد مهم جداً باستضافة الحكومة”. حاولت جاهدة تمالك تعابيري وقلت “ضيوف الحكومة على الرأس والعين وبيوت الأردن كلها بيوتهم وأهلاً وسهلاً فيهم… بس هاد شو علاقته بالاصطفاف بهذه الطريقة المخالفة وغير المبررة، وتعطيلي وتعطيل غيري من المواطنين!!”. فإذا بنفس الشخص في أول محادثة يقول لي “يعني هلأ إنت جاي تصلحي الحكومة!!”

وآآآخ يا وطني من هالجملة… وجعت لي قلبي وخصوصا عند سماعها من شخص في منصب حكومي قدير بمرافقة هذا “الوفد المهم جداً”، ومع أني غير ملمة بأمور السياسة والحكومة بشكل يؤهلني لمناقشة الورقة السادسة لجلالة الملك، ولكني سأكتب بغض النظر لأشكر جلالته على إمداده لي بالقوة للقيام بما قمت به، ففيها يقول: “مسؤولية تطبيق وإنفاذ سيادة القانون بمساواة وعدالة ونزاهة تقع على عاتق الدولة، ولكن في الوقت نفسه، يتحمل كل مواطن مسؤولية ممارسة وترسيخ سيادة القانون في حياته اليومية. أقول هذا لأنني أعرف من التجربة أن كل فرد يقبل ويتبنى مبدأ سيادة القانون من الناحية النظرية، ولكن البعض يظنون أنهم الاستثناء الوحيد الذي يُعفى من تطبيق هذا المبدأ على أرض الواقع. بغض النظر عن المكانة أو الرتبة أو العائلة، فإن مبدأ سيادة القانون لا يمكن أن يمارس بانتقائية”.

فقلت له: “بتحب أصورك وأنت بتحكي هاي الجملة كمثال حي ومباشر لمناقشة الورقة السادسة التي لم يجف حبرها بعد؟”

لم أعرف حتى الآن هل تم فتح الشارع لي ولغيري من المواطنين لأنهم أدركوا أنهم على خطأ، أم لتفادي الفضيحة أمامالوفد المهم جداً؟

إرسال تعليق

0 تعليقات