محمود المشهداني/ العراق
لي على شُرفةِ الحُلْمِ أُنثى
أُفتّشُ عن وطنٍ في مناديلِها
ثم أسكبُ لحني على ما تَبقّى
من الذكريات
لعلَّ المناديلَ
تُحصي شظايا المرايا
التي حَملتْ بعضَ وجهي بصَمتِ سناها
وكنتُ أُحمْلقُ فيها :
هنا نسيَ العمرُ أشياءَه حين ولَّى
هنا رتّبَ الحزنُ مائدةً _مثلَ عادتهِ _
لا أقول لبعض النوارسِ
فالشيبُ لا يستعيرُ الجناحَ ...
لِخفّتهِ بالتناسُلْ
هنا كنتُ أرقبُ ليلًا
يجيءُ على عرباتِ الزمان
يجرُّ مواويلَ ليلى التي بلَّلَتْها مدامعُ قيسٍ
لعلّي أُجفّفُ بعضَ السنينِ التي وصَلتْها خطايَ
هنا قد تزلّجَ بدرٌ فأغرتْهُ تفعيلةٌ
غيرَ مكترثٍ بالمجاز
لي على شُرفةِ الحُلْمِ أُنثى
لأشكو لها قِلةَ الظلِّ تحتَ الخيامِ بأروقةِ الوطنِ المُستعار
وأرضاً تضيق على أرجل النَمْلِ
كان الحيارى يسُدّون أبوابَهم خَشيةَ الريحِ
والريحُ كانتْ تُسَمِّدُ أجسادَهم _خِلسةً _
لمواسمَ مشبوهةٍ ، لحنُها قهقهاتُ المَناجلْ .
على تبغِ جدّيَ
كانت تطول الحكايا ، حكايا الحروب
وكانت تُهندسُ ليلَتَهُ
لوحةٌ من دخانٍ يُخزِّنُ أنفاسَهُ في دوائرِها
حيثُ لم تكن الأرضُ واسعةً مثلما ظنَّها ....
فاستعارَ الدخانَ سريرًا
وسلَّم سُبحتَهُ لأبي
قبل أن يركب الغيبَ ظلًا .
لم أكن مثلَ جدّي
ولم يجمع التبغُ ما بينَ جدي وبين بَنيَّ
ولكنّها الحربُ قد وضعتْ بيضَها في بلادي
فقد كان إبني يُجاملُ دُميَتَهُ
لِيُبرِّرَ بعضَ اغتراب المراجيحِ في عيدهِ الرابعِ المُبتَلَى : فأبي يذكرُ العيدَ لم ينسَهُ .
وكنت أُجاملُ نفسي :
تَمهّلْ فإنَّ المنايا _ بنات الخلود _
يُقلِّبْنَ أبصارَهُنَّ
على الأرضِ من أيِّنا يبدأُ العُرسُ ؟!
زفَّ الرصاصُ مَليكاتِهِ نَحْوكَ الآن ...
فاضمُمْ جناحَك
واكتُم جراحَك
واعضَضْ على سِلكِ موتتِكَ المُشتهاة
لكي يَتَسَنَّى لكَ الإنكماشُ على ظهرِ فاتنةٍ بَينَهُنّ
وتَحملَ للحالمينَ مواويلَهم
بأقلَّ احتضاراً.
فَفرَّ من الحُلم سِربُ قَطاهُ
وفزَّزَ جَفنَ الحقيقةِ صَحوٌ
تَخطّى اشتباكَ الرُؤى
فتَيقَّنتَ أنَّ الرصاصةَ
قد أخطأتْ دربَها مرَّتَين ...
0 تعليقات