علاء الخطيب
حينما تدخل لمؤسسة الحوار الانساني بلندن ستواجهك العبارة التي تلخص ثيمة هذا الصرح الراقي تقول : ( الحوار من أجل معرفة الآخر وليس من أجل تغييره ) كلمة تختزل كُنه الحوار الانساني بين المختلفين و أُس اساسات قبول الاخر ، على قاعدة لكم دينكم ولي دين ، فالافكار المختلفة لا تمنعنا من الحوار والتواصل.
وما دمنا لادم وآدم من تراب او كما يقول ابو الصلت امية الاشبيلي
اذا كان أصلي من تراب فكلها
بلادي وكل العالمين أقاربي
فيعني ذلك ان الحوار وسيلة المتحضرين (والاوادم) ، فحينما تهيأ مؤسسة الحوار الانساني المناخ الصحي للحوار وتحت مفهوم التعرف على الاخر ذلك يؤشر الى طريقة التفكير التي بنيت عليها هذه المؤسسة الكبيرة وفكر العاملين فيها .
لذا لم يكن دار السلام في لندن مجرد قاعة تستضيف الكتاب والمبدعين لاقامة الندوات والمعارض ، بل كان نافذة ينساب منها نموذج حضاري ناجح عَمَلَ بعيداً عن صخب السياسة والسياسيين ، عمل للانسان دون غيره، الانسان بما هو انسان .
عشر سنوات من العطاء الزاخر
عشر سنوات من الحضن الدافئ
عشر سنوات من الانجاز المتراكم
عشر سنوات من المزيج المتجانس
استضافت فيه المسيحي واليهودي والمسلم والشيعي والسني ، كما استضافت المتدين والعلماني والليبرالي واللاادري، كلٌ يقول كلمته بحرية .
عشر سنوات من الالوان المختلفة والافكار المتلاحقة التي تقف على قاعدة الانسانية الواحدة .
مؤسسة الحوار الانساني (دار السلام ) بلندن التي اسسها الفقية المتنور السيد حسين السد اسماعيل الصدر ، فكانت باكورة العمل الثقافي خارج العراق ، كما كانت علامة فارقة بعد شتات گاليري الكوفة.
فقد وجد المثقفون والمبدعون ضالتهم في فضاء نقي وسط عالم ملوث بالسياسة والتطرف والتقاطعات .
ولدت مؤسسة الحوار الانساني في الزمن الصعب ،كانت الطائفية تعصف بالعراق وتشتت جمعه ، وارتفعت اصوات الكراهية لتحجب انغام التعايش والسلام ، وكاد المثقفون في خطر الانجرار خلف الامواج العاتية التي اجتاحت الوطن . ولدت المؤسسة لتكون خيمة الرافضين للعنف والكراهية والطائفية ، ولدت لتكون ملجأ الكلمة الحرة ، كلمة الوطن الجامع .
نعم الوطن الجامع كما قالها مؤسسها وراعيها، حينما كنا في ضيافته وبدعوة من مديرها الاستاذ ابي هدى .
قال لنا الدين مفرق والوطن جامع، الدين حالة شخصية او فئوية والوطن حالة عامة. ويقصد ان لاخلاف على الوطن ، فربما نختلف في الوطن ولكننا نتفق دائماً على الوطن
لذا أصبحت المؤسسة محجة حاملي الهم الانساني فراحوا يحجون اليها كل اربعاء ، يقفون في محراب الحب والجمال محراب الكلمة التي كانت في البدأ.
رجالاً ونساءً افرغوا عصارة تجاربهم الانسانية والابداعية تحت سقف الحوار وبلغةٍ عاشقةٍ للحياة .
وما يحسب لهذه المؤسسة وهي تحتفل بعامها العاشر وبتواصل مدهش هو وجود مديرها ومستشارها وعقلها المتوازن. الأستاذ غانم جواد ، الذي حافظ على استقلاليتها وخطها الانساني ، فكانت بحق نموذج لتسميتها .
ولا ننسى بمعرض الحديث عن هذه الدار الكادر الذي عمل بجد للارتقاء بها الى ان تكون مؤسسة محترمة ذات سمعه سامية بين المؤسسات العراقية والعربية في لندن .
مبروك للعراق ومبروك لنا ومبروك لرعاتها بهذه المناسبة.
0 تعليقات