جبار فريح شريدة
المعروف ان الاحباط يولد العدوان الذي يعبر عنه بطرق مختلفة كالعنف الجسدي او اللفظي او الحقد او الكره ومنها الجشع.
مهنة الطب الانسانية تحولت اليوم الى مهنة لكسب العيش والهدف منها الوصول الى الرفاهية ،والكل متفق على انها مهنة صعبة جدأ وصعب امتهانها التي تحتاج الى توفيق من الله اولاً ومن ثم جهد دراسي متميز ومتفوق طوال سنوات الدراسة التي يقضيها الطالب ابتداءً من المرحلة الابتدائية وحتى نهاية الثانوية وعليه ان يجني جهد خاص وبتفوق يصل الى ان يحصل على معدل الاول على اقرانه طيل هذه الفترة الدراسية ويختمها بمعدل في نهاية الثانوية على ان يصل الى 98 بالمئة فما فوق
طبيعة المجتمع العربي وثقافته تتمنى ان يكون احد ابنائها طبيباً لكي تتباهى به امام الناس والمجتمع والوسط الذي يعيشون به متناسين التوفيق من الله ورغبة ولدهم وهذا لا احد يشعر به الا الطلبة الذين يقبلون في السنة الاولى في كلية الطب ،نلاحظ البعض منهم يشمئز من رؤية الدم وجثث الموتى ، فالذكور تلبية لرغبة الاهل سيكتفي ان يكون طبيباً ادارياً او استاذاً الطب ليبتعد عن المستشفيات اما الاناث على الاغلب ستكون طبيبة نسائية وبين هذا وذاك البعض لم يوفق في مهنته هذه المعاناة تضاف الى سهر اليالي طيل سنوات الدراسة خاصة في سنوات البكلوريا والجهد المتميز الذي يبذله الطالب المتفوق الذي يحصل على معدل يوهله لدخول كلية الطب .
هذا الجهد يقل على جميع من نجح في الصف السادس الاعدادي عند دخولهم المرحلة الجامعية باستثناء المجموعة الطبية فيستمرون ببذل الجهد وجهود مضاعفة لصعوبة الدراسة في الكليات الطبية ومع هذا عندما يتخرج الطبيب عليه ان يتعين في احدى المحافظات او في القرى والارياف سنة كاملة وبعدها لكي يتخصص عليه ان يكمل الدراسة في تخصص ما ويحصل على شهادة البورد التي تعادل شهادة الدكتوراه والى ان يحصل عليها سيجد نفسة قد وصل الى سن الاربعين وهو لم يفهم من حياته شئ غير الدراسة والمثابرة ،فيبدأ اول خطوات حياته بكسب رزقه من خلال عيادته الطبية في علاج المرضى ومن هنا يبدأ بتكوين حياته المادية والزوجية وتلبية متطلبات البيت والزوجة والاطفال والمنافسة في بناء البيت الذي يليق بانسان بذل جهد متميز وفريد من نوعة .
بالمقابل الطبيب يلاحظ الكثير من اقرانه الذين كانوا معة في المرحلة الابتدائية وتركوا الدراسة لاسباب شتى منها الفشل الدراسي قد التجأ الى الاعمال الحرة في كسب المال واصبح من رجال الاعمال وتزوج وانجب الاطفال وهو في سن 17 عاماً والى ان وصل الى الثلاثين من العمر قد تم بناء بيت في ارقى المناطق والسيارة الفخمى وكل هذا لم تتوجه اليه انظار الحسد والغيرة مثلما تتوجة الى ذالك الطبيب المسكين.
اما اليوم في العراق والظروف الاستثنائية التي يمر بها البلد نلاحظ الثراء الفاحش للفاسدين والسراق والمتملقين والوصوليين اما اصحاب الشهادات بشكل عام وضعوا على حافة العيش الكريم براتب لا يكاد يكفي لسد متطلبات العائلة خلال شهر واحد ،فكيف حال الطبيب وهو يرى من كان معه في الدراسة وتركها وهو في المراحل الابتدائية قد اصبح اليوم من اثرياء العراق صاحب السيارات الفخمة والبيوت الراقية واملاك اخرى تصل الى الفنادق والعمارات ويرى البعض تسلق للسلطة بشهادات مزورة او تعليم شكلي ومنها استحوذوا على مقدرات البلد وبدأوا يتحكمون بالقرارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية .
هذه الاسباب تدفع الطبيب ان يفرض نفسة من خلال علاجه للناس بأجور مرتفعة تليق به على الذين اوصلوا هولاء الاثرياء الفاسدين للسلطة وتسيدوا البلد فيحاول التعويض في كسب العيش ليصل الى المستوى المعاشي الذي يليق به كطبيب بين الناس لان المادة حاجة ضرورية لسد متطلبات الشخصية كشخصية الطبيب على الرغم ان مهنة الطب مهنة انســـانية لكن المجتمع الذي فرض عليهم ظروف تدفع الكثير منهم للتفــــــكير بعيد عن الانسانية التي ابتعدنا عنها جميعاً ليس فقط الاطباء وهي حالة طبيعية لنتائج 40 سنة من الحروب التي خلفت الويلات على كافة الاصعدة ،فالذنب ذنب الحكومات التي لم تعط الحقوق بصورة متكافئة التي يستحقها البعض بشكل مختلف عن الاخر حسب استحقاقة ،لذا برز الجشع والطمع وعدم القناعة .
0 تعليقات