الصالون والديوان الادبي والموروث العراقي .. يزهوا في لنـدن

مشاهدات

  

 

ايمان الجنابي

 
الفراق عن الوطن له غصة وحسرة في الذات البشرية ، ومن أصعب الآلام ومن أشدّها. فمن لا يبكي لفراق الوطن؟ ومن لا يشتاق لأرض وطنه؟ فلو لم يكن الوطن غالياً لهذه الدرجة لما سُمّيناه ( الوطن ) .. لان الوطن يعني الام الحنون التي تحتضن أطفالها وتمنحهم الشعور بالأمان والسكينة. ومهما سافر الإنسان ومهما دار من بلدانٍ حول العالم، فلن يجد أحنّ من حضن وطنه ولا أدفء منه. . ولابد ان نتعلم او تعلمنا أنّ الفراق عن الوطن لا يعني بالضرورة التوقف عن العمل والإنتاج وفقدان الأمل.. ونتعلّم أنّ الهجرة ليست النهاية وأنّ السفر لا يعني الانشقاق عن الوطن. بل كلّما اشتقنا لوطننا أكثر، تحفّزنا لأن نعمل ونتعلّمُ كي نعود إلى وطننا وفي يدينا ما يعمّره ويفيده.. وهذا مابنى عليه افكاره وبرامجه الدكتور سعدي الشذر المغترب عن العراق والقريب الى قلبه ونبضه! حيث تعلمُ أنّ الأمل يبقى رغم قسوة الظروف. وان الأهداف تبقى ثابتة مهما واجهنا من صعوبات. نتعلّمُ أنّ للوطن واجبٌ وحقٌ علينا وأنّ لدينا أمانة يجب أن نؤدّيها.
 
مراسلة (وكالة الحدث ) الاخبارية حاورت الدكتور سعدي الشذرهاتفيا  والمقيم في بلاد الضباب لندن حين كون واسس لديوان ادبي وثقافي يضم كل العراقيين المغتربين في بريطانيا وفي ديوان وبيت الالفة العراقية الاصيلة وتجمعه الالفة مع نخبة من العراقيين والعرب هناك ليكونوا لهم بيتا جديدا يضم حنينيهم واشتياقهم للوطن الكبير العراق !!

( الحدث)..  فمن هو الدكتورسعدي الشذر؟ وماهو سر التالف الانساني العراقي الاصيل الذي يجمع العراقيين في بلاد الغربة معه؟ هذا العراقي الاصيل قد رسخ مفهوم المواطنة والاصالة معا في ان يجعل بيت العائلة  وتحديدا في بقعة تشغل ركنا هادئا جميلا  ومنعزلأ من حديقة المنزل ..في لندن حيث قام بتغليف قسم من واجهة منزله بالزجاج ليكون ضلا وارفا ليقي الجالسين من تقلبات الجو بمدينة الضباب المعروفة هنا، كما انه جعل تلك الدار لتكون ملتقى للشخصيات العراقية والعربية  في اماسي ثقافية متنوعة تحت عنوان ( ديوان الشذر الثقافي ) صاحب الديوان هو الدكتور سعدي الشذر الذي طالما كان بيتة  وقلبه مفتوحا للأصدقاء الذين يلتقون باستمرار وغالبا مايطرح موضوع  الساعه  المتداول للمناقشه او اي موضوع ادبي أوعلمي أو اقتصادي وعاده ماكان الأمر ينتهي بشواء سمكه على الطريقه البغدادية اواي اكله عراقية يحرص الشذرعلى تذوق ضيوفه قبل المغادره .

( الحدث).. الفكرة انطلقت  ونشأت في تشييد الديوان الثقافي الذي طرحها اكثر من شخص ممن يلتقونه بشكل دائم او متقطع! حيث يؤكد احد الحضور في ديوانه الفكري الانساني بان الدكتور الشذر ( وهو استاذ الادب المسرحي في معهد الفنون الجميلة في السبعينات في بغداد ) عندما كان يلتقيه  محبيه في ديوان الكوفة الاسبوعي لصاحبة المعمار محمد مكيه حيث اثارها احد اصدقائه وقال له استاذ لماذا لاتملك  صالونا ادبيا كهذا خاص بك ؟! واخيرا تحقق حلم الأصدقاء قبل ان يكون حلم الشذر نفسه الذي يعد الاب الروحي والأخ الكبير لكثير من ابناء الجالية العراقيه هناك، الديوان مستقل لاينتمي لجهه ما وكل انسان يحمل صفه الأنسانيه اولأ مرحب  به وهو حر في معتقداته  التي لاتؤثر او تضايق الأخر..وكم انا سعيد كما الاخرون بهذا الصالون والذي هو هوية عربية وعراقية متعارف عليها منذ زمن بعيد..

 

افكار ومشاريع ادبية وثقافية وفولكلورية نابعه من قلب العراق..

كما هو معروف ان المثقف هو الذي لايقف بعلمه واطلاعه عند حد محدود، لانه تذوق المعرفة وتشبع منها في مجتمعه الاصيل وأحبها، وتأثر بها،مع انه إنسانا لايحس الغربة في أي وطن من أوطان الناس أو بيئة من بيئاتهم، ولا يجد القلق حتى يسمع الناس يتحدثون في أي ضرب من ضروب الحديث ... والرجل المثقف آخر الأمر هو الذي أخذ من العلوم والفنون بأطراف تتيح له أن يحكم على الأشياء فهما صحيحا مقاربا. والتعليم هو سبيل هذه الثقافة، هذه المقدمة البسيطة التي اشرنا بها الى شخصية الدكتور الشذرالذي اسس لمؤسسة ثقافية متكاملة تحوي وطنا وشعبا في ظل الثقافة والحوارات التي تقدمها مؤسسته الثقافية، ( مراسلة الحدث ) حاورت الشذر حول مشاريعه وهواجسه حيث قال:
لقد اسست هذا الديوان الثقافي الاجتماعي كما هو امامكم الان منذ(5 سنوات )،وجائت عن فكرة بسيطة جدا ويمكن لاي شخص ان ينفذها  كما يجب.. واود القول باني استثمرت مكانا محددا في حديقة المنزل، ويستوعب حظورا لايقل عن 40 او خمسين شخصا ، واذكر مرة من المرات حين حضر الشاعر السوري ادونيس  كان الحضور تقريبا 70 شخصا اي قبل كورونا بسنة واحدة ! وكانت البداية بسيطة جدا وان اول مثقف انطلق بمحاظراته هو الدكتور سيار الجميل وهو شخصية معروفة جدا واولى محاظراته كانت عن المثقف المؤدلج او ( ادلجة الثقافة )! ويعني بالمثقف ضمن الاطار السياسي او حزبي معين، او المستقل ،وكانت جلسة متميزة رائعه وهادئة ، وان كل جلساتنا كانت ولاتزال هادئة ومتناغمة وان حدة النقاشات اعتبرها حميمية جدا !لانها جلسة ديوان العرب كما هومعروف..

واضاف الشذر: بصراحة انا ومنذ اكثر من خمسين عاما قضيتها في لندن كان بيتي ولايزال مفتوحا لكل العراقيين والعرب ، وكانت الحوارات تقام كل اسبوع مرة او مرتين وبشكل متفاوت، نجلس ونتحاور ونتجاذب اطراف الحوارضمن النقاشات ومنها الشعر والمسرح وحتى الغناء والقضايا الفنية .. وكنا نطرح اي موضوع للنقاش سلفا عن كل شئ، مثلا الحياة او الموت او الجمال او الانتاج كل مايخطر على البال من افكار وليدة اللحظة تلك ! ولكي نجعلها منظمة اكثر من ذلك ، والحضور منتقى  وانا شخصيا لااعلن عن فكرة الديوان او الموضوع اوفعاليات الديوان ، ولكني اتصل بالشخص المعني ، لانني لو اعلنت ذلك فيمكن ان ياتي اكثر من مائة او مائتي شخص في تلك الامسية او الحوارية ، والمكان لايتسع لذلك كما اشرت ، واتصل بالعدد التي يتسعه المكان لغرض الحوار واضع تقريبا عدد لايقل عن خمسين شخصا وخاصة ممن يهتمون بالموضوع المحدد ..

واكد الدكتور الشذر: كانت احدى النقاشات بمشاركة دكتور مصري من احدى الجامعات البريطانية وكان الحوار عن الثقافة المصرية منذ ايام الفراعنة حتى يومنا هذا ! كما شاركنا الدكتور ادريس من السودان وتحدث عن الحضارة السودانية وتطرق كذلك عن الصراع السياسي في السودان مابين اليسار والعناصر الدينية والاخوان ، كما تناولنا موضوع الالوان وتاريخه والتي حاضر فيها فنان معروف جدا في لندن وكيف بدا الانسان يشعر باللون ! ومتى بدا ربط اللون بالمشاعروكيف يرتبط اللون بالسياسة وغيرها من الامور،وغيرها من المواضيع الشيقة والمفيدة، كما عقدت حوارات عن الاشوريين والبابليين في صيغته الخاصة وليست التاريخية التقليدية ومنها حالة تلك المجتمعات ، وكيف كانت تعيش ومن اين تاخذ رواتبها او مصادر معيشتهم وكيف كان التفاهم والتواصل والعلاقات فيما بينهم ! وهناك ايضا حوارت جرت حول ( العلمانية ) كحركة حديثة ناشطة واسبابها ، والكثير من الناس لايعرفون العلمانية وماهي ؟! والبعض يظنها ضد الدين ، وهي بالاساس نشات من الجو الديني !
 
واضاف الدكتور الشذر : لقد اجرينا حوارات ايضا عن اللغة والحرف ومحاضرات عديدة لاتحضرني الان ولكنها متنوعة جدا وغنية في افكارها ومضامينها، ولابد ان اذكر احد اصدقائنا الرائعين سمير طبلة فكان يصور الحوارات والندوات بالصورة والصوت ويوثقها كما ينشرها على موقعه الخاص ، كما ان هناك موضوع جديد سنتاوله لاحقا عن موضوع ( الحس الاخلاقي عند الروبوتات ) ومشاعر الخير والشر عندها! وندخل عن موضوع الذكاء الاصطناعي، وان شاء الله يحاضر فيها استاذ عراقي متخصص في هذا المجال،واحاول الاتصال به من اجل المحاضرة القادمة ،للحديث المسهب عن الية هذه الروبوتات وذكائها الاصطناعي وتفاصيلها المتنوعه جدا ،وهناك محاظرات اخرى ومنها سياسية مختلفة الجوانب والاتجاهات ومنها تعويضات اسرائيل عن ( املاك يهود خيبر)! وحتى عن جغراقية سكنهم في تلك الحقبة !وبصراحة اقولها بان مواضيعنا كما اشرت متنوعة وليست تقليدية ويمكن القول بانها غريبة ! وغير مطروقة سابقا  ..
      
( الحدث ) .. ومن المواضيع المهمة في تلك الندوات او الحوارات كانت للاستاذ الدكتور سيار الجميل  المثقف والباحث وهو مؤرخ وله العديد من المؤلفات في مجال التاريخ والاجتماع والاقتصاد..حيث قال عن احدى الامسيات حول مفهوم المواطن والمواطنة والوطن  كان هو العنوان : بعد دعوة كريمة من الدكتور سعدي الشذر وبأمسية ثقافية وحوارية تفاعلية وموضوعية عن الوطن ومفاهيمه. دار الحوار حول مفهوم الوطن والوطنية والمواطنة وإشكالية المعنى والتطبيق عبر مراحل التاريخ المختلفة في ضوء تجارب العالم عموما والعراق خصوصا.

واضاف الجميل : لقد ناقشت الندوة أسباب تخلخل المفاهيم عبر المراحل السياسية وإنعكاسها على الحياة العامة وآثار الدكتاتورية وفقدان الحقوق الأساسية والحروب والقهر السياسي والإجتماعي والتبعية العرقية والعقائدية والهوايات الفرعية على كينونة المواطن والوطن والوطنية. أثيرت أسئلة ومحاور مهمة عن ازدواج المواطنة بين المهجر والوطن وماهو المفهومين وتأثير أحدهما على الآخر وعلى الأجيال التي لا تعرف عن العراق غير الإسم او الصور او حديث الذكريات وتعيش الإنتماء الروحي ولكنها تنتمي لعالم آخر وهويات وطنية مختلفة..كما نوقشت آلية وإشكالية الهوية الجامعة الموحدة لبلد متعدد الأعراق والثقافات والملل وكيف يمكن للوطنية ان تلعب دورا جامعا بين المختلفين وتكون عنوان رئيسا لهم مع الحفاظ على خصوصية الهويات الفرعية. كما ركزنا على آثار تقهقر الروح الوطنية وشعور المواطنة والإنتماء للوطن اذا ما ضعفت الدولة وكيف تستبدل الهويات الكبرى بهويات أصغر وأصغر حتى تصل للتلاشي والإستبدال الكامل.

مؤكدا لـ( الحدث) : أيضا اخذ جانب الإحتلالات العسكرية للبلدان على قيم المواطنة ومعنى الوطن ودلالات الوطنية تحت الإحتلال وتداعياته المستقبلية. كم يلعب القانون دورا في تفتيت الهويات الوطنية حينما يصنف المواطنين درجات او يفرق بينهم لإعتبارات مختلفة..كما تخللت الندوة الكثير من الطروحات القيمة والأسئلة الفكرية التي أثرت الحوار وسخنته من الحضور الكريم نخبة الجالية العراقية والعربية من أساتذة وخبراء وصحفيين وباحثين و سيدات كريمات..كما تخللت الجلسة القهوة العربية والتمر العراقي والكليجة الطيبة وختامها عشاء عراقي بأمتياز..والجميه قدم شكره وتقديره للدكتور سعدي الشذر ولجميع من التقيناهم بهم في هذا الجمع الجميل..

 

المصدر : وكالة الحدث الاخبارية

إرسال تعليق

0 تعليقات