مشروع المؤسسة المندمج بين التنظير والممارسة

مشاهدات

 





د: عبد الرزاق لعوج فاعل تربوي


يعتبر مشروع المؤسسة وثيقة إدارية وتربوية جد مهمة لكل مؤسسة تعليمية في جميع أسلاك التعليم العمومي بالمغرب؛ سواء بالسلك الابتدائي أو بالسلكين الثانوي الإعدادي والثانوي التأهيلي. وتتجلى أهمية هذه الوثيقة في كونها البوصلة الأساس لجميع المشاريع التربوية؛ والتي تتغيى تجويد التعليمات والرقي بالمؤسسة التعليمية. إن مشروع المؤسسة المندمج هو مشروع يهدف إلى تجويد التعليمات وتحسين مؤشرات التمدرس من خلال التركيز على مجالات عمل ستمكن من تحقيق ملائمة البرامج التعليمية من خلال اعتماد منهجية جديدة ترتكز على تعبئة المتدخلين قصد تشجيعهم على اعتماد ممارسات جديدة في مجال التدبير المدمج والمناهج التربوية المتمحورة حول التلميذ.                        
ما مفهوم مشروع المؤسسة المندمج؟
ما السياق العام والمرجعيات المؤسساتية المؤطرة لمشروع المؤسسة المندمج؟
وما الأوراش التربوية الكبرى وسبل إدماجها في مشروع المؤسسة المندمج؟
1-مفهوم مشروع المؤسسة المندمج:
يقصد بمشروع المؤسسة المندمج جميع العمليات المرتبطة: بالتوحيد؛ والترسيخ؛ وضبط تفصيلات المهام والأنشطة الهادفة إلى نجاح المشروع؛ وذلك في إطار التدبير الأفقي
  بمعنى التنسيق المتناغم لأفعال مختلفة. ويندرج مشروع المؤسسة المندمج في إطار التوجهات الاستراتيجية لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة؛ وهي توجهات هدفها الأساس اعتماد اللامركزية واللاتمركز باعتبارها خيارا استراتيجيا؛ سيسهم في جعل المؤسسة التعليمية مربط الفرس ونقطة ارتكاز المنظومة التربوية وتجويد العملية التعليمية التعلمية. والآلية الكفيلة بتنزيل مختلف البرامج والمشاريع التربوية وتحسين جودة التعليمات وإنماء كفايات المتعلمات والمتعلمين.                                                        


تماشيا مع التوجه الطموح للوزارة في إطار مقاربة شمولية للرؤية الاستراتيجية 2015-2030؛ وتنزيل مضامين القانون الإطار 51.17 وأجراء جميــــــع التوجيهـــــــــــــــــات الرسمية المنبثقة عن خارطــــــــــــــــــة الطريق 2022-2026.                                                              
2-السياق العام والمرجعيات المؤسساتية المؤطرة لمشروع المؤسسة المندمج:
أ – السياق العام:
*التوجيهات الملكية السامية:
المرتبطة بقضية التربة والتكوين؛ خاصة خطابي ذكرى ثورة الملك والشعب وعيد العرش 2018-2019 (ضرورة تحسين مردودية منظومة التربية والتكوين؛ وتقليص الفوارق المجالية ودعم التمدرس؛ وتعزيز اللامركزية واللاتمركز والاهتمام بالتوجيه والتعليم الأولي...)                                                                                          
*أحكام الدستور المغربي 2011:
من خلال التنصيص على تفعيل أحكام الدستور المغربي الجديد؛ خاصة ما يتعلق منــــــــه بترسيخ الحكامـــــــة الجيــــــــــــــــــــــــــــدة؛ وتيسير أسباب الاستفادة العادلة من الحق في الحصول على تعليم عصري ميسر الولوج وذي جودة؛ واعتبار التعلم الأساس حق للطفل وواجب على الأسرة والدولة...                                                               
ب - المرجعيات المؤسساتية المؤطرة لمشروع المؤسسة المندمج:
*الرؤية الاستراتيجية لإصلاح التعليم 2015-2030:
من خلال الرافعة 15 التي تنص على مأسسة مشروع المؤسسة؛ مع ضرورة تحديد دور كل طرف – جميع الفاعلين – في إطار فرق عمل فاعلة ومنسجمة؛ إضافة إلى إرساء الاستقلالية لكل مؤسسة على حدة.                                                       
*القانون الإطار 51.17:                                                                               
تم إصـــــــــــــــــــــــدار هدا القانون من أجل تنظيم وتفعيل مختلف العمليات التدبيرية والتربوية الهادفة إلى تحسين التعليمات لجميع المتعلمين؛ باعتباره الأداة الأساس لأجراء السياسات التربوية داخل كل مؤسسة مع مراعاة خصوصياتها ومتطلبات انفتاحهــــــــــــــــــا على محيطها؛ ويتضح ذلك جليا في الباب السابع المتعلق بحكامــــــــــة


 المنظومة؛ ومن خلال المادة 40 على الخصوص التي يتأكـــــــــــــــــــــــــــــــد منها على إرساء استقلالية مؤسسات التربية والتعليم؛ باعتماد مشروع المؤسسة لتنميتها المستمرة وتدبيرها الناجح.                                                                                         
*خارطة الطريق 2022-2026:
جاءت خارطة الطريق خلال الولاية الحكومية الحالية لإصـــــــــــــــــــلاح أعطـــــــــــــاب التعليـــــم العمومي بالمغرب خلال مدة زمنية محددة وهي 2022-2026؛ تحت شعار مدرسة ذات جودة للجميع
وترمي خارطـــــــــــــــــــــة الطريق الجديدة، حسب المعطيات المتوفرة، إلى تحقيق ثلاثـــــــــــة أهداف أساس، وهي تحقيق إلزامية التعليم، وضمان جودة التعليمات الرئيسة؛ وتعزيـــــــــــــــــــز التفتــــــــــــح والانفتاح والمواطنة.                                                                                              
*المذكرة الإطار 087.21:
أصدرت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة مذكرة تتعلق بمشروع المؤسسة المندمج تحت رقم 087.21 بتاريخ 6 أكتوبر 2021 في شـــــــأن تعميـــــــــــــم العمـــــــــــــل بمشروع المؤسسة المندمج.                                                                                               
وتعتبر هذه المذكرة الوزارية الجديدة امتدادا لمشاريع سابقة انطلقت منذ تسعينات القرن الماضي؛ وذلك عبر العديد من التجارب والأعمال:                                                       
*مرحلة تبني مشروع المؤسسة للرفع من جودة التعليم: 1994-2007
*مرحلة الإغناء والتطوير:2008-2012
*مرحلة تعميم منهجية العمل بمشروع المؤسسة:2013-2015
3 - مواصفات مشروع المؤسسة المندمج:
*الإطار المنهجي: الموجه لمجهودات جميع الفاعلين التربويين والشركاء.
*الآلية العملية: الضرورية لتنظيم وتفعيل مختلف العمليات التدبيرية الهادفة إلى تحسين جودة التعليمات لجميع المتعلمين.


* الأداة الأساس: لأجراء السياسات التربويـــــــــــــــــة داخل كل مؤسســــــــة للتربيــــة والتكويــــــــن؛ مــع مراعاة خصوصياتها وانفتاحها على المحيطين الداخلي والخارجي.
*المقاربة النسقية الشاملة: يشكل مشروع المؤسسة المندمج نظاما نسقيا مؤلفا من مكونات مترابطة ومتفاعلة فيما بينها. فهو عبارة عن آلية لتنظيم مختلف العمليات الإدارية والتربوية وإنجازها.
*مشروع المؤسسة كإطار تكاملي: يتضمن مشروع المؤسسة المندمج المعطيات الداخلية للمؤسســة ومعطيــات محيطهـــا المحلي؛ ضمن إطار تكاملي؛ من أجـــل تحسيـــــــن الجودة داخل المؤسسة.                                                                                                
4 – مختلف الأوراش التربوية و سبل إدماجها في مشروع المؤسسة المندمج:
إن الهدف الأساس من العمل بمشروع المؤسسة المندمج هو الرقي وإعادة التأهيل على ثلاثة مستويات:
* المستوى التربوي:
تشجيع ثقافة المبادرة والتجديد وتنمية المهارات الحياتية لدى المتعلمات والمتعلمين. وتأمين التعبئة القصــوى للأطر التربوية والإدارية والشركاء من أجل تحسين التعليمات وتعزيز جودة التعليمات المدرسية بتطبيقاتها في شتى مجالات الحياة العملية.
*على مستوى التدبير:
إرساء قواعد الحكامة التربوية الجيدة والتدبير عن قرب والتدبير بالنتائج.
*على المستوى المنهجي:
دعم القدرة على تخطيط المشاريع وتنزيلها من أجل الارتقاء بأداء المؤسسة وجودة التعليم والتعلم. واعتمــــــــاد مقاربــــــة تصاعديــــة في تخطيط المشروع انطلاقــــــــــا من حاجات المؤسسة
وأولوياتها؛ في توافق مع توجهات إصلاح منظومة التربية والتكوين.                                    

                              
ويمكن التأكيد على أن مشروع المؤسسة الناجح لابد من استحضاره لحافظة المشاريــــع   كعملية تنزيليه لمضامين القانون الإطار51.17؛ بالإضافة إلى الرافعات الكبر ى لإصلاح
منظومة التربية والتكوين – الرؤية الاستراتيجية - الهادفة إلى الرفع من مستوى التعليم والمتعلمين. ولا يمكن تحقيق هذا إلا من خلال مقاربات تتجلى في: الحكامة الجيدة؛ التمكين والاستقلالية؛ جودة الخدمات المدرسية؛ المقاربة التشاركية وتقاسم الممارسات المهنية...                                                                                                                
إن الغاية الكبرى من مشروع المؤسسة المندمج هي جعل المتعلم في قلب الاهتمام والتفكير والفعل؛ وذلك بتوفير الشروط والسبل أمام المتعلمين والمتعلمات للتمكن من صقل ملكاتهم وأن يكونوا متفتحين مؤهلين وقادرين على التعلم والإبداع والبحث مدى الحياة في مجالات الفن والثقافة والعلوم والتقنيات. بالإضافة إلى القدرة على بناء المشروع الشخصي والسعي إلى تحقيقه؛ من أجل إنماء كفايات التواصل والثقة بالنفس والانفتاح على الآخر...


إرسال تعليق

0 تعليقات