توافق ام تغانم؟!

مشاهدات

 



د.شاكر كريم عبد


 من الواضح ان الغزو الامريكي للعراق عام 2003 لم يكن حدا فاصل ومرحلة انتقالية  جديدة لشعب العراق الابي وحسب بل كان نكبة كبيرة من خلال احتلال العراق وتواجد القوات الامريكية ومن تبعها على ارض العراق لها مشاريعها الاستعمارية مباشرة والتي اخذت شكلا مباشرا من حيث التدخل غير المحدود والمعلن في صناعة القرار وتغييب القرار الوطني والقومي العراقي .  


لم يقف الامر عند هذا الحد ولكن مجموعة التناقضات الكبيرة التي خلفها الاحتلال هي الاكثر خطورة لا على العراق فحسب بل على عموم المنطقة ,  حيث عمل الاحتلال على تشويه كل ذلك التطور من خلال اكاذيب ثبت زيفها , وبدلا من ان يواصل النهوض بالبلاد , "وهذا مستحيل طبعا " لانه يخالف اهداف العدوان او الحفاظ على البنى التحتية  القائمة في اقل تقدير ليمنح نفسه  ومن جاء بهم  قبولا لدى الشارع العراقي اثبت من خلال ممارساته وما تبع الغزو من افرازات على الصعيدين الوطني والاقليمي انه جاء لغير ما اعلن , وانتهج سياسة اقبح من فعل الاحتلال نفسه , واذا كان المواطن العراقي يدرك ما تخلفه الحروب من ويلات ودمار فانه الان ادرك ان الادارة الامريكية قد نقلت الى العراق كل صراعاتها الدولية والاقليمية دفعة واحدة , وجعلت منه مسرحا دمويا لها واوجدت من يحارب بالنيابة عنها ووسعت قاعدة عملائها الذين ينفذون برنامجها العدواني كجزء من بعثرتها وتشتيتها للجهد الوطني العراقي . واصبح القرار العراقي يتاثر بالخارج منذ 2003 ولحد الان.


ان اخطر الصراعات التي أوجدها الاحتلال في العراق نتيجة العدوان هو الصراع القومي وبنفس الحدة الصراع الطائفي ثم عمقت هذه الصراعات بايجاد رؤوس لجماعات هزيلة ومنقادة الى عدة جهات في الخارج تقدم لها الدعم , فاصبح الاختلاف داخل القومية الواحدة نفسها او داخل الطائفة الواحدة واخذ هذا الصراع طابع تسقيط الاخر في البداية خصوصا في الجانب الفكري وهي فقيرة بكل المعايير, فضمنت ادارة الاحتلال ان هذه النماذج لا تحسن بالمطلق التعامل مع اي حالة وطنية متطورة , ولهذا ولاصرارها على الاخطاء فان هذه الاحزاب قد عجزت عن تقبل الطاقات والخبرات الوطنية المتوفرة والتعايش معها وذهبت  الى محاولة الاثراء الفاحش غير المشروع فكانت سببا لانتشار الفساد الاداري والمالي الذي نهش في جسم الدولة العراقية وتدمير ما لم تخربه الة العدوان ورجع بعجلة التطور العراقي مئات السنين الى الخلف فخلق فجوة عميقة بين المواطن والحكومة من جهة وبين داخل العراق وخارجه لا يمكن تجاوزها في المنظور القريب من جهة ثانية , لقد عملت سلطات الاحتلال على ايجاد دستور مشوه ومبتور يحمي الاحزاب والشخصيات  التي اوجدتها ويبعد اي جهد وطني من امكانية التوحد والقوة ويعيد البلاد الى وضعه الطبيعي , وتحت عنوان" الديمقراطية "اجرت سلسلة من الممارسات التي اسموها انتخابات تارة تشريعية واخرى نيابية دفعت بكوادرها التي اعدها مسبقا الى كراسي السلطة حتى وصلت الان حد النزاع العلني على الكراسي والاختلاف على تقاسم الغنيمة من قوت المواطن واذا كان الشعب العراقي على يقين بناءا على تجاربه خلال اكثر من 18 سنة من عمر الاحتلال البغيض ان امريكا لم ولن تسمح باقامة ديمقراطية حقيقية في العراق فانه قد شارك فيها لاسقاط كل الذرائع فصبر حتى بعد التصفيات والاجتثاثات لكل معارض للاحتلال وتحمل وجازف واسقط العملاء والخونة بعد ان وضعهم في ميزان مصلحته العليا , وحديث الشارع يقارن بين ديمقراطية حقيقية قائمة في دول اوربية  استلمت حكومات جديدة مسؤولياتها القانونية خلال ساعات وبين ديمقراطية غير مكتملة ومزيفة لم يتفق اركانها حتى بعد مضي اكثر من اربعة اشهر. مناحرين فيما بينهم على حكومة اغلبية او توافقية  رغم كون التوافقية محاصصة وفساد وافساد وهيمنة وعدم مساواة. كما ان التوافقية ليست خيارا شعبيا كما يزعمون وانما خيار احزاب وكتل سياسية فشلت بادارة الحكم طيلة 18 سنة. والدليل ان اكثر من 80% من الشعب العراقي لم يشارك في الانتخابات.


اما حكومة الاغلبية الحقيقية هي التي لاتتاثر بقرارات خارجية وان تنهض بقطاعات الصناعة والزراعة والتربية والتعليم  والصحة وتنهض بمستوى المعيشة للمواطن العراقي وان توزع ثروات البلاد بالتساوي بين مواطنيها وان  تزيل اثار الاجحاف الذي لحق بالكثير من ابناء الشعب من جراء قرارات لاقانونية ولا انسانية مجحفة اوجدها الحاكم المدني البول  بريمر سيئ الصيت وان يتصدرها الشرفاء من الذين يخافون الله ويحترمون الشعب.

إرسال تعليق

0 تعليقات