السياسي المثقف، والسياسي المتخلف وتأثيرهما على المجتمع

مشاهدات

 




حسن راسم محمد

"تعتبر السلطة والمتمثلة(بالحكومات) في جميع دول العالم هي أعلا وأسمى شيء في البلاد بأعتبارها الممثل الرسمي والقانوني والاجتماعي للفئات التي تعيش في هذه البلدان،وهي ذات مقام عالي جدا عند اهل البلاد أنفسهم وعند السلطات الأخرى في البلدان الأخرى فهي الوسيلة العليا للتعبير عن إرادة الشعوب وإرادة الأفراد وهي ناقل ثقافي وسياسي وعلمي بين من تحكمهم وبين الدول الأخرى،
لكن هناك مشاكل كبيرة جدا تترتب ليس على مسألة السلطة وإنما على الأفراد الذين يمثلون هذه السلطة ويمثلون النظام السياسي، فهم على أنواع متباينة فمنهم المثقف والواعي، ومنهم الشخص المتخلف والراعي والذي أتى وارتقى لقمة هذه السلطة عن طريق العقل الجمعي السلبي الذي لا يعرف تحديد الصواب من الخطأ،أو إنه أتى إلى هذه السلطة بطرق أخرى أحتيالية وكما هو معروف عند الواقع المجتمعي،
وبأذن الله ساتكلم عن السياسي المثقف ودوره في العملية السياسية،والسياسي المتخلف ودوره على العملية السياسية والمجتمع"

السياسي المثقف

"لا تخلوا الانظمة السياسية او الطبقات الحاكمة في جميع البلدان من أشخاص كبار لديهم دراية واسعة جدا في فقه السياسية وأصولها وهولاء الاشخاص لهم دور بارز في رسم السياسة لتلك الدول في مسائل عدة سواء كان الامر متعلق في مسألة تقديم الخدمات الى شعوبهم او رسم طريق التعامل مع المختلف سياسيا سواء كان هذا المختلف داخل البلد او خارجه،
إن المثقف السياسي هو الشخص الذي لديه محصلة واسعة وكبيرة جدا في علم السياسة فهو قارئ نهم لعلوم السياسة متدربا على كيفية تطبيقها على واقعه محاولا من خلال ما تعمق به من ابجديات السياسة وفنونها أن يجلب الخير والنفع الى بلده الأم فهو متيقن جدا وعارف بأن التعامل السياسي مبني على تقديم المصلحة العليا للبلد بغض النظر عن الاشخاص الذين يتعامل معهم فهو يغلب كل ما من شأنه ان يرد على بلده بالعطاء والأزدهار حتى ولو كان الذين يتعامل معه هو من اشد اعداءه،فكل طرف من هذه الأطراف الذين يتعامل معهم لديه كم كبير من النفع ومن الموارد ومن الخيرات التي قد بحسن تعامله السياسي معهم ان يجلب لبلده من هذه الخيرات وهذه المنافع والتي من شأنها ان تحقق تنمية اقتصادية او تنمية ثقافية او معرفية او في اي قطاع من شأنه أن يحرك عجلة التطور لهذه البلدان،
إن الدول المتقدمة حضاريا وثقافيا تعتمد على المثقفين السياسيين بإعتبارهم هم الأدوات الفعالة في تغيير واقع المجتمعات من السلب إلى الإيجاب ومن التحطم الى البناء وذالك بسبب إمتلاكهم زمام الأمور وامتلاكهم القرارات الفعالة التي تصدر من قبلهم فهم الشعاع المضيئ الذي ينقل البلدان من الظلام الذي يخيم عليها إلى النور الأممي والنور الحضاري المشرق،
إن بوادر التغيير التي تحدث في البلدان والنهضات التي تشهدها ما هي إلا لنتائج قرارات ذكية مدروسة بالدقة والتنظيم من قبل النخب السياسية الثقافية الذين ألهمتهم السياسة المعنى الحقيقي للرجل السياسي والمعنى الحقيقي للتعامل السلس والبناء مع الآخر المختلف وكل ذالك التعامل هو لتحقيق المعاني الكبيرة والسامية للتقدم والرقي لبلدانهم،
فهم قواعد اساسية وركائز جوهرية في المجتمعات المتقدمة والمزدهرة بسبب ما يملكوه من ثروة عقلية دأبت على التأقلم والتعامل والتعايش مع أصعب الظروف وتحدياتها وكل ذالك هو من أجل رفعة اوطانهم وشعوبهم وجعلها في القمم في جميع المستويات وذالك نابعا من  شعورهم الكبير بالإنتماء الوطني والهوياتي العميق لبلدانهم والذي بدور هذا الشعور قد غرس فيهم عدت قيم وعدت تضحيات جعلتهم يضحون بكل شيء من أجل أفرادهم"


السياسي الراع والمتخلف

"إن هذا النوع من السياسيين قد يأتي اغلبهم ليس بالوسائل التي ذكرناها في شخصية المثقف السياسي من ناحية الشخص او من ناحية العقل الجمعي الذي اختار هذا الشخص وإنما نستطيع أن نقول أن مثل هكذا نماذج صعدت وتسلمت السلطة عن طريق الصدفة او عن طريق الظروف المشبوهة التي جعلتهم يرتقون سلم السلطة والقرار،
فإذا دققنا وبحثنا جيدا في سير هولاء لا نجد لهم أي ثقافة سياسية او أي خلفية ثقافية تجعلهم وتمكنهم من أن يكونوا في هكذا مستويات عالية يتصدر فيها كل شيء،
إن هذه النماذج قد فازت بفضل العقل الجمعي السلبي الذي لم يفرق الصالح من الطالح ومن الاسود من الابيض وإنما تأخذهم العواطف وتأخذهم نواحي ضيقة جدا في إختيارهم لهكذا نماذج متدنية وضحلة في التمثيل السياسي والاجتماعي لطبقات الأفراد الذين ينتمون لها،
إن السياسي الراع عندما يرتقي سلم السلطة سوف يستخدم كل الطرق الهمجية والمتخلفة في تعامله سواء كان مع الوضع السياسي المختلف او مع الوضع الخدمي وسوف يتعامل بما تمليه له عواطفه وغرائزه البعيدة كل البعد عن دلائل العقل والمنطق السياسي والاخلاقي،
إن هذا الصنف من السياسيين سوف لن تكون له أي رؤية او أي ستراتيجية واضحة المعالم في كيفية التعامل مع ما سيحدث من مشاكل سياسية او خدمية من الممكن أن تطرأ على بلدانهم وإنما سيكتفون بالمشاهدة العينية فقط دون أن يحركوا ساكنا او أن يحركوا واقعا وذالك بسبب قصر عقولهم وقصر تفكيرهم وقصر ثقافتهم في التعامل مع الاوضاع الطارئة التي تتعرض لها جميع البلدان ولأن صعودهم كان صدفة ومن الجانب العاطفي سوف لن ترى لهم أي تأثير على مستوى التغيير الذي يكون ملحا وضروريا خلال الازمات التي تحدث،
إن البلدان التي فيها هذا النوع من السياسيين سوف لن ترى النور ولن ترى التقدم ولن ترى التطور والإزدهار إذ كيف لبلد ان يكون في مصاف الدول العظمى والشخوص التي تمثله لم تعرف وليس لها أي باع في الثقافة السياسية المحلية والدولية،وكيف لبلد ان يزدهر والعقل الذي يحكمه هو مليئ بالسذاجة ومشحون بالعواطف التي تدغدغ شعوره دون عقله،
إن الاساس والمعيار الذي يستخدمه هكذا صنف هو منطق العاطفة وليس منطق العقل والحكمة فكل سلوك يقومون به ستجد وراءه العاطفة وكل قرار يتخذ هو قرار مأخوذ او مقتبس من الآخر من دون دراسة او تمحيص او بعد نظر بشأن هذه القرارات،
إن السياسي الراع والمتخلف بقدر ماهو كذالك يأتي بأشخاصا آخرين سذج وجهال يحتكم اليهم ويأخذ المشورة من افواههم الجاهلة التي تربت وترعرعرت في وديان الانحدار من الجهل والهمجية افواه وعقول لم تعرف معنى الحكمة او العمق في ارشاد اشخاصها الى منطق العقل والواقع وإنما تسوقهم وتشحنهم بالمغازلات العاطفية الفضفاضة والتي تجعلهم يعيشون الخيال والوهم على أنهم هم أهلا للحكم وأهلا لقيادة الاشخاص وتمثيلهم في عدت جوانب ولكن الواقع عكس كل هذه الدفوعات الساذجة وكل هذه الكلمات الخاوية والهشة،
فالامر في السلطة والقرار ليس ضربا من الخيال او ضربا من المزاجيات يتحكم بها اشخاصا لا يميزون ولا يدركون حجم المخاطر التي ترتب على افعالهم وأقوالهم وسياستهم في التعامل مع الآخرين"

"هناك مسؤولية تقع أكثر على الافراد من السياسيين أنفسهم ألا وهي تمييزهم لهذه الاصناف التي ذكرناها،إذ لا بد للفرد الذي ينتمي لوطنه وبيئته ويحبهما أن يكون أكثر فهما وتحليلا وإدراكا في معيارية تصنيف هذه النماذج وأن يكون في محل المسؤولية التي تشعره بأنه فرد له أهمية وله صوت مؤثر ومغير وله إرادة الاختيار فإن أخطأ في المرة الاولى يجب عليه أن لا يقع في هذا الخطأ مرة أخرى،فالانسان معرص للهفوات ومعرض للألتباس احيانا ومعرض لتصديق بعض الكلام الذي يصدر من بعض هذه الاصناف ولكن الذكي والفطن هو الذي يستفاد من خطأه ويعي جيدا كيف يغير الموازين عندما تتاح له فرصة التغيير،
وأيضا يجب أن يتخلى كل فرد وينزع رداء الهمجية والعنصرية الضيقة في تصنيفه للأشخاص فإن التعامل بهكذا عقلية لا يمكن ان تجعل البلاد والبيئات في مأمن وفي رفاه اقتصادي او اجتماعي،إذ يجب أن يكون شعار التصنيف هو الثقافة والمعرفة والكفاءة القولية والفعلية لهذه النماذج إذ إن البلدان والمناطق تتقدم بقدر عقول هذه الاصناف التي تحكمها فإن كانت عقول تتمتع بالجودة والاصالة فإن الامر وبلا شك سيتغير للإيجاب وإن كانت العقول عكس ذالك فاقرأ على الامن والسلام والتقدم والخدمات السلام"






إرسال تعليق

0 تعليقات