أزمة السكن .. مقاربة بين الإقليم والمركز

مشاهدات




فارس البكَوع


بداية انا لست من دعاة التقسيم والاقلمة رغم ان الدستور العراقي لسنة 2005 وقانون المحافظات 2008 يبيح ذلك ولكن اضطررت لاختيار العنوان على سبيل المقارنة ليس الا , وموضوعنا اليوم عن ازمة السكن الخانقة في عموم محافظات العراق وغلاء العقار من حيث الشراء والاستئجار باستثناء محافظات الاقليم السليمانية واربيل ودهوك .


العاصمة بغداد:

تعد عواصم العالم عموما مراكز سياسية واقتصادية وثقافية مما يجعلها مراكز جذب للسكن اكثر من غيرها لذلك تحتاج الى عملية تخطيط عمراني وحضري ووضع خطط تلائم وضع العاصمة ونسب ازدياد السكان وقد صنفت العاصمة بغداد وحسب المعايير الدولية للأمن انها من اخطر بقاع العالم نتيجة اعمال العنف المستمر وعدم قدرت الأجهزة المختصة السيطرة التامة والحد من هذه الظاهرة ولذلك قبل ايام شاهدنا وسمعنا ضغط داخلي وخارجي يتناول موضوع الافلات من العقاب ومع هذا المؤشر الامني الخطير فضلا عن العوامل الخرى من ضعف الاداء الخدمي والصحي تصنف بغداد الأغلى والاعلى سعرا للعقارات مقارنة مع عواصم أوربية واسيوية كلندن وطوكيو وغيرها من العواصم , وازداد الطلب السكني والتجاري على بغداد بمعدلات كبيرة جدا بعد 2003 وسقوط النظام السابق ودخول الديمقراطية للبلد كما يحلو للبعض تسميتها وهذه الديمقراطية السياسية انتقلت للديمقراطية السكنية او السكانية في العاصمة وغيرها من المدن العراقية بحيث اصبح اي شخص يملك عقارا او يسيطر على عقار باي طريقة حتى ولو بالتجاوز على المال العام او الخاص يقوم بالتصرف به بالبناء او التقطيع والفرز حسب الطلب دون الالتزام بقوانين وقواعد البناء والعمران البلدية والعمرانية لذلك وجدنا الدار الواحدة تفرز وتقسم الى ثلاثة دور او اكثر بواقع 100 متر او 75 متر وحتى اقل من ذلك كما هو الحال في احياء متـــــميزة من بغداد كان لها طابعها الجميل وشوهت لاحقا كأحياء زيونة واليرموك والحارثية والجادرية وغيرها في حين التشريعات والتعليمات العقارية لاتسمح بالفرز الا بموصفات ومساحات خاصة وبشروط واضحة بما لا يتعارض مع التخطيط العمراني والحضري المقرر سلفا , ولازالت الفوضى العمرانية والسكنية قائمة ومستمرة دون رادع او محاسبة من امانة العاصمة واجهزتها الرقابية , اما موضوع التجاوزات والعشـــــــوائيات فحدث ولاحرج فقد شوهت العاصمة والمدن واصبحت العشوائيات ظاهرة تدخل في البزنز السياسي وتقطع لهم الوعود من الاحزاب ورجال السياسة بتمليك المتجاوزين وتـــــوفير الخدمات البلدية والصحية والتعليمية بدلا من المحاســـــبة وازالة التجاوزات انعدام المحاسبة زادت من جرأت المتجاوزين على المال العام والخاص وبالتالي التطاول على سيادة الدولة وهيبتها وضياع القيم المجتمعية .


هل توجد ازمة سكن في الاقليم ؟

من خلال تجربة شخصية بعد التهجير الثاني (تهجير داعش) وسقوط عدد من المدن العراقية بيد التنظيم الداعشي الارهابي يمم عدد غير قليل من العراقيين صوب محافظات ومدن الاقليم وبأعداد ليست قليلة ومع هذه الموجات البشرية من النازحين اضافة الى سكان الاقليم لم يحصل ازمة سكن ولا تلكا بالخدمات بصورة عامة وكلامي هنا عن النازحين الذين استطاعوا السكن في وحدات سكنية سواء شقق او مساكن افقية ولحد كتابة هذه السطور هناك من استوطن واستقر في الاقليم بعد التحرير من الارهاب الداعشي ولأسباب عديدة اهمها الامن المستقر والخدمات النموذجية وسهولة التنقل في الموصلات العامة والخاصة لوجود شبكة من الطرق المخدومة والانفاق والمجسرات والطرق السريعة والاهم من هذا كله اسعار العقارات المتوازنة والمتهاودة بالمقارنة مع اي محافظة اخرى من العراق ومنها العاصمة بغداد ومرد ذلك يرجع الى الخطط العمرانية والسكانية في الاقليم وفي تصوري المتواضع ان حكومة الاقليم تتبع خطة استراتيجية على المدى البعيد بعد قراءة صحيحة للواقع العراقي الحالي والمستقبلي في وضع الاقليم الامني على ضوء الفوضى الامنية في العاصمة وبقية المحافظات والسلاح المنفلت والنزاعات العشائرية والقبلية وعدم استطاعة الاجهزة الامنية على ضبط ذلك وهذا يعني ان الاقليم وضع خطة استيعابية لموجات من الهجرة الداخلية المستمرة نحو الاقليم والا بماذا نفسر هذا النشاط العمراني الاستثماري المتزايد وبناء العديد من المدن والقرى السكانية وبأنماط مختلفة ومسميات جديدة مثل القرية الامريكية الايطالية والفرنسية واللبنانية الى غير ذلك ونسبة كبيرة من هذه المدن السكانية شاغرة .


مشكلة كبيرة

نعم لايوجد مشكلة بدون حل او حلول ولكن الشكلة الكبرى هل ظرف بلدنا الحالي ظرف استثنائي ام ظرف اعتيادي لوضع الخطط السليمة وامكانية تنفيذها , اعتقد وضعنا اجمالا وضع استثنائي ناتج من عدم استقرار الوضع العام السياسي والامني فضلا اهم تحدي يواجه العراق واعتبره اخطر من الارهاب الا وهو الفساد الاداري والمالي والذي يعطل كل الخطط التنموية الوقتية والاستراتيجية وبالتالي هناك صعوبة حد الاستحالة للتغلب على ازمة السكن التي تحتاج الى وضع خطط من مؤسسات وشخصيات تخصصية بالتخطيط العمراني والحضري زائدا جهاز استثماري كفوء وشفاف ومرن بعيد عن المساومات والمحاصصة والفساد يتولى ادارة عمليات الاستثمارات العقارية ضمن العاصمة والمدن كما هو الحال في الاقليم فتجربة الاقليم في مجال الاستثمار عموما والعقارات بصورة خاصة اثبتت جدارتها ونجاحها بالمقارنة مع المؤسسات الاستثمارية في بقية انحاء العراق وحتى ان وجد الفساد لديهم نسبته اقل بكثير والدليل ما نجده على الارض من مشايع منجزة وغيرها قيد الانجاز للأسف الشديد استطيع القول ان اكثر دوائر الاستثمار في بقية مدن العراق اصبحت جهات طاردة وليس جاذبة وبيئة استثمارية غير مشجعة واخيرا لابد لحل ازمة السكن واعني في موضوع الاستثمار العقاري السكني توفير الامن + الامن + الامن.

إرسال تعليق

0 تعليقات