تلك المدينة

مشاهدات



الإعلامية ندى الكيلاني


أشباح من الذكريات تلاحقنا 

تقتحم صحونا و منامنا و توقظ كوابيسنا 

تصفعنا كي نستيقظ و ندرك 

أن كل ذلك كان مجرد ماضي 

ماضي طفولة مسروقة 

مراهقة بائسة شباب ضائع 

أحداث و أحداث و صور 

و جرح كان و ما يزال يئن 

و يشل حواسنا 

حب بريء مقتول 

حلم كبير مخذول 

و أمنيات صغيرة ماتت جميعها 

نظن دائما أن الصدمة الأولى 

الطعنة الأولى 

منتهى الظلم و الانهيار 

لكن سرعان ما نكتشف 

أن هناك المزيد و المزيد 

و لا يتوقف الزمن و لا يعطيك الفرصة 

لالتئام الجراح و توقف النزيف 

سنوات تمر كأنها أيام 

و أيام تمر كأنها دهور 

ما سر هذه الحياة ؟؟ 

و أين يكمن برج السكون ؟؟

أناس جوعى هنا 

و أناس تذبح هنا 

و أناس تتفاخر بالغنى و الفجور 

أين يكمن صميم وجعك ؟؟

في الماضي أم الآتي 

أم تلك المدينة ؟؟؟

المدينة التي كانت تشهد 

حزنك ألمك دموعك 

ذكرياتك جدرانك زواياك 

شوارعك أرصفتك 

وسادتك سريرك 

أصدقائك مدرستك 

سجنك قيودك 

خيبتك سقوطك 

ولادتك موتك 

تستحضرها كلها في آن معا 

و تعجز اقتلاع روحك منها 

تصارع إثبات وجودك من دونها 

تحارب ترابها و مائها 

تنتشل أوردتك من جسدها 

تعشق ضياعك بنسيانها 

كيف لك الخروج من فضائها 

كيف لك التحليق و دفنها 

تلك المدينة 

لو أن للأشجار شفاها لتكلمت 

لو ان للسماء عيونا لبكت 

لو أن للرياح جسدا لصرخت

لو أن للانسانية وجودا لصمتت 

تلك المدينة 

ليتها تعلم ماالذي فعلته 

و ماالذي دمرته فينا 

فلم نعد نقوى الهروب منها و لا فيها 

تلاحقنا أينما ذهبنا 

و تذبحنا مجددا في نفس المكان 

و كأننا ارتكبنا خطيئة عظمى 

و كأننا ارتكبنا كل جرائم الدنيا 

تلك المدينة 

اتركينا نجتر أيامنا الباقية 

اتركينا نعيش بسلام 

و لو لآخر دقات في قلوبنا 

و لو بقي من العمر مابقي 

مجرد لحظات أما آن الأوان 

أن يتعب السفاح من جلدنا 

خذي كل شيء 

و ابقي بعيدة فلم يبقى منا 

سوى بقية أيام 

و لن أقول بقية أحلام 

فأرواحنا لم تعد تشتهي شيئا 

و لم تعد تريد شيئا 

غير أن ننسى أننا كنا ذات يوم 

في تلك المدينة 


إرسال تعليق

0 تعليقات