فكرة ابتلاع الدولة

مشاهدات




سحر صلاح الخزاعي



الوضع السياسي في العراق وضع مرتبك بل أنه مؤشر واضح على هشاشة النظام برمته الذي أنتج هشاشة النظام السياسي والذي ولدت منه حكومات ضعيفة  تنهشها اطراف متعددة تبحث عن مصالحها الخاصة.

لم يستطع معه السياسيون مابعد نيسان 2003 أن يعملوا على الإصلاح التدريجي الممكن فيه وتقليل الأخطاء للنهوض بالأمة.

يعود السبب في ذلك اولا ظهور صراع الارادات داخل المنظومة السياسية العراقية وثانيا غلبة المصالح الحزبية الشخصية على المصلحة الوطنية فكانت كل جهة تريد اسقاط غريمتها بكل السبل وإن كان العمل ضد بناء الدولة.

وثالثا اتبعت القوى السياسية طريقة غريبة في العمل فهي لها قدم في الحكومة من خلال حصولها على المناصب الوزارية وقدم أخرى تعارض الحكومة التي هي جزء منها ، فكيف يمكن فهم انك مشارك في تشكيل الحكومة ومعارض لها بذات الوقت بل وتعمل على عرقلة مسيرتها.

رابعا نتيجة الفوضى العارمة ركزت القوى على بناء اساسات وجودها من ممتلكات واموال الدولة فكل جهة سياسية تستغل منصبا حصلت عليه قدر الإمكان من اجل الربح المادي  وهذا تحدثت عنه جميع القوى وبصراحة ولم يعد خافيا على ابسط المتابعين.

هذه المعطيات جعلت من الحكومات المتعاقبة اسيرة لإرادات القوى السياسية داخل منظمومة البرلمان والتي انتجت حكومات إئتلافية تشارك فيها جميع القوى السياسية فكانت حكومات تتحاذبها اطراف عدة لا اغلبية واضحة لفصيل سياسي معين .

هذه الهشاشة كانت حافزا واضحا لبعض القوى لتشكل اجنحة عسكرية ظاهرها مقاومة المحتل الامريكي وباطنها ابعد من ذلك وهو ارهاب الشارع واخضاعه لأرادتها.

في الساحة أكثر من فصيل مسلح الآن وهذه الفصائل بدت تستخدم كل مقدرات الدولة حتى رواتب منتسبيها منها تحت يافطة قوات الحشد الشعبي.

وهذه القوى تتمرد على الحكومة بأية لحظة تشاء.

لانريد هنا أن ندخل بالتفاصيل ولكن لنعود الى عنوان المقال وعلى فكرة ابتلاع الدولة التي يسعى لها البعض جاهدا طمعا في السلطة وفقا لرؤية دكتاتورية دينية تتحكم بكل شيئ وستكون في نتائجها النهائية ابشع من أية دكتاتورية وتشير الى عودة العراق الى حقبة مظلمة اشد ظلاما خصوصا إن قادة هذه الفصائل والتي ترغب بإبتلاع الدولة ستقضي على أي امل ببناء ديمقراطي ممكن .

فكيف لديمقراطية أن تعيش تحت وطأة السلاح والإستبداد؟؟

هذه القوى في الساحة السياسية لم تكن صالحة للحكم لأنها اصلا لا تستوعب العمل الديمقراطي وإن صرحت به فأغلبها قوى دينية تؤمن بفردانية الحكم ولذلك عملت خلال 18 عشر عاما على تفريغ الدولة من محتواها واضعفتها سياسيا واقتصاديا ومزقت نسيجه الاجتماعي بصراعات و بتقسيمات مذهبية وقومية  كي يسهل عليها الأمر دائما في البقاء على رأس السلطة بحجج الدفاع عن هذا المكون أم ذاك.

الآن المسار العام وما هو متوقع أن صراعا بدأ يجري واضحا لابتلاع الدولة حتى تحت يافطة الإنتخابات لذلك لاتستغرب ان اتجهت احد القوى للاصطفاف بجانب الحكومة لا حبا بها بل لحثها على تصفية الطرف الاخر لتخلو لها الاجواء في التحكم بالدولة طولا وعرضا لابتلاعها تماما والسيطرة عليها حينها تنتهي فكرة الدولة الديمقراطية والتي ستبقى على الورق وينقضي الامل تماما ببناء الدولة .

على الأرجح إن الوضع العام لن يستقر وبناء الدولة مرهون ببروز قوى شعبية مناهضة تستطيع سحب البساط من تحت ارجل هذه القوى لإعادة العراق لمساره الطبيعي رغم إن ذلك يبدو صعبا على المدى القريب رغم تكرار تظاهرات هذه القوى الشعبية ولكن هي بحاجة الى تنظيم سياسي يقودها الى قبة البرلمان لأحداث التغييرات المطلوبة.

وإلا فأن ابتلاع الدولة من قبل الجهات المسلحة  هذه أو تلك او كلاهما معا اذا ما وجدنا نقاط التقاء لتقاسم الدولة شريكة  بينهما.

الى ذلك الحين الكل في حالة ترقب لاتعرف نتائجها بسىرعة.

إرسال تعليق

0 تعليقات