ترانيم عنوانها النشيد الوطني

مشاهدات



سمير داود حنوش



في تلك الأيام وعندما كان الخطر يُحيط بوطننا، كُنا نحتمي بالأناشيد ونلوذ بها للصلاة عليه.

إرتسمتْ في مُخيلتنا منذ الطفولة أناشيد الوطن وحب الصلاة على أرضنا، وتعلمنا لغة الأناشيد وترنيمة الغناء للوطن ونحن ذاهبون إلى المدارس، فصارت في قلوبنا مهما تقادم الزمن وكأن الأيام تعاود دورتها وأسمع أصوات الطلبة وهي تُنشد في الصباح وقبل بدأ الدوام ترنيمة النشيد الوطني فكانت أصواتنا تختلط مع أصوات الطالبات في المدرسة المجاورة لتكون خلطة عجيبة من هُتافات الطلاب العالية، تُراقبها هامات المعلمين وهي توزع أنظارها مابين الذين يصدحون وأخرى ترنو إلى العلم فكان عندنا يقين أن وطننا محمي بسواد العيون.

وبالرغم من طفولتنا البريئة كُنا دائماً نشم رائحة العدو وغمامة الموت حين تقترب من بلدنا..كُنا نشمهُ من خلال أصوات أمهاتنا ورائحة الهواء الذي يدخل من شبابيك بيوتنا العتيقة.

وفي تلك ساعات الذروة من الوهج وخفايا القدر كانت أصواتنا تعلو بالأناشيد لتُجدد إنتمائنا لهذه الأرض وتخرج من حناجرنا أناشيد جديدة تملئ ساحات المدرسة وتطوف على الجوار كلمات نشيدنا الوطني، ولِلحق فإن ذلك النشيد الوطني كان يُغرقنا إيماناً بالله والوطن ويرسم على ملامحنا قسماتْ الأيمان ببلدنا ويتجدد فينا الولاء للوطن وندعو إلى الله أن يُديم صلاتنا ودعائنا على أرض هذا الوطن مُنتظرين صباحات أخرى وأيام قادمة يؤاتينا فيه الحب والغزل لهذا المعشوق.

نعم..فلقد كُنا عندما نصدح بهذه الكلمات نقرّ ونعترف بأن أصوات وحناجر طالبات المدرسة المجاورة لنا كانت تُنشد أجمل وأبها مما نُنشد حين يتسرب ذلك الصوت إلى مسامعنا، فكان كل ذلك الإحساس ونشوة الحياة يجعلنا نتمنى عند ذاك لو إكتفينا بمجرد الإصغاء ومتعة الأستماع، لكن سطوة المعلم قد إستفزتْ في روحه وكيانه غيرته وأنانيته فيصرخ فينا ويرمقنا بنظرات الغضب لتصدح حناجرنا على الفور ويرتفع في ساحات مدرستنا الجواب بأننا نُحب هذا الوطن.

آه..أيُها الوطن كم قتيل وجريح وشهيد جندّنا الحب لديك وكم من (صعلوك) هتك هوائك ومائك، إلى متى يبقى العشق يجذبُنا إليك؟ ويحرّضُنا أن نحفر إسمك في قلوبنا وكأننا فهمنا رسالتك أيُها الوطن في أننا إكتشفنا أن هذه الأرض كانت تزداد رونقاً وجمالاً وعزاً كلما كان ناقوس الخطر يدّق أبواب الحدود، وكلما غدر به الغادرون وإستباحهُ القتلة، حيثُ كان هذا الوطن يزداد قوة ويقف شامخاً بعد كُل كبوة وكلما كان يُراد لهذا الوطن أن يُباع في سوق النخاسة كُنا نزداد حُباً وعشقاً لهذا الوطن مهما حاول اللصوص والسُرّاق والقتلة بيعهُ بثمنٍ بخسٍ وفي مزاد رخيص.

إرسال تعليق

0 تعليقات