الحماية ممّن ؟

مشاهدات

 



محمد عبد المحسن


على مدار عهود الدولة العراقية منذ تأسيسها حتى العام ٢٠٠٣ لم يشهد العراق هذا التوسع في ظاهرة الحماية الشخصية للمسؤولين وما يترتب عليها من إنفاق وما يرافقها من فساد، فضلاً عن كونها حاجزاً مانعاً بين المسؤول والمواطن .

ومن المهم التساؤل عن مبررات الحماية وضرورتها في ظل ما يدعيه المسؤول من تمثيل للشعب ومسؤوليته عن حماية مصالحه .

وإذا ما تجاوزنا حماية رئيس الدولة الذي يعد في النظام السياسي العراقي الذي رسمه الدستور (رمزاً) لوحدة البلاد وحماية الدستور دون صلاحيات تنفيذية مهمة فلنا أن نتوقف عند شرائح من المسؤولين لا نملك سوى العجب من تمترسها وراء حمايات غير مألوفة وليس ثمة ما يقنعنا بها.

أولى هذه الشرائح هي شريحة أعضاء مجلس النواب ، فلو حدّثت أحدهم عن صفته فسيأتيك جوابه سريعاً بأنه ( ممثل للشعب ) اكتسب هذه الصفة من خلال أصوات الناخبين عبر صندوق الإنتخاب ، وهنا يثور سؤال كبير : إذا كان هذا النائب قد حظي بثقة أبناء الشعب ومحبتهم فممّن يخاف ليكون بحاجة إلى ثلاثين حارساً ؟.


والشريحة الثانية هي شريحة الوزراء التي تحتمي بعدد كبير من الحراس وتتنقل وسط موكب من المركبات التي تحمل حراسه المدججين بالسلاح ، وهي شريحة يفترض أنها هي نتاج ( تمثيل الشعب ) أيضاً لأن توزيع الحقائب الوزارية يكون في ظل نتائج الإنتخابات التشريعية وتخضع تسمية الوزير لتصويت ( ممثلي الشعب ) أعضاء مجلس النواب، بمعنى أن إرادة الشعب هي مصدر تسمية الوزير من خلال نوابه الذين انتخبهم،

 

هذا في الوقت الذي لم نشهد فيه من قبل مثل هذه المواكب لحماية الوزراء ، إذ لم تكن حراسة الوزير تزيد على مرافق واحد يرافقه في السيارة وعند تجواله راجلاً، بل كثيراً ما كنا نرى وزراء يمارسون حياتهم اليومية دون حراسة فترى بعضهم يمشي في الطريق العام أو يقضي وقته بصحبة عائلته أو أصدقائه في نادٍ اجتماعي أو رياضي أو مشاركاً في نشاط ثقافي متحرراً من قيود الحراسة .


وثمة شرائح لم يكن مألوفاً شمولها بالحراسة الشخصية كوكلاء الوزارات ورؤساء الهيئات والمديرين العامين ، فهؤلاء كان شأنهم كشأن صغار الموظفين الذين تراهم وسط جموع الناس في الطرق والأسواق والمقاهي وسائر الأماكن العامة ، لكننا نجدهم الآن محاطين بمجاميع من الحراس .

وأكثر الشرائح إثارة للإستغراب هي تلك التي لا يحمل أفرادها صفات رسمية كمسؤولي الأحزاب والكتل السياسية غير المشاركين في مسؤوليات إدارة الدولة ، وحتى رؤساء المليشيات المشكلة خارج نطاق القانون !.

ونعرف ويعرف الجميع ما رافق ظاهرة الحمايات من فساد تجلى في ( الحراس الفضائيين ) الذين لا تجد أسماءهم إلا في قوائم الرواتب التي يتسلمونها هم أو آخرون يجدون فيها فرصة لنهب المال العام عبر أسماء وهمية ، هذا إلى جانب النفقات الهائلة الناجمة عن شراء الأسلحة والمركبات وصيانتها .

السؤال يظل كبيراً أمام كل واحد من هؤلاء : إذا كنت ترى نفسك ممثلاً للشعب الذي اختارك بطريق مباشر أو غير مباشر فما مبرر خشيتك واستعانتك بفريق من الحراس ؟. هل يعقل أن يخشى المسؤول من شعب أحبه واختاره ؟!.

إرسال تعليق

0 تعليقات