رمضان في عراقنا هذا العام

مشاهدات

 





د.شاكر كريم


قال تعالى في كتابه الكريم:(( شهر رمضان الذي أنـزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان )) الآية 185 من سورة البقرة. فهوشهر الخير والبركات، شهر الصيام والقيام، الذي ننتظره بفارغ الصبر كما كلّ سنة، شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن شهر فيه خير ليلة في السنة، ليلة القدر المباركة، شهر نتجدّد فيه مع أرواحنا، ونغتسل فيه من آثامنا، شهر أثير عند كل مسلم ومسلمة. لا تكفي الكلمات للحديث عن منزلة هذا الشهر المعظّم. وكم من مسلم منّا دعا في صلاته قبل رمضان أن يرفع عنّا الغمة، ويزيح هذا البلاء، ويشفينا من الوباء وينعم على العالم العربي والاسلامي والانسانية جمعاء بالسلام والامان، ومن كوارث الزلازل والحروب ،قبل أن يهلّ هلال رمضان الكريم، وكم من عبد منيب دعا بظهر الغيب، أن يبلغنا رمضان ونحن في مساجدنا مصطفّين، راكعين ساجدين مهللين مكبرين ،فما أعظمك في نفوسنا يا رمضان.
لكن كلّ شيء بقَدَر. وقَدَّر الله وما شاء فعل، ففي هذا العام، جاءنا رمضان المعظّم شهر الغفران، وكلّ منّا يستذكر ما حل بالعالم الاسلامي والعربي، من كوارث الزلازل التي اودت بحياة الالوف من المسلمين في سوريا وتركيا، وان نستثمرها بالدعاء ، وبعين تدمع وقلب يخشع تتذكّر الأم الدعاء المهيب، نترحم على الموتى، وندعو بالشفاء للجرحى، والسلام والامان للناجين من اخواننا المسلمين. لقد أرادنا عزّ وجلّ هذه السنة في رمضان المعظم، بطريقة مختلفة أرادنا معه فقط، أرادنا في ضيافته في خلوة اللجوء إليه، في نوره، في ظله يوم لا ظل إلا ظله. سبحانك تدبّر الأمر كيف تشاء، وليس لنا إلا الدعاء. يا ربّ ارفع عنّا هذا البلاء، وقنا شرّ هذا الوباء والزلازل، وانخفاض المياه والجفاف والتصحر ،واثارها على البشر والزرع والضرع.
كما أن الله جل ثناؤه شرع هذا الصوم لغاية نبيلة , وهى الرحمة والتراحم بين الناس ، فإن وجدان الصائمون فى رمضان هو التيقظ نحو الخير , والعطف والمشاركة للآخرين فيما يشعرون من الآلم , والحس المرهف لهم فى رمضان ،مما يجعلهم أكثر إستعداداً للخير , وأكثر بعداً عن الشر ،للمشاركة فى حمل تكاليفه فيرحمون غيرهم،تطبيقاً لقوله صلى الله عليه واله وصحبه وسلم "الراحمون يرحمهم الرحمن " وأصحاب المال و السلطة والجاه المصطنع، بددوا ثروات البلاد والعباد طيلة 20 عاما، , ولازالوا  ،يتناحرون ويتبادلون الاتهامات ،من اجل مصالحهم الشخصية والحزبية ، مسؤولون يزدادون ثراءً ،وفقراء يتضورون جوعًا ،في حين كان يتوجب علينا قد هيأنا أنفسنا لاستقباله بخشوع وعبادة خالصة لله تعالى، وليس لأشخاص وأحزاب وكتل تتبرقع باسم الإسلام زورا وبهتان سيما وان العراق لايحتمل اليوم فسادا ونزاعات .ان لشهر رمضان مكانة خاصة في تراث وتاريخ المسلمين ،ففيه بدا الوحي واول ما انزل من القران الكريم على النبي (ص) كان في ليلة القدر من هذا الشهر الفضيل. ان ما يقوم به البعض من أعمال لم تقتصر على خلق عداوات فيما بين أبناء الشعب الواحد وإيغال الصدور بالحقد والغل ضد من نختلف معه فكراً وسياسة ومذهباً وإنما وصلت درجة العداوة التي نكنها لبعضنا ،حد قتل الأنفس البريئة ،وإراقة الدم الحرام وسفكه في كل مكان يوميا ،وكأن من يقومون بهذا العمل الشنيع، يتقربون به إلى الله ليمنحهم مقابله الحسنات ويدخلهم الجنة. وأن نجعل من شهر رمضان المبارك محطة لمراجعة أنفسنا، وتغيير ما بداخلها من أحقاد وعداوات وبغضاء ،بل وتطهيرها مما علق فيها من أدران، ليحل محلها المحبة والتسامح والصفح ،لأن مساحة العراق أكبر بكثير من مساحة الخلافات التي تكاد تعصف بالأخضر واليابس، حيث جعلنا منها هي كل الوطن وكل الشعب ،ولهذا  ينبغى أن نجعل من شهر رمضان فرصة للتكافل , وللتراحم , وللأخذ بيد الفقراء , والأيتام حتى تستطيع أن نمسح دموع المحتاجين واليتامى , والمحرومين حتى تترسم البسمة على وجوههم وتغمر الفرحة قلوبهم . نسال الله أن يتقبل منا جميعًا صيامنا وقيامنا، وأن يصلح ولاة أمر المسلمين، وأن ينصر بهم دينه ويخذل بهم أعداءه، وأن يوفق الجميع لما فيه الخير والصلاح ،وكل رمضان والجميع بالف خير وعافية، وامن وامان واجر وثواب ،اللهم بلغنا شهر رمضان وأنت راض عنا يا ارحم الراحمين، اللهم وفقنا لصيامه وقيامه ،واجعلنا فيه من عتقائك من النار..

إرسال تعليق

0 تعليقات