الانتماء الوطني

مشاهدات

 





نزار العوصجي

يعرف الانتماء الوطني بأنه الانتساب ، فعندما نقول انتمى ، أي ارتقى إليه في النسب ، لذا فان الانتماء اصطلاحاً هو الانتساب الحقيقي من الشخص لوطنه بالفكر والفعل ، ومن خلال السلوك العام ، لأن الانتماء الوطني يرتكز على أساس فكـرة التبادل بين الفرد والدولة في الحقـوق والواجبات ، مما يؤدي إلى التفاعل الروحي لدى المواطن بالرغبة في الانتماء إلى هذه الارض قولاً وفعلاً ، ونصرتها والدفاع عنها بكل ما يملك من امكانيات ..

غالباً ما يعرف الأنتماء من خلال الارتباط والالتزام نحو المجتمع والوطن والأمة ، وغالباً ما ينظر الى حب الوطن والولاء للأمة على أنهما كلمتان مترادفان ، فقد نشأ حب الوطن قبل الأف السنين ، وهو حب مرتبط بحب القانون والحرية العدالة الاجتماعية ، يقابله التصرف باخلاص وامانة ، كما يساعد على مقاومة الفساد والظلم ، ويكون عادةً ممزوجاً بالفخر بقوة الدولة ومكانتها الدولية وتقدمها وتفوقها الثقافي ..
يتجسد الانتماء للوطن باحترام العادات والتقاليد والأعراف المعمول بها ، والالتزام بكل ما يشير اليه من دلالات وطنية ، كالنشيد الوطني ، والعلم ، وكل ما يدرج تحت هذه الرموز ، الى جانب الاعتزاز والفخر بالأنتماء للوطن ، باسمه ، ورموزه ، في الداخل والخارج ، والالتزام بالقوانين المعمول بها والضوابط السلوكية ، والانضباط والالتزام وعدم الاستهانة والاهمال في تأدية الواجبات ، والالتزام بأسلوب الحوار والتفاهم الواعي المفيد في حل المشكلات والخلافات التي تقع بين أفراد المجتمع ..

هنالك خصائص لمفهوم الانتماء للوطن تجسد مفرداته كونه مفهوماً نفسياً ، اجتماعياً ، فلسفياً ، ينتج عن طريق العملية الجدلية بين الفرد والمجتمع الذي ينتمي إليه الفرد ، ويعد الانتماء ذا طبيعة نفسية اجتماعية ، فوجود المجتمع امر هام جداً كعالم ينتمي إليه الفرد ، كما ان الانتماء يتأثر بالظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية المحيطة به ، لذلك فأشكال السلوك التي لا يمكن تفسيرها أحياناً تكون نتيجة فشل الفرد في الشعور بالانتماء ، فلا انتماء بدون ايمان حقيقي بجوهر الانتماء ، لذا فان الانتماء الفعلي يؤدي إلى تطوير الذات وتحقيقها ، كما يؤدي إلى تميز الفرد ، ليكون جزءاً فاعلاً في بناء المجتمع وتماسكه وقوته ..
وللانتماء عناصر اساسية تتمثل بالشعور بالأمان ، والاستقرار ، والحصول على التقدير الاجتماعي ، والشعور بالرضا عن المجتمع ، والقدرة على تحقيق الذات ، والقدرة على المشاركة ، والقيادة السليمة ، والتمسك بالثوابت المجتمعية ، بذلك يكون الانتماء ملموس ومعلن ، فعندما يقوم الفرد بالتعبير عنه لفظياً فإنه بذلك يؤكد على مشاعره تجاه وطنه ، لذا فان الفرد يتخذ مواقف سلوكية تعبر عن انتمائه ..

تبرز أهمية الانتماء للوطن من خلال إعداد الإنسان على نحو جيد للعيش داخل وطنه ، وتكيفه تكيفاً سليماً مع قوانين وضوابط المجتمع ، كما يقوم على تعزيز روح الوطنية بين الأفراد ، ويعمل على تنظيم العلاقات بين الأجناس والثقافات المتنوعة ، ويحول دون تصادمها ..
وتعد التربية الوطنية على الانتماء جزءاً من عملية كبرى هي التربية الاجتماعية ، لتكون بمثابة الضمير الداخلي الذي يقوم على توجيه الفرد وإرشاده إلى ماهو صالح لوطنه ، فكلما تم توجيه الانتماء للوطن توجيهاً صحيحاً كان ذلك عاملاً مهماً من عوامل بناء المجتمع ..

كما يعمل الانتماء للوطن على حماية المجتمع من عوامل الفساد والانحراف ، والتصرفات السلبية كالفساد والعمالة والتجسس ، وعمليات التخريب والإرهاب وغيرها ، التي تظهر في فقدان الاحساس بالانتماء ، لأن الفرد الذي يشعر بالولاء والانتماء لوطنه ، يبتعد عن كل ما يسبب الضرر للمصلحة الوطنية ..
ان صلابة المجتمع وتكامله وترابطه يعتمد على درجة انتماء الشخص ، فالوطن الذي ينتمي أفراده إليه يكون أكثر قوةً وتماسكاً من غيره ، لذا فان الانتماء يؤدي إلى تنامي الحس الوجداني بين أفراده ، ويزيد من حب الفرد في تقديم العطاء والإيثار والتضحية ، بما يحقق الوحدة والتماسك الوطني ، كما يقوم على تنمية الشعور لدى الفرد في تطوير ذاته وعلمه ومكانته لخدمة المجتمع ..

ان من اهم الواجبات الملقاة على عاتقنا ، هو تثبيت مفهوم حب الوطن في مراحل صغيرة من عمر الأبناء ، بدايةً من المنزل والمدرسة والمحيط العام للحياة ، للأرتقاء بالانتماء الوطني ، وتصحيح مفاهيمه التي شوهت ، جراء عمل أجهزة دولية كبيرة ، أستهدفت المنظومة القيمية والاخلاقية للمجتمع العراقي ، والتي عملت على تفكيك المجتمع من خلال تفكيك الأسرة ، ومعالجة ما نتج عنه من أنعكاس على الحالة الوطنية ، الى جانب تفعيل دور وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة ، في تثبيت مفاهيم الولاء والانتماء للوطن ، لما له من أثر كبير على المجتمع في الوقت الحالي ، والارتقاء بالقواعد والقوانين التي تقوم بتوفير العدالة ، والحياة الحرة الكريمة لأفراده ، مما ينتج عن ذلك ترسيخ حب الوطن والانتماء له والحفاظ عليه ، الى جانب التركيز والحفاظ على التعليم واللغة ، وتعزيز الثقافة الوطنية وترسيخ حب الوطن لدى الشباب والأطفال والمراهقين ، لذلك يعد التعليم هو الأساس في رفعة وحضارة الأمم ، والتي بكل تأكيد ستنعكس على نحو إيجابي على حب الوطن والانتماء إليه ، بالاضافة الى تشجيع الأبناء على التضحية والأيثار ، والابتعاد عن حب الذات ، وذلك عن طريق مد يد العون وتقديم المساعدة للآخرين ، ليأخذوا دورهم الفاعل في بناء الوطن …





















إرسال تعليق

0 تعليقات