درس في الديمقراطية لكل من يدعي الديمقراطية

مشاهدات


 

حسين علي/العراق

استقالة ليز تراس بعد(45) يوما فقط في رئاسة الحكومة البريطانية، درس عظيم في الديمقراطية للعالم أجمع
بأن الزعيم لا يجب أن يبقى ولا يوم إذا عجز عن تنفيذ تعهداته والتفويض الذي وكل به، وانهار اقتصاده وعملة بلاده.
أنشأت تراس مجموعة المبادرة الحرة داخل حزب المحافظين عام(2011) وهدف هذه المجموعة دعم المؤسسات الاقتصادية الكبرى خلال تخفيضات الضريبة عنها.
هذه الطريقة تدفع بكبار المستثمرين الى استثمار اموالهم مما سيجعل هناك حركة اقتصادية قوية وتشغيل اكبر عدد من اليد العاملة وبهذا تكون الارباح للجميع.
لكن هناك نقطة مهمة وخطيرة عندما تنفذ هذه الفكرة ستؤدي الى تقليل الضرائب التي تعود الى خزينة الدولة مما يجعلها غير قادرة على الانفاق وتلكؤ في تقديم خدمات الدعم الاجتماعي وهذا سيزيد من الاعباء المالية على كاهل خزينة الدولة.

ملاحظة: الفكرة التي طرحتها تراس هي فكرة قديمة من ايام الرئيس الأمريكي رونالد ريغان ورئيسة وزراء بريطانيا مارجريت تاتشر.
ارتفعت تكاليف الاقتراض في بريطانيا منذ أن تولت ليز تراس منصبها كرئيسة للوزراء، عقب الميزانية المصغرة التي أعلنتها، وتراجعت عنها بعد اضطراب السوق وارتفاع المواد الأساسية وانهيار سعر الجنية الاسترليني امام الدولار، كما أقالت وزير المالية في حكومتها بما معنى شبه
(إنهيار الاقتصاد البريطاني)

خطة النمو او بما يعرف(الموازنة المصغرة)التي قدمتها تراس مع وزير المالية كوارنتج بهدف تحفيز الاستثمار وذلك بتخفيض الضرائب بنسب محددة لكنها لم تلاقي مقبولية من الشعب والاسواق المالية لما يترتب في اثارها خطورة على اقتصاد البلد وحتى صندوق النقد الدولي انتقد الفكرة بقوة.
في ١٤ أكتوبر، اضطرت تراس في(14) أكتوبر أن تقيل وزير المالية كوارتنج وتعين مكانه جيرمي هانت، منافسها السابق على رئاسة الحزب المحافظين البريطاني.

مستقبل تراس كرئيسة للحكومة انتهى باضطرارها لتعيين خصمها وزيرا للمالية والاعتراف الواضح بفشل الخطة الاقتصادية، بالإضافة إلى استقالة وزير الداخلية سويلا بريفرمان وانتقادها عمل الحكومة كل ذلك انهى مستقبل حكومة ليز تراس.
 
تراس اعترفت بشجاعة وستدخل التاريخ بسبب ذلك. "أستقيل لأني لا استطيع تنفيذ تعهداتي" هكذا قالت تراس للشعب البريطاني.
التاريخ لا يدخله من الباب الكبير الناجحون والمنتصرون فقط.. يدخله معهم المنهزمون المعترفون بأخطائهم، وكذلك الذين يتخلون عن مناصبهم من أجل مستقبل شعوبهم.
أحزاب الاسلام السياسي وغيرها في المنطقة العربية اعتادت على السلطة ونفوذها وأموالها واعلامها، ولاتتقبل إطلاقا تحولها للمعارضة لأنها لاتؤمن بمفاهيم الديمقراطية وبناء الدولة، وإنما بالسلطة فقط.
وكم كان صادقاً الاديب المصري توفيق الحكيم عندما قال
"ليس العقل ما يُميز الانسان عن الحيوان.. ولكن الضمير".


إرسال تعليق

0 تعليقات