السياسة مابين التحليل و الواقع

مشاهدات

 





نزار العوصجي

بداً لابد من تعريف مفهوم السياسة ، فالسياسة كلمة مأخوذة من فعل ساس و يسوس ، و تعرف اصطلاحاً بأنّها تقوم على توزيع النفوذ و القوة ضمن حدود دولة ما ، و رعاية شؤون الدولة الخارجية و شؤونها الداخلية ، و عرّفها ديفيد إيستون بأنّها ( تقسيم الموارد في المجتمع عن طريق السلطة ) . كما عرّفها الشيوعيون بأنها ( دراسة العلاقات بين الطبقات ) ، أما الواقعيون فقد عرفوها بأنّها ( فن الممكن أي دراسة و تغيير الواقع السياسي موضوعيّاً و ليس الخطأ الشائع بأنه فن الخضوع للواقع السياسي و عدم تغييره بناءً على حسابات القوة و المصلحة ) ..

التحليل السياسي يعني البحث عن جوهر المشاكل السياسية التي يعاني منها ابناء الشعب ، و تشخيص الأسباب التي ادت الى نشوئها ، و تقدير العواقب التي يمكن أن تحدث في ظل عدم وجود قدرة على معالجتها ، على ان يكون التحليل مصحوباً بطرح الحلول المنطقية القابلة للتنفيذ الفعلي ، للمساعدة في السيطرة على المشكلة و تحجيمها ، بدلاً من اتساع حجم تأثيرها بشكل عام .. بمعنى ادق تشخيص الداء و تسمية الدواء الشافي ، للتعافي من تلك الحالة ..

للوقوف بدقة على مقومات التحليل الناجح لابد من اعتماد عملية الرصد و التشخيص ، و اعتماد البديل وصولاً الى تقيم النتائج المتوقعة .. فعادةً ما تكون الحلول لمعالجة المشاكل مقرونة بصياغة البدائل التي تعتمد على نظام الرصد المركزي ، لذا فان آلية الرصد تؤثر على نجاح جميع المراحل اللاحقة لتحليل السياسات ، بما فيها مرحلة تقيبم مهنية لجهة القرار ، كونها المسؤولة عن اتخاذ القرار النهائي ، باعتبار ان هذه السياسة تتحكم بها جهة ما ، و ان فرز البدائل تمكننا من معرفة ما هو صحيح .. ويتم تحديد بديل قابل للتطبيق من الناحية العامة ، و توفير حل لهذه المشكلة التي يعاني منها الاغلبية ..

لهذا يجب مراعاة الأهداف و الغايات التي دعت الى اختيار البديل ، مع الأخذ في الاعتبار أثر اختيار البديل بحيث لا يؤدي إلى آثار سلبية على الواقع الميداني عندما تحين مرحلة التقييم ، كونه هو المرحلة الأخيرة في عملية وضع السياسات و وضعها في عملية دورية ، كونها دراسة أولية لهذه المشكلة التي يمكن أن تؤدي إلى تصميم سياسة جديدة أو تغييرات على قائمة واحدة .. فتقييم الأداء هو العامل الاساسي للمتغيرات التي تحدث في السياسة العامة ، كما انه تحديد لوجود سياسة تقيم الآثار المترتبة على تدخل القوى النافذة في مجالات الحياة كافة ، الاجتماعية و المادية ، كما ان التقييم يقدم معلومات عن أداء السلطة في السياسة العامة ، و مدى تفهما لأحتياجات الشعب ..

خلاصة القول ان الأنتفاضة الشعبية والتظاهر الجماهيري مؤشران لتقيم أداء السلطة ، بعد الفشل الذريع الذي منيت به خلال عقدين من الزمن ، كما انها تعبير حقيقي عن الرغبة الشعبية في رسم متغيرات السياسة العامة للمرحلة القادمة ، من خلال البحث عن البدائل التي تستطيع انقاذ ما بمكن انقاذه ، و تدارك الموقف قبل فوات الأوان ..

السؤال الذي يتبادر الى الاذهان :
هل المثالية موجودة فعلاً في العمل السياسي ، و كيف يمكن الوصول اليها ؟؟؟

إرسال تعليق

0 تعليقات