دماء الأبرياء في مصيف برخ مابين النفي والتأكيد والحلول

مشاهدات

 




زياد الشيخلي

المقدمة:


تعرض مصيف قرية برخ في ناحية دركار التابعة لقضاء زاخو في محافظة دهوك بكردستان العراق في تمام الساعة 1:50 من ظهر الأربعاء، 20 تموز 2022، إلى قصف مدفعي عنيف ادى الى استشهاد 8 مواطنين وجرح 23 مواطن آخر جميعهم من السياح المدنيين تم إخلائهم إلى قضاء زاخو.
وقد تضاربت الانباء عن الجهة التي قامت بهذا القصف، بالنسبة لتركيا سارعت الخارجية التركية الى نفي  صلتها بالموضوع ووجهت أصابع الاتهام الى حزب العمال الديمقراطي المتواجد على الأراضي العراقية.
وفي نفس الوقت تعالت الأصوات المنددة لهذا العمل الاجرامي بحق المدنيين من قبل كافة شرائح المجتمع العراقي ولا سيما الطبقة السياسية بمختلف اتجاهاتها اول من استنكرت هذا العمل الإجرامي بخطاب موحد، من ثم انتج هذا الخطاب حالة من الاستنكار والرفض الشديدن، اسفر عنه مهاجمة القنصليات التركية في العراق من قبل  بعض الشباب الثائر وأنزال العلم التركي واحراقه.
بلاشك كان هذا باندفاع أما عاطفي بسبب مشاهدة جثث الضحايا ومن بينهم طفلة بعامها الأول أو من جانب سياسي أو ربما فرصة لتصفية الخصوم المقربين من تركيا أو حتى لبعض الحاقدين على تركيا او الموالين لدول أخرى.
بيد أن كل هذه الرفض والاستنكار    لا يعطي الحق في القيام بأي رد فعل بالقول او الفعل ما لم يتم التأكد من قبل أهل الاختصاص لاسيما أن الاعتداء حدث جراء قصف مدفعي وهذا الشأن يجب احالته الى أصحاب ذوي الاختصاص.


الخطوات الصحيحة:

الحادث لحد كتابة هذا المقال مبهم من ناحية نوع المعدات العسكرية المستخدمة، فلا جهة رسمية او غير استطاعت أن تؤكد هل الجريمة ارتكبت بطائرات مسيرة ومجموعة او  قصف جوي بطائرات مقاتلة او من خلال القصف المدفعي وبحسب ما تناقلته بعض وسائل الإعلام المرئية ومواقع التواصل الاجتماعي.
على ما تقدم، يجب اتخاذ الخطوات المهمة التالية من أجل معرفة الحقيقة.

الخطوة الأولى:

 أمر القائد العام للقوات المسلحة بالتحقيق الفوري بالحادث وإيفاد وزير الخارجية ونائب قائد العمليات المشتركة وسكرتيره الشخصي وقائد قوات حرس الحدود إلى محل الحادث للوقوف على حيثياته وزيارة الجرحى.

الخطوة الثانية:

اطلاع ممثلي الشعب والرأي العام على نتائج التحقيق وما ألت اليه التحقيقات المهنية من دون أي تشويش او تأثير على مجريات عمل اللجنة.


نتائج التحقيق ومهنية النتائج والإجراءات:

 
أستغرق عمل اللجنة المكلفة بالتحقيق في نوع وجهة القصف من خلال خبراء مختصين بتحليل مناطق سقوط القذائف وتحليلها بشكل حرفي من حيث عمق الحفرة أن وجدت وقياسات وابعاد الحفرة وبعد الشظايا عن الحفرة واتجاه الشظايا وامور فنية أخرى قد تساعد في معرفة نوع المقذوف واتجاه الرمي وهذا التحقيق أستغرق ساعات طويلة بدأت في الصباح الباكر وانتهت بعد نهاية منتصف الليل والتي جاءت منها القراءات التالية التي طرحت من قبل اللجنة داخل قبة البرلمان.

خطاب وزير الدفاع

رغم أن صبغة الخطاب للسيد وزير الدفاع جمعة عناد الجبوري كانت سياسية أكثر من الصبغة العسكرية الا انه بالتأكيد قد رمى الكرة في ملعب رئيس اركان الجيش ونائب قائد العمليات المشتركة واكتفى بطرح ما كان يقوله الاتراك خلال الزيارات المتبادلة بين البلدين على مستوى وزارة الدفاع حيث أكد الجبوري ان الاتراك لأكثر من مرة قالوا " لو وجدنا علم عراقي على الحدود العراقية التركية لما دخلنا الى أراضيكم " وأوضح ان هذه تبريراتهم وذلك لوجود منطقة حدودية شاغرة بعمق ٢٠ كيلومتر داخل العراق.

خطاب رئيس أركان الجيش

خلال جلسة البرلمان كشف الفريق اول ركن عبد الأمير يار الله رئيس اركان الجيش العراقي عن وجود خمسة قواعد عسكرية تركية كبيرة داخل الأراضي العراقية و٤٠٠٠ جندي تركي داخل أراضي أقليم كردستان كما ان لتركيا ١٠٠ نقطة عسكرية في الأراضي العراقية.
وطرح يار الله أمام الجميع رؤيته في كيفية خروج القوات التركية من العراق حيث أكد على مسك المناطق الفارغة والتي يتخذها الجانب التركي ذريعة لتواجده داخل الأراضي العراقية من خلال مسكها بقطعات عراقية من الجيش وقوات الحدود وكذلك قوات البيشمركة الكردية، وطرح أيضا موضوع أخراج عناصر حزب العمال الكردي المعارض لتركيا من الأراضي العراقية وبذلك نجبر القوات التركية الى الانسحاب.


خطاب نائب قائد العمليات المشتركة

أوضح الفريق اول ركن عبد الأمير الشمري خلال جلسة البرلمان ومناقشة القصف التركي التفاصيل الكاملة لنتائج التحقيق في نوع القصف ونوع المدفع المستخدم ومسافة واتجاه القصف من خلال تقييم فني ومهني حيث أكد ان القصف مدفعي بواسطة قذائف عيار ١٥٥ ملم ومن مسافة ٦ الى ٧ كيلومتر من جهة الشمال الشرقي على منطقة المصيف الذي يبعد عن الخط الحدودي أربعة كيلومتر.
وأوضح ان المنطقة يتواجد فيها أيضا عناصر حزب العمال الكردي المعارض لتركيا وبشكل كبير وقريب من المناطق والمأهولة بالسكان والمصايف والقرى.


الخلاصة

قضية الاعتداءات التركية على الأراضي العراقية ليست بالجديدة لاسيما ان جميع هذه الاعتداءات تكون موجهه ضد عناصر حزب العمال الكردي pkk  والذي أصبح ذريعة لتوغل القوات التركية داخل الأراضي العراقية وتأسيس قواعد كبيرة ونقاط تفتيش وسيطرات.
الا ان الاعتداء الأخير على مصيف برخ كان اعتداء مختلف حيث ذهب نتيجته ضحايا مدنين ما بين شهيد وجريح من بينهم طفلة.
وبالرغم من أن هناك تناقض في خطاب القوى السياسية والعسكرية حول هذا الموضوع،  بين من يقول انه توجد اتفاقيات ما بين البلدين يسمح بتوغل الجيش التركي داخل الأراضي العراقية لملاحقة حزب العمال الكردستاني pkk من أجل القضاء عليه ، ومنهم من يقول ان هذه الاتفاقيات كان في زمن النظام السابق ، وهناك راي آخر يقول قد تم تجديد هذه الاتفاقيات في زمن رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي وهذا ما وضع البلد في دوامة مستمرة بسبب هذا الخطاب المتناقض، الذي جعل وزير الدفاع التركي أن يستهزئ بتصريح وزير الدفاع العراقي " لو وجدنا علم عراقي على الحدود العراقية التركية لما دخلنا الى اراضيكم ..
وما بين كل هذه التصريحات نجد هناك من يطالب بالرد العسكري على تركيا وأعلان الحرب متجاهلا جميع الظروف التي يمر بها العراق من تناحر سياسي وحكومة تصريف اعمال وتسريبات قد تؤدي بالبلد الى الكارثة وأيضا السلاح المنفلت والتدخل الإقليمي والدولي الذي امتعض من قرار عدم التطبع مع إسرائيل، كل هذه الظروف يستهان بها ويؤكدون على اشعال الحرب التي وقودها شبابنا والتي لا نجني منها الا الخراب والدمار.
في السياق ذاته أن تصريحات وزير الدفاع العراقي التي يقول فيها" بأن قواتنا غير جاهزة لاي رد او عمل عسكري" ومن وجهة نظري ان هذا التصريح ليس خوفا من تركيا او محاباة لهم بل من باب وضع الحقائق امام الجميع، وكذلك الاجراء الذي قدمه السيد رئيس اركان الجيش كان بقمة المهنية سيما بهذا الاجراء سيتم خروج القوات التركية وعناصر حزب العمال الكردي من دون سقوط قطرة دم واحدة وهذا هو ما يسمى النصر الحقيقي بدون خسائر.
وأن مثل هذه الأمور ليس الحل الوحيد فيها هو العسكري بل هناك الحل الدبلوماسي وتدويل القضية وتقديم مذكرة احتجاج لدى مجلس الامن الدولي والأمم المتحدة لاسيما ان العراق الان أصبح مصدر اهتمام الى جميع دول العالم والمنطقة.

ختاما: من يتجه الى صوب النقاش والتعقل والابتعاد عن نزيف الدم ليس جبنا او هروبا او ضعفا بل هذا كلام العقل ومهما كانت تركيا قوية بترسانتها العسكرية وعدم جهوزية القوات العراقية الا ان الحرب قد تطول او لا تنتهي بوقت قصير وخير دليل الحرب الروسية الأوكرانية وكذلك التحالف العربي والحوثيين وغيرها من الحروب والمواجهات التي بدأت بسرعة وسهولة ولكن انتهت بعد خراب وحرق الأخضر مع اليابس.
لذا يجب التعقل واستخدام الحل الدبلوماسي والمسير باتجاه مجلس الامن وتدويل الموضوع ففيه الحل الأمثل والناجع لجميع الأطراف.

والله خير الحافظين

إرسال تعليق

0 تعليقات