كيفية تحليل الرسائل والرد عليها

مشاهدات

 





محمود الجاف

 
عندما تصلنا رسالة ما قد يُصيبنا الارتباك احيانا لأننا لانعرف كيف نردُ عليها ولا حتى ماتعني بعض كلماتها . بل وماذا يقصد كاتبها في الكثير مما قاله . وقد نتالم لأننا لم نُجب عليه بما يليق . أو نتمنى لو كنا رددنا بشكل مُختلف . لذا وجب علينا ان نفهمها بهدوء ونعطي انفسنا فترة زمنية كافية للتفكير ثُم نختار الجواب المُناسب .
 
وأرى ان كلا منا يحتاج الى منهج يُبَصِرهُ بأصول التحليل الذي يقوم على قواعد وأسس علمية تفضي الى نتائج تُمكننا من الوصول الى احكام دقيقة على اشخاص سواء كانت بالجودة أو السطحية ومعرفة اتجاهاتها ان كانت مع أو ضد . لان كلمة تحليل تعني الوصول الى الجوهر والعُمق المُراد من هذا النص .
 
تُعد الرسالة احدى الفنون الأدبيّة التي استخدمها الانسان مُنذ القدم في نقل المعلومات عبر وسائل تطورت مع الزمن . والنص هو متّن الكلام الذي يُعبّر فيه الكاتب عن افكاره ومشاعرهُ والاحداث التي يعيشها مَبنية على رؤيته وتصوراته ويُمكنه استخدام الصور فيها أو الاستطراد بالكلام والتَّفصيل إذا لزم الأمر عدا المُراسلات (الرَّسمية) أو الدبلوماسية  لان الأشخاص المبعوثة اليهم يُعتبرون غرباء .
 
  مُنذ الأزل سعى البشر على اختلاف مستوياتهم الثقافية والعلمية والاجتماعية والسياسية الى مُحاولة فهم الآخر وتحليل كلامه ومعرفة مشاعرهُ نظرًا لما لهذا الأمر من أثر إيجابي في بناء العلاقات الإنسانية وتوطيد أواصر الصداقة والتلاحم فيما بينهُم . لكن ما المقصود بفهم الآخر؟ وكيف يُمكن لشخص غير مُتخصص في علم النفس أن يفهم ما يعيشهُ الآخرون أو يشعرون به ؟
 
قبل كل شيء علينا ان نفهم ان كل كلمة يقولها أو يكتبها الانسان يقصد بها شيء ولها سبب . فبعض المصابين بأمراض نفسية مثلا تحركهم انفعالاتهم وهذا يتضح من خلال استخدام كلمات التهديد بالقتل لان هذا الفعل مُخالف للمنطق ويُعتبر مُستمسك ومبرز جُرمي على المُرسل . فكيف يُمكن لشخص يتحكم في نفسهُ ان يتورط في ما يُدينهُ ؟
 
ان القدرة على تكهّن ما يشعر به الآخرون مهارة يفتقر إليها الكثيرين لكنّها تتطوّر وتُكتسب بالمُمارسة والتدريب الذي يبدأ بالقريبين منّا وكذلك القراءة اكثر حول هذا الموضوع  واليك مثالا :
 
تخيّل تمّت دعوتك أنت وزملائك إلى حفل عشاء ما عدا شخص واحد فقط . ماذا سيكون شعوره عندما يعلم ؟ يغضب أم يحزن . يتألم . يحتار . ام انهُ لن يُبالي ؟
 
كل واحد توصّل إلى الإجابة من خلال وضع نفسه في مكانه لأننا نرد في احيان كثيرة من خلال التصورات المُسبقة التي نحملها لنوع ونمط وشكل العلاقة بيننا وبين الاخرين .  مثلا انا اعتقد ان الاستاذ ( س ) يُحبني . سأفسر كل شيء بحُب . اما اذا افترضت انهُ يكرهني فسأفسر كل شيء بحقد . التوقعات والاستنتاجات المُسبقة الخاطئة هي اخطر ما يمكن ان يحمله المرء في عقله لأنها قد تؤدي الى اتخاذ قرارات قد تصل الى حد ارتكاب جريمة .
 
خطوات تحليل الرسائل       :
 
1 : القراءة المُتأنية للنص عدة مرات حتى نتمكن من فهم معانيه .

2 : محاولة التعرف على البيئة التي يعيش فيها المرسل وما يحيط به لأنها من العوامل المهمة التي تساعد على تحليل النصوص فهي تؤثر على افكاره وسلوكه . مثل سيرته الذاتية ومعرفة بعض المعلومات عنه ومنها اسمه وعمره ونشأته .
 
3 : محاولة معرفة المشاعر والانفعالات التي دفعته الى كتابة الرسالة وتحليل مدى مصداقيتها . فقد يكون مُمثلا بارعا او لديه خيال واسع .

4 : تحليل وإدراك القيم والمفاهيم التي يحتوي عليها النص وتصور مدى تأثيرها في المُتلقي . هل هي دينية أم أخلاقية أم إجتماعية ؟
 
5 : تحديد الفكرة العامة للنص ومعرفة تصنيفه ومُعالجة الأفكار الأساسية التي تم طرحها .

6 : معرفة إذا كان النص بسيطا وواضحا أم معقدا وغامضا وهذا يظهر من خلال مدى استيعاب القارئ له .

7 : يجب الاطلاع على الرسالة دون مشاعر لان تأثرك بها عاطفيا سينعكس على ردك عليها ورأيك بها فهي معركة حقيقية عتادها الكلمات وقائدها العقل .
 
8 : الانتباه الى كل كلمة على حدة فكتابة كلمة حبيبي مثلا او اخي او حبيبتي تختلف في التحليل والقصد عن سيدتي او ابنتي او ايتها المُوظفة . خصوصا ان رافقتها كلمات مزاح او استهزاء  . كذلك الانتباه ان كان هناك عطر موجود على الورق في الداخل او على الظرف ( في حالة الرسائل المكتوبة ) .
 
9 : الانتباه عند الرد الى كتابة الجمل التي قد تحتوي على كلمات توضح ضعفك وخوفك ( مثل كلمة ارجوك انتظر ولا تتصرف واخرى تؤكد قوتك مثل افعل ما بدا لك )
 
10 : مُحاولة معرفة الأفكار التي تتمثل في العناوين الجانبيّة أو المُلخص .

11 : الانتباه الى كيفية وصول الرسالة ومعرفة حاملها ومُحاولة فهم القصد من ايصالها .
 
12 : يجب تجنب الوقوع في المكائد وتحليل نسبة الذكاء وتسليط الضوء على مايريد المرسل .  
   
13 : إثبات (أو دحض) صحة النموذج ان كان رسالة خطية . اي نتأكد هل فعلا هو المرسل ؟
 
14 : مُحاولة فهم ومعرفة العبارات الإيحائية . مثلا عندما يتحدث عن شيء ويوحي الى شخص او شيء اخر أو لديه نية أو قصدٌ مُختلف .
 
15 : الإطلاع على الألفاظ ودراستها وبيان مدى غرابتها ومطابقتها مع ثقافة ولغة المرسل وهل هي متداولة بين الناس أم لا  .فكل شعب أو مجتمع لديه ثقافة واسلوب في الحديث واستخدام مُختلف لبعض العبارات .
 
16 : معرفة واستخراج الخطوط البيانية من خلال تحليل الصور الموجودة داخل النص بشكل دقيق وتحويلها الى لوحة فنية من اجل رؤيتها بدقة ووضوح اكثر .
 
17 : تريث في الإجابة قدر الامكان . لأنك كلما تأخرت وفكرت وتعلمت وفهمت اكثر ستكون الاقرب الى الصواب  .وأجب باختصار ودقة وتركيز وراجعها عدة مرات واكتبها بالشكل الذي سيستقبله ويفكر فيه هو وليس وفق مفاهيمك انت .
 
18 :  يمكنك استخدام نظرية التحليل النفسي لتفسير المعنى المقصود داخل النص وترجمته أو فهم نوايا الكاتب بشكل أفضل . من خلال تحليل الدوافع للمُساعدة في توضيح معنى الكتابة بالإضافة إلى كشف أدوار الشخصيات داخل النص .

ان اخطر الدوائر التي تحيط بالفرد هي التي يضع فيها المرء اشخاصا مقربين يتعامل معهم باستمرار ويرفع عنهم وبينهم المُجاملة والتكلّف والذوق والتشجيع الذي قد يصل إلى قلّة الاحترام ومع مرور الوقت يُصبح مرتبطاً بقلّة الذوق كما يجب عليه ان يتذكّر أن ما يقوله أو يفعله يدل على شخصيته الحقيقيّة لان آراء النّاس تختلف كما تختلف أشكالهم وأطوالهم وأمزجتهم وهذا الامر ينبغي ألّا يُؤدي إلى تنافر القلوب والغضب او الانفعال او الاصابة بخيبات الامل ولهذا علينا مراقبة انفسنا عندما نتحدث مع الناس . بل يجب ان نتكلم على قدر عقولهم فالموضوع الذي يفهمهُ شخص ما قد لا يفهمه آخر وألّا نتحدث بمُستوى أعلى أو أدنى من مُستوى القارىء وعلينا ان نتذكر أن طريقةَ كلامنا تُعبّر عن مدى ثقافتنا وإذا أردنا أن نكون اشخاصا مهمين فعلينا ان نكون مُهتمين ويجب اختيار الكلام الملائم وتجنّب رفع الكلفة معه .

إرسال تعليق

0 تعليقات