تهجير مسيحيي العراق …

مشاهدات




نزار العوصجي


من المعلوم لدى الكثيرين ، ان عدد كبير من العوائل المسيحية العريقة ، قد تركوا منازلهم قبل ان يبدأ العدوان الامبريالي البعيض عملياته العسكرية في غزو العراق ، فمنهم من غادر ارض الوطن ولجأ الى بلدان دول الجوار ، وتحديداً الاردن - سوريا - لبنان - تركيا ، وهنالك من توجه الى دول اوربا وامريكا والعالم ، والبعض الاخر لجاؤا الى المحافظات المجاورة والشمالية ، كلً منهم حسب قدراته وامكانياته المادية ، بحثاً عن الأمن والأمان ، لأجل الحفاظ على ارواحهم وسلامة عوائلهم ..


وما ان بدء العدوان الغاشم البغيض ، حتى بدأت الميليشيات المرتبطة بإجندات خارجية بكافة اشكالها ومسمياتها ، بالاضافة الى الاحزاب والجماعات الا دينية كافة دون استثناء على الاطلاق ، ليباشروا عملياتهم في استهداف الدور والأملاك والممتلكات ومحلات الرزق التي تعود لهؤلاء المواطنين المسيحيين المسالمين ، وسلبها ونهب موجوداتها والاستيلاء عليها واستغلالها لصالحهم ، بحجة شرعية  حللتها لهم الفتوى التي تجيز الاستحواذ على مقدرات الغير ، بذريعة انهم بعثيين وانهم من ازلام النظام الوطني السابق ، ولم يقفوا عند هذا الحد بل وصل الامر الى قتل وتصفية عوائل باكملها ، ومثال بسيط على ذلك ما حصل في منطقة الغدير ببغداد للمرحوم الدكتور هشام شفيق مسكوني طبيب أشعة في مستشفى الراهبات وزوجته الدكتورة شذى مالك دانو طبيبة نسائية و والدتها السيدة خيرية داود ، من عملية وحشية وقتل مروع ، كذلك ما جرى قبل ايام في حادثة الاعتداء على دار أحد المسيحيين في مدينة العمارة واستهدافه بعبوتين ناسفتين ، ناهيك عن عمليات الخطف والابتزاز والتهديد ، مما جعل مهمة عودة تلك العوائل الى سابق عهدها في غاية الصعوبة ، وامر شبه مستحيل ..

 

لم يقف الامر عند هذا الحد بل انهم عمدوا الى تحويل ونقل ملكية عدد كبير من تلك الدور والعقارات والممتلكات باسماء اشخاص تابعين لهم ، من خلال تزوير سندات الملكية للكثير من تلك العقارات ، بمختلف الحجج والذرائع والاكاذيب التي لا تمت للحقيقة بصلة ، وعلى سبيل المثال لا الحصر ، ما حصل لدار المرحوم الاستاذ طارق عزيز رحمه الله ، التي استولى عليها المجرم الارهابي عمار الحكيم ، بالاضافة الى استحواذه على العشرات بل المئات من دور المواطنين في منطقة الكرادة والجادرية ..


لقد عانى مسيحيي العراق الكثير ، من سوء معاملة الميليشيات الاجرامية بعد الغزو في 2003 ، حتى وصل الامر الى الاستخفاف بهم من قبل راعي الارهاب الاول ، وزارع فتنة الطائفية المجرم نوري المالكي ، حين وصفهم بالجالية المسيحية في العراق ، في سابقة خطيرة لم يسبقه اليها إحد ، منذ فجر التاريخ وقيام الحياة على ارض وادي الرافدين الى يومنا هذا ، متناسياً هو وامثاله من المرتزقة والدخلاء على العراق ، ان المسيحيين هم اصحاب الارض الاصليين ، وهم بناة حضارة العراق التي تمتد الى اكثر من سبعة الاف سنة .


لقد صودرت حقوقهم في العيش بسلام وهددت حياتهم ، بعد ان صودرت كرامتهم وقطعت ارزاقهم ، وبعد ان سلبت ونهبت معظم عقاراتهم واملاكهم في اغلب المحافظات ، مما اضطرا الكثيرين منهم الى مغادرة العراق طلباً للامن والامان والعيش في دول العالم كلاجئين ، يعانون من عوز العيش الكريم ، ينتظرون المساعدة بعد ان كانوا اسياداً معززين مكرمين في وطنهم ، كونهم مواطنيين مخلصين لوطنهم ، لا يجيدون شيئاً في الحياة غير العطاء ، محبين للأخرين دون النظر الى معتقداتهم الدينية والمذهبية ، لا يؤمنون بمنطق القتل والاستحواذ على مقدرات الاخرين ، والاهم من كل هذا انهم ليسوا دمويين ، ينبذون الاقتتال ويستحرمون اراقة دماء ابناء وطنهم .


كل ذلك يجري امام انظار العالم والمنظمات الانسانية والحقوقية ، وسط صمت دولي رهيب ، دون ان يحركوا ساكناً لحمايتهم  ، لهذا نقول : انصفوا مسيحيي العراق ان كنتم حقاً مؤمنين بالله كما تدعون ، اعيدوا لهم ما سلب منهم مادياً على إقل تقدير ، ذلك لعلمنا بان حياتهم وكرامتهم التي سلبت منهم لا يمكن ان ترد ، كونها الاغلى ولانها لا تقدر بثمن

إرسال تعليق

0 تعليقات