كيف تعرف الشخص من ملابسه

مشاهدات

 


بقلم / سارة السهيل


هل من الممكن ان اعرف (وطنك) (بلدتك) (قريتك) (دينك) (طائفتك) (مذهبك) (قوميتك) (انتمائك السياسي) (فكرك) (وظيفتك) (هوايتك) (موهبتك)

من خلال ملابسك؟؟؟



قديما قالها عميد المسرح العربي يوسف هبي : " وما الدنيا الا مسرح كبير " نشاهد على خشبته كل الاطياف الانسانية وكل الهويات الثقافية والحضارية والمشهدية السياسية والدينية بتجلياتها المذهبية والطائفية، وكذلك التجليات الادبية والفنية.

هذا المسرح الكبير يجسد افكار المجتمعات وعاداتها وتقاليدها ومظهرها الانساني الخارجي الذي تعكسه طبيعة الملابس التي ترتديها الشخصيات على خشبة المسرح، فملابس السياسي والدبلوماسي تختلف عن الموسيقي والممثل والرسام، رجال الدين تختلف ازيائهم. 

وطبيعة اي مجتمع وبلد تنعكس على شكل الملابس التي يرتديها افراده انعكاسا لهويته الثقافية والحضارية، فالمجتمعات العربية المحافظة نفسها تختلف في نظرتها للملبس والزي من حيث النظرة للاحتشام والوقار والوجاهة الاجتماعية من بلد لاخر، فالزي الذي ترتديه المرأة السورية والذي قد يتكون من بنطال واسع وسروال فضفاض طويل ويعكس درجات عالية من الاحتشام قد لايلقي نفس النظرة والقبول في السعودية او قطر، رغم ان هذا الزي السوري قد يكون من وجهة نظر الشعب اللبناني اكثر قبولا واحتشام. 

وتتنوع ثقافة الالوان في ملابس النساء العربيات غير ان اللون الاسود هو المسيطر في عباءة نساء الخليج رمزا للوقار والحشمة، وانعكاسا لثقافة غض البصر في الثقافة الاسلامية من جانب الرجال تجاه نساء الخليج. 

ويعكس اللون الاسود عند العرب أيضا دلالات للجمال، حيث تغزّل شعراء العرب خلال التاريخ باللباس الاسود حين قال الشاعر: قل للمليحة بالخمار الاسود ماذا فعلتي بناسك متعبد

يعكس اللباس عدة جوانب من خلفية الانسان و شخصيته فمن ملابسه هناك احتمالية ان تكتشف بلده و قارته و دينه و مذهبه و قوميته و ايضا احتمال تكتشف انتماءه الحزبي او السياسي فبعض الاحزاب منتميها لديهم هيئة خاصة 

وبعض الطوائف تعرفها من زيها او شكل شاربها او طريقة حلق الذقن او اللحية

و من الممكن ان (تحزر) هذه السيدة ان كانت متزوجة ام لا ايضا من طريقة الملابس و الزينه و خاصة في الهند

حتى المهنه و الهواية يمكننا الاستدلال عليها من حيث الملابس كملابس الرياضيين او الشعراء او الرسامين 

وبعض الطوائف ايضا تتميز بملابس خاصة الى حد الان 

على سبيل المثال طائفة الأميش في اميركا 

تلبس الفتيات والنساء ثياباً طويلة تستر جميع أجزاء الجسم، ويعتمرن قبعات سوداء تخفي شعورهنّ، ويستبدلن تلك القبعات، بقبعات بيضاء بعد الزواج. أما الفتيان والرجال فيلبسون سراويل زرقاء من الكتان، وتبقي تلك السراويل مرفوعةً حول الخصر بأحزمة قماشية تتدلى من فوق الأكتاف، ويعتمرون قبعات صوفية سوداء شتاءً، وقبعات من القشّ صيفا.


و ايضا البهرة: يرتدون ملابس بيضاء وكوفية بنفس اللون ومزخرفة بخيوط ذات اللون الذهبي.


اما الدروز: ارتداء الخشن من الثياب وأسود اللون منها ورفضهم التزيُّن، أو استخدام الذهب أو الفضة أوغيرها. كما إنَّ قيافة السلوك بين العُقَّال واحدة ولا يستحبّ لأيِّ منهم أن يبالغ في نوع القماش أو الهندام بغية أن يرفع نفسه على الآخرين، وهذا ما يقوي فيهم روح الزُهد والخضوع لله والتساوي والأخوة والتواضع في السلوك. الشروال والصدرية المزررة وحتى العمائم

النساء التنورة السوداء، وأحياناً الكحلية الفضفاضة الطويلة حتى محاذاة الكعبين، والقميص اللائق غير الشفاف وطويل الكمّين، والمنديل الأبيض الكبير الذي هو حجابٌ يغطي الرأس والصدر والظهر والفم بل والأنف أيضاً لدى بعض المتورّعات التقيّات، وهذا ما يُسمّى “اللَّثمة” أو “الستحة” بحيث لا تظهر المرأة الموحِّدة إلاَّ عينيها.


على الجانب الاخر نجد أن الشعب الايطالي اكثر اقبالا على الالوان الزاهية تماهيا مع حبهم للطبيعة وعشقهم للفنون بشكل عام، وللفنون التشكيلية ودمج الألوان مكانة خاصة لديهم. 


بينما يميل الشعب الانجليزي للألوان الداكنة كالاسود والرمادي، وهو لون يدل على القوة والعمليّة والاحترافيّة، ويلجأ إليه أغلب رجال وسيّدات الأعمال ويرتبط بالسلطة والأناقة.


وانا انحاز لفكرة احتفاظ المرأة العاملة سواء في مجال الاقتصاد او السياسة بمظهرها الانثوي فلا داعي ان تتقمص دور الرجل لتصبح اكثر اقناعا بل على المراة ان تكون ( امرأة مقنعه ) بجمالها والوانها المحتشمة


وتعبر الهيئة والمنظر ايضا عن الانتماء الديني او المذهبي والسياسي، فزي رجل الدين السني يختلف في شكله عن نظيره الشيعي، وفي الغالب يتزعم كوادر وقيادات حزب الله الى ارتداء ملابس مميزة في شكلها وهيئتها عن غيرها من رجال السياسية في سوريا او الاردن ومصر وغيرها من ملابس الأحزاب الاخرى الدينية او الدلالة الطائفية او المذهبية. والمرأة الداعشية اتخذت لنفسها زيا أسمته زيا شرعيا يأخذ شكل السروال، هو بالاصل زي أفغاني كان يرتديه عناصرالتنظيم في محافظة نينوى والمناطق التي يسيطرعليها بالعراق كما انني الاحظ ان النساء السلفيات اكثر قربه من لَبْس العباءة اما المنتميات الى الاخوان المسلمين يرتدين الجلباب و الخمار والكفوف اما الرجال فالسلفية تطيل اللحية و تصبغها بالاحمر اذا ابيضت اما الاخوان فلا تكون بذاك الطول و بعض الاحزاب يرفضن لَبْس رباطة العنق (الگراڤات).


ان الملابس يمكن أن تعطينا انطباعات عن الثقافة والهوية المميزة لكل بلد ومجتمع، فالرجل اليساري لا يهتم كثيرًا للمظهر أو هيئته فغالبا ما يترك شعره دون تهذيب ويطلق لحيته، ونجد المرأة الشيعية ترتدي حجابا يغطي رأسها و يكون حجابها فوق ذقنها وعبائتها واسعه جدا كما نجده في ايران وجنوب لبنان والعراق.  

ترتبط الهيئة والمظهر العام ايضا بطبيعة المهنة او الوظيفة التي يمتهنها الاشخاص. فنجد الدبلوماسيين يرتدون ازياء كلاسكية ومهندمة ما يعطهم هيبة ووقار، كذلك ترتدي زوجاتهم ملابس يغلب عليها الاناقة والوقار حتى احذيتهن لابد وأن تكون مغلقة من الامام.

بينما أزياء الفنانين والفنانات تكون اكثر بهجة وعصرية واتباعا لخطوط الازياء العالمية بل والتفنن في تصميمها بشكل يجعلها ملفتة للانظار، واغلب الفنانين يروا ان الأزياء التي يرتدوها تؤدي دورا مهما لجلب الاهتمام. ولان الرسامين والموسيقيين والكتاب هم ايضا في دائرة الضوء، فان مظهرهم يترجم شخصياتهم المبدعة التي تميل الى التحليل والعمق والتحليق، فترى شعرهم طويل او يرتدون الكاب، وقد يجنحون للبساطة بارتداء قميص وبنطال، أو اختيار الوان مبهجة بحسب الحالات المزاجية التي يمرون بها.

حتى النساء الكاتبات يملن للبساطة في ملابسهن، حتى انهن يمتنعن عن صبغ شعورهن حتى لو ظهر فيها الشيب، ويمتنعن ايضا عن استخدام مساحيق التجميل.


قضية الملابس اخذت عمق في التاريخ حيث انني قرأت خبرا منذ مدة انه عثر علماء الآثار على أكثر من 60 أداة عظمية في كهف يقع في المغرب على ساحل المحيط الأطلسي، العثور عليها تحدد تاريخ بداية ارتداء الملابس حيث كان القدماء يستخدمونها في صنع ألبسة جلدية وفراء، الإنسان العاقل بدأ باستخدام الملابس في أواخر العصر البليوسيني، ولكن ليس بمقدورهم تحديد ذلك بدقة أكبر؛ كون والفراء والمواد العضوية المستخدمة في صنعها محفوظة بصورة سيئة. لذا عكف العلماء على محاولات العثور على أدلة غير مباشرة لتاريخ ظهور الملابس عند البشر.

يقول الباحثون إن 62 أداة عظمية مستخدمة لمعالجة وتنعيم جلود الحيوانات الموجودة في كهف في المغرب قد تكون من أقدم الأدلة على الملابس في السجل الأثري. الأدوات عمرها ما بين 90 ألف و120 ألف سنة، بحسب شبكة ( سي إن إن).


و لعل اهتمام المراة العراقية في مكياج العيون في عصرنا هذا له جذور تاريخية 

حيث عرف الكحل منذ الألف الثالث قبل الميلاد في العراق كما ورد في النصوص السومرية ان الالهه الجميلة انانا (عشتار) عندما كانت تستعد للنزول للعالم السفلي وضعت على عينها مرهم يدعى (ليته ياتي) والكحل كان عبارة عن مرهم يوضع على العينين بواسطة دبوس من العاج


كذلك نجد ان الهيئة والمظهر العام للمجتمعات والبلدان تختلف حتى داخل البلد الواحد نتيجة انعكاس الابعاد الاجتماعية والدينية والمذهبية والسياسية والثقافية والفنية، فهو مسرح كبير يعج بكل الالوان والاطياف نرى فيه العجب ونستمتع معا بهذا الاختلاف.

 


إرسال تعليق

0 تعليقات