الدراسات الإسرائيلية ضرورة حتمية في البرامج التعليمية الجامعية والعسكرية

مشاهدات



الدكتورة جعفر صبرينة

- مختصة في شؤون الأمن وسياسات الدفاع

الأستاذ الدكتور حكيم غريب

- خبير في الشؤون الأمنية والاستراتيجية

  

إن التكالب المستمر ضد الجزائر عبر استهداف وحدة أراضيها وشعبها لم يعد خفيا، وإن تسلسل الأحداث وترابط خيوط الفتن فضحت مدبريها وعرّت الأطراف التي تقف وراءها.


فالوسائل والأدوات الخبيثة التي يستخدمها النظام المغربي بعد تحالفه مع الكيان الصهيوني في محاولة ضرب الوحدة الوطنية والاستقرار الجزائر ،  من خلال الحرب الاعلامية والدعائية المغرضة وتصوير وضع مغلوط عن الجزائر، حيث راح المخزن من خلال أذرعه وأبواقه يحاول عبثا زرع الشك في عقول الجزائريين من أجل تحقيق أهداف دنيئة متمثلة في محاولة تشتيت الصف الداخلي وإشعال نار الفتنة بغرض تقليص دور الجزائر وضرب مصداقيتها كدولة محورية في المنطقة الإقليمية.


إن مخططات الكيان الصهيوني في القارة الإفريقية والمنطقة المغاربية، من خلال محاولة اختراق الاتحاد الافريقي باتت واضحة للعيان. فهذا الكيان الذي صنعته وترعاه القوى الاستعمارية لتستخدمه في خدمة مصالحها في الجوار الإقليمي للجزائر ما انفك هذا الكيان للأسف يتسلل في كل مكان للقيام بوظائفه كأداة استعمارية تعمل على نشر الفتن وإشعال الحروب لتقسيم البلدان وتفكيكها وتكريس ضعفها والحيلولة دون أي تقارب أو وحدة بينها. ووفق استراتيجية القوى الاستعمارية يجب أن تبقى الدول الافريقية متخلفة حتى تستطيع أن تنهب موادها الخام لمصانعها وتجعل منها أسواقا تتنافس على استهلاك سلع المصانع التابعة للشركات الاحتكارية العالمية.


إن الكيان الصهيوني شرع في تطبيق هذه الأجندة منذ زمن طويل. ولكن ازدياد التكالب الصهيوني على الجزائر وهذا راجع بتمسكها بمواقفها الصحيحة من القضية الفلسطينية ومناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني عدو الأمة.


إن التصريحات العدائية للوزير الصهيوني من الدار البيضاء اتجاه الجزائر بالغة الخطورة، تؤكد من جديد النوايا الحقيقية لنظام المخزن في ظل تحالفه المتجدد مع الكيان الغاصب ضد الجزائر، وتؤشر على تطور خطير للوضع بالمنطقة في المستقبل القريب. نهيك عم ما تحيكه مخابر أعداء الجزائر التي ستبقى عصية عليهم بفضل إيمان وإخلاص كل بناتها وأبنائها المخلصين، وأن الشعب الجزائري لن تؤثر فيه مناورات جهات معلومة التوجيهات تسعى منذ سنوات لضرب وحدة واستقرار بلادنا.

 

هذه التحديات، تجعلنا نطرح بقوة ضرورة إدراج الدراسات الصهيونية كتخصص ذو ابعاد استشرافية وأمنية خاصة أن من بين مواطن الخلل في المواجهة العربية الصهيونية. هي بالمناسبة كثيرة - ما يبرز على نحو خاص موضوع العلم والبحث العلمي وبحوث التطوير والتكنولوجيا، حيث افتقد الجانب العربي ومنذ بداية الصراع إلى البنية العلمية والمؤسسية ومخرجاتها التكنولوجية والتقنية التي تنعكس على مجريات الصراع، في حين أن الحركة الصهيونية كانت على وعي تام بأهمية هذه البنية العلمية المؤسسية على مجرى الصراع العربي الصهيوني  وتدعيم وجود الكيان  الصهيوني في قلب العالم العربي.


ولا شك أن الوعي المبكر بأهمية العلم والبحث العلمي والتخطيط السابق على نشأة الكيان  الصهيوني لتأسيس وترسيخ المنظومة العلمية في إسرائيل، هو الذي مكن إسرائيل من التفوق وإعادة إنتاج هذا التفوق في المجال العلمي والتطبيقي في مواجهة العرب مجتمعين، لأن إسرائيل حرصت على الإنفاق على العلم والبحوث العلمية بمعدل يفوق المعدلات الدولية بنسبة 4.2% من مجمل دخلها القومي وهي نسبة تتجاوز المعدل الدولي بكثير، وتتجاوز في نفس الوقت ما يخصصه العرب مجتمعين من الدخل القومي للإنفاق على البحث العلمي والعلم والتكنولوجيا وهو ما يقدر بـ 0,2%، وقد ضمن ذلك لإسرائيل التفوق على العرب في كافة المؤشرات المعتمدة دوليا لقياس الإنتاج والأداء العلمي وجودته، سواء فيما يتعلق بالنشر العلمي في المجلات المحكمة، أو الاقتباسات من هذا الإنتاج والبحوث المنشورة، أو الإنفاق على العلم والتكنولوجيا والبحوث منسوبا للفرد، أو عدد العلماء مقارنة بعدد السكان.

 

- لماذا الدراسات الصهيونية؟


يفترض أن الواقع الجغرافي الاستراتيجي والتحديات الأمنية التي تواجهها الجزائر تمثل حافزا لزيادة الاهتمام بمجالات علم الاستخبارات والأمن الوطني في الأوساط الأكاديمية والحكومية    فضلا عن انشاء  مؤسسات البحثية الخاصة. من خلال التعمق في البحث والتحليل إطلالة على أبرز الجامعات والمؤسسات والبرامج الأمنية في الكيان الصهيوني، مناقشة العلاقة بين الوسط الأكاديمي والأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وتقديم توصيات لتطوير دراسة العلوم الاستخبارية في مجال الدراسات الصهيونية، وهذه القضايا بالاستناد على مصادر متنوعة من قبل، ومما لا شك فيه أن سياسة الحركة الصهيونية تتسم بالخطورة الشديدة، ولا ينتبه لها الكثيرون، بل لا يعرفون أساسا أننا أمام خطر شديد قد يسلب منا كل البلدان العربية ويجعلهم الشعوب العربية لاجئين مدى الحياة.


لذلك نحرص كل الحرص كالباحثين على تعريف  المجتمع الجزائري بهذه الحركة وتحذيرهم من سياساتها، وذلك من أجل خلق وعي جزائري كامل ومتطور حول ما تنتهجه هذه الحركة من سياسات.


ولزيادة الوعي الجزائري حول الحركة الصهيونية لابد لنا كمواطنين أن نقوم بمايلي:


- البحث بشكل دؤوب عن ماهية هذه الحركة وسياساتها وذلك من خلال مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع الإنترنت التي وفرت الكثير من المعلومات عنها.


- توعية كل فئات المجتمع الجزائري عن هذه الحركة عن طريق المنشورات على مواقع التواصل أو مثلا تزويدهم بكتيبات تظهر لهم خطورة هذه الحركة.


- حث المواطنين على بذل الغالي والنفيس من أجل حماية الوطن وكذلك الدفاع عنه بكل ما يملكون من قوة.


- مفارقة دراسة الاستخبارات في الكيان الصهيوني


إن واقع دراسة الاستخبارات في الكيان الصهيوني  يختلف عن نظيره في أميركا، وذلك لأن تأثير القطاع المدني الإسرائيلي بما في ذلك الهيئات الأكاديمية ومراكز البحوث في صنع القرار بمجالات الشؤون الخارجية والأمن ضئيل نسبيا بسبب الدور الجوهري الذي تلعبه الأجهزة الأمنية والاستخبارية والجيش في صياغة الأجندة الخاصة بالقضايا الأمنية. ورغم ذلك، فقد ازداد الاهتمام الأكاديمي بقضايا الأمن والاستخبارات في إسرائيل خاصة خلال العقدين الأخيرين مع بروز قضايا معقدة مثل صعود تنظيمات الجهاد العالمي، وتفجر أحداث الربيع العربي.


- أهمية المعاهد البحثية المعنية بالدراسات الاستخبارية


يجرى النشاط البحثي في إسرائيل في قضايا الأمن القومي والاستخبارات بالمقام الأول في عدد من المعاهد البحثية ومراكز الدراسات. ومن أبرزها، معهد دراسات الأمن القومي، وهو معهد يعين باحثيه بشكل أساسي من الضباط السابقين رفيعي المستوى في الجيش وأجهزة الأمن. ويصدر المعهد عدة دوريات، من أبرزها مجلة الشؤون العسكرية والاستراتيجية، والتي تُنشر ثلاث مرات سنويا باللغتين العبرية والإنجليزية، وتتضمن أحيانا مقالات عن الاستخبارات. ومن بين المعاهد البارزة الأخرى.


ينتمي معظم العلماء المتخصصين في الاستخبارات الإسرائيلية إلى عدد من الجامعات الإسرائيلية، وخاصة أقسام العلوم السياسية. وتتسم منهجية البحث الخاصة بهم بالتركيز على البعد التاريخي تمشيا مع التقليد البريطاني، على عكس التقليد الأمريكي الذي يتضمن بناء نماذج لفهم الواقع والطريقة التي يتغير بها. وتركز منشوراتهم بشكل رئيسي على تناول الإخفاقات الاستخبارية، وكشف غموض تاريخ الاستخبارات الإسرائيلية نظرا للقيود الصارمة الخاصة بنشر السجلات التاريخية المتعلقة بالأمن، حيث يشترط قانون المحفوظات الإسرائيلي مرور فترة لا تقل عن 70 عاما للسماح بالاطلاع على الملفات التابعة لأجهزة الأمن والمخابرات.


ورغم هذا الزخم الأكاديمي، توجد بعض الانتقادات التي تُوجه في الأوساط الأكاديمية الإسرائيلية للتعاون مع المؤسسة الأمنية. حيث يركز بعض النقاد على لا أخلاقية التعاون بين الجامعات والمؤسسات الأمنية، مما دفع الجامعة العبرية في القدس إلى رفض فتح برامج دراسية خاصة للمؤسسة الأمنية. بينما يذهب آخرون إلى أن التعلم في فصول مغلقة دون وجود طلاب نظاميين قد يؤدي إلى نتيجة غير مرغوب فيها تتمثل في جمود الفكر وحرمان الطلاب من فوائد المناقشات الأكاديمية التعددية. 


-أي اقتراحات في هذا المجال؟


بالرغم من نمو الدراسات الأمنية والاستخباراتية في إسرائيل، لا تزال هناك جوانب في هذا المجال بحاجة إلى تحسين. ومن أبرزها:


أولا، تشجيع موظفي الأمن والمتقاعدين على الانضمام إلى الوسط الأكاديمي من أجل تبادل خبراتهم العملية مع العلماء والمنظريين. وفي الوقت نفسه، يجب ألا تعتمد معاهد البحوث على هؤلاء الموظفين السابقين فحسب، بل يجب أن تكون بمثابة مركز لتبادل الأفكار والمعرفة بين الممارسين والأكاديميين.


ثانيا، يكتب الباحثون الإسرائيليون معظم مقالاتهم الأكاديمية حول قضايا الأمن القومي والاستخبارات باللغة الإنجليزية، وينشرونها في المجلات الأجنبية. ومن ثم، ينبغي تأسيس مجلات باللغة العبرية مخصصة لقضايا الأمن القومي.


رابعا، تعزيز التعاون بين الأوساط الأكاديمية العربية  والمؤسسات الأمنية والاستخباراتية. مع التشديد على انخراط الأكاديميين في بحوث تطبيقية يمكن ترجمتها إلى استنتاجات واضحة وتوصيات عملية.


- ضرورة دراسة وضع الاحتلال الاسرائيلي حتى 2075!!


لابد من إطلاق منصة بحثية يديروها نخبة من الخبرات الأكاديمية والإعلامية الوطنية تكتلا جديداً بالتعاون مع خبرات والباحثين المتخصصة في الفكر الإسرائيلي، مع ضرورة السعي إلى اطلاق  مبادرة غير التقليدية حول صفقة القرن التي تحاك للمنطقة، وإيماناً منا بأهمية انشاء تخصص الدراسات الصهيونية، وبالنظر إلى الانعدام الكلي  بالاهتمام الأكاديمي والبحثي بهذا المجال الحيوي، على نحو يدفع للقلق من أن يمثل ذلك تحدياً خطيراً للأمن الوطني الجزائري بمختلف أشكاله وأبعاده المتعددة.  


كيف جاءتنا فكرة ضرورة انشاء ماستر ودكتوراه الدراسات الصهيونية؟


في الحقيقة أنا والدكتورة جعفر صبرينة أستاذة متخصصة في شؤون الأمن وسياسات الدفاع   صاحبة الفكرة، والهدف منها هو وضع الدراسات الصهيونية  لأول مرة كمشروع جديد في الجزائر يدخل في إطار الدراسات الاستراتيجية والأمنية في إطار علمي بمعنى أننا نجمع أكبر قدر من الطلاب الدارسين المهتمين بالدراسات الأمنية والدراسات الصهيونية، ونقوم بمزج جزء العلوم السياسية بالفكر الصهيوني لخلق عمل أكاديمي جديد يعطي فكرة للشباب الجامعي الجزائري نظرة معمقة عن الفكر الصهيوني المتجذر منذ القديم في عدائه للشعب العربي والشعب الجزائر والدولة الجزائرية خاصة في هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها الجزائر من تكالب مغربي-صهيوني على أمننا، بالتالي نسعى من خلال طرح هذا المشروع تعبئة المواطن الجزائري حتى يعرف عدوه الحقيقي وإعطاء فرصة للنخبة  الاكاديمية والعسكرية الولوج للفكر الصهيوني، ومعرفة أساليبه المتعددة والكثيرة التي تحاول تفتيت المنطقة العربية

الفكرة بدأت معنا تقريبا منذ سنوات، الهدف الأساسي، ورسالة هذا المشروع تتمثل في خلق حوار يضم كل الشباب دارسي الدراسات الأمنية والاستراتيجية، حيث أن دراسة اللغة غير كافية لفهم المجتمع الإسرائيلي، الجيل الجديد في  الدراسات الصهيونية.


أقل كفاءة من الجيل القديم وذلك لعدة أسباب أهمها أن هذا الجيل هو جيل سريع بمعنى أنه يعتمد على التكنولوجيا السريعة ولا يتمتع بالصبر والمثابرة، ومن خلال لشرافي على عدد كبير  من رسائل الماستر والدكتوراه، اكتشفت أن  موضوع الكيان الصهيوني غائب كليا.  


- ما المخطط المستهدف من وراء الدراسات الصهيونية؟


المخطط من هذا المشروع أن يكون مركزا متخصصا في الدراسات الصهيونية، وسوف يتم اختيار أفضل النماذج المشاركة في التخصص من خلال معايير معينة مرتبطة بطبيعة التخصصات وأهمها الدراسات المستقبلية والاستشرافية، مثل إسرائيل 2028، ونحن الآن نقوم بإعداد دراسة إسرائيل 2035، وسوف ينشر الكتاب وهذه خطط استشرافية للمجتمع الإسرائيلي، والهدف من هذا المشروع أن يكون هناك جيل من الأساتذة يسلم الراية لجيل القادم

من الشباب.  


يهدف هذا المشروع أيضا إلى دراسة إسرائيل سياسيا وأمنيا فنحن في اقليم مضطرب والأمور ليست واضحة ونحن ندرس الكيان الصهيوني في المقام الأول لحماية أمننا الوطني مع تقديسنا  الكامل للقضية الفلسطينية وندافع عنها في كل المحافل الدولية، لكن اهتمامنا الأول هو أمننا  الوطني، ويجب دراسة إسرائيل مجتمعيا واقتصاديا  وأمنيا حيث سقطت كل التابوهات خلال رحلة 70 سنة هو عمر الكيان الصهيوني الثنائيات التي يكررها الباحثون المصريون عن إسرائيل لم تعد موجودة حتى الآ. وللأسف في مصر دراسة اللغة شيء ودراسة السياسة شيء آخر والمطلوب هو دراسة إسرائيل سياسيا وعسكريا وأمنيا. فنحن نرى أن الكيان الصهيوني عدو، وبالتالي يجب الاستعداد لها بجدية وإسرائيل ليست مجرد خبر يترجم في صحيفة فهناك مراكز أبحاث كثيرة، كمركز دراسات الأمن القومي ومركز هرتسيليا ومركز إسحاق رابين وبيجن السادات كل هذه المراكز تشرح الحالة الجزائرية من اهتمام بيوت الخبرة ومراكز الأبحاث في إسرائيل.  


- المحاور التي سيركز عليها هذا المشروع


التركيز سيكون على الدراسات الاستشرافية واستقطاب أكبر قدر من المتخصصين في مجالات مختلفة يمكنهم أن يتعاونوا معنا وصناعة جيل وسط وجيل صاعد يفهم إسرائيل ويتكلم لغة عبرية جيدة مسلح باقتصاد وسياسة ومجتمع وليست لغة فقط. ونعتبر هذا الموضوع موضوع أمن وطني في الأساس. نهدف إلى إعداد العديد من الباحثين خلال الخمس السنوات القادمة ليصبحوا حائط صد أمام أي خطر، ونحن نواجه صعوبات حقيقية في تخريج جديد متخصص وواعٍ وفاهم، ليس فقط في الدراسات الصهيونية، ولكن أيضاً في الدراسات الأمريكية والاوروبية، العدد قليل جدا، وخطوة هذا المشروع لم تأت من فراغ فهناك اهتمام منذ  سنوات.   


طبعا سيكون هناك تعاون مع مراكز فلسطينية ولكن في الأساس هو كيان جزائري 100% ولذلك أطلقنا عليه اسم الدراسات الإسرائيلية (الصهيونية) وعند مستوى معين لم تناقش القضايا التي تمس الجزائر وامنها الوطني، إلا من قبل جزائريين فقط، وجهد بحث جزائري باحثين وطلاب  جزائريين ولكن ليس هناك أي مانع من مشاركة باحثين عرب.  


- نوعية المحاور والقضايا التي سيناقشها المشروع  وطبيعة الاختلاف بينه وبين الدراسات البحثية المختصة بالدراسات الإسرائيلية في مصر أو الأردن أو فلسطين؟


سنناقش الجانب الاستراتيجي والأمني والاختلاف مع التركيز على الدراسات الاستشرافية والمستقبلية، لأن الجزائر  لدينا قصور في هذا الجانب 


ما يعنينا ــ نحن كجزائريين ــ من كلّ ذلك الآن؟

أننا  معنيّون الأُول، ماضيًا وحاضرًا ومستقبلًا، بكل ما تخطّط له وتفعله المنظمة الصهيونية العالمية، حتّى لو سيطر علينا السأم من تكرار هذا الكلام.

نحن الجزائرين لا نحتاج إلى إدراك مخاطر ما تفعله المنظمة الصهيونية، حتّى نتحرّك ونصحّح أوضاعنا السيئة في أكثر من مجال لا علاقة له بالوجود الصهيوني.. لكن نحن نحتاج إلى الأخذ بالأسلوب العلمي في عملية النهوض والتصحيح، تمامًا كما أخذت به المنظّمة الصهيونية، ولم تخترعه، يوم تأسّست وخطّطت. 


عناصر هذا الأسلوب العلمي متوفّرة في أي مجتمع أو شعب، وهى تقوم على الجمع ما بين نظرية فكرية وبين خطط استراتيجية لمدى طويل، وبين خطط عملية مرحلية متنوّعة من أجل تنفيذ الاستراتيجيات.


إنّ حسم الثوابت الفكرية بين الكفاءات العربية أينما كانت، وحسم الهُويَّة العربية بمضمونها الحضاري في هذه الثوابت الفكرية، هو المدخل الرئيس لبناء نهضة عربية.


فالفتن الداخلية العربية الجارية الآن في أكثر من مكان، لا يمكن عزلها عن الصراع العربي/الصهيوني على مدار مائة عام. ما يحدث اليوم على الأرض العربية هو تتويجٌ للحروب التي خاضتها الحركة الصهيونية على مدار المائة سنة الماضية.


فالاعتراف الدولي بإسرائيل، ثمّ الاعتراف المصري/الأردني/ الفلسطيني بها، ثمّ تطبيع بعض الحكومات العربية لعلاقاتها مع إسرائيل، كلّها كانت غير كافية لتثبيت شرعية الوجود الإسرائيلي في فلسطين، وللتهويد المنشود للقدس ومعظم الضفّة الغربية. فهذه الشرعية تتطلّب قيام دويلاتٍ أخرى في محيط إسرائيل على أسس دينية أيضًا، كما هي الآن مقولة إسرائيل دولة لليهود. فما قاله نتنياهو بأنّ (المشكلة مع الفلسطينيين هي ليست حول الأرض بل حول الاعتراف بيهودية الدولة الإسرائيلية) يوضّح الغاية الإسرائيلية المنشودة في هذه المرحلة من المتغيّرات السياسية العربية الجارية الآن في مشرق الأمَّة ومغربها. فكلّما ازدادت الصراعات الطائفية والمذهبية والأثنية على الأرض العربية، كلّما اقترب الحلم الصهيوني الكبير من التحقّق في أن تكون إسرائيل هي الدولة الدينية الأقوى في منطقةٍ قائمة على دويلاتٍ طائفية.


إنّ نشوء الدويلات الدينية الجديدة في المنطقة سيدفع هذه الدويلات إلى الصراع مع بعضها البعض، وإلى الاستنجاد بالخارج لنصرة دويلة على أخرى، وإلى إقامة تحالفات مع إسرائيل نفسها، كما حصل أيضًا خلال فترة الحرب الأهلية اللبنانية، وكما فعلت ذلك الآن بعض قوى المعارضة السورية.


إسرائيل بمختلف حكوماتها راهنت على تجزئة المجزّأ عربيًا، وشجّعت كل الحركات الانفصالية بالمنطقة، كالتي قامت في جنوب السودان وفي شمال العراق، وأقامت إسرائيل «دولة لبنان الحر» على الشريط الحدودي لها مع لبنان في ربيع العام 1979 كمدخل لمشاريع التقسيم الطائفي الذى أعدّت له منذ حقبة الخمسينيات من القرن الماضي

إنّ ما يحدث الآن في داخل أوطان من مشرق الأمّة ومغربها، وفي عمقها الإفريقي، هو دلالة هامّة على نوع وحجم القضايا التي تعصف لعقودٍ طويلة بالأرض العربية، وهي كلّها تؤكّد الترابط الحاصل بين الأوضاع الداخلية وبين التدخّلات الخارجية، بين الهموم الاجتماعية والاقتصادية وبين فساد الحكومات السياسية، بين الضعف الداخلي الوطني وبين المصالح الأجنبية في هدم وحدة الأوطان.


وحبّذا لو يُدرك هؤلاء العرب الذين يستنجدون بالأجنبي لنصرتهم أنّهم يعيدون بذلك فتح أبواب الأوطان العربية للنفوذ الاستعماري، ولإعادة حقبة «المستعمرات العربية» التي أسقطتها ثورات عربية تحرّرية حقيقية في منتصف القرن الماضي. فتلك كانت ثورات جادّة من أجل أوطانها وشعوبها، وأدّت إلى توحيد شعوبها وإلى تعزيز الهويّة العربية المشتركة، بينما «ثورات عربية حديثة» نفخت في بوق التدخّل الأجنبي وسهّلت عودة القوى العسكرية الغربية التي كانت تحتلّ الأرض العربية وتستنزف ثرواتها.


إن اسرائيل عندما اقيمت وقتئذ؛ لم تقم على أساس نصوص القانون الدولي، فالقانون الدولي فقط ثبت قانونية هذه الدولة التي قامت على أساس البرنامج الصهيوني المقر في مؤتمر بال عام 1897 والذي يقوم على (دولة قومية لليهود) واسرائيل تتصرف على هذا الاساس وإلا ما معنى التطهير العرقي الذي حدث في فترة قيام اسرائيل وفي السنوات التي تلتها.


اسرائيل لا تريد حق العودة سواء كانت دولة يهودية أو الدولة علمانية وإسرائيل لا تريد الفلسطينيين (في دولتها) الذين هم مزروعين كشجر الزيتون في أراض آبائهم وأجدادهم التاريخية سواء كانت يهودية أم علمانية؛ الاساس بالنسبة لهم هو“ الدولة كدولة بحد ذاتها” واسرائيل سواء كانت دينية أو علمانية هي صهيونية من هنا عندما يزعق محمود عباس: سمو دولتكم كما تشاؤون هذا شأنكم وأن اسرائيل وجدت لتبقى كما قال في لقائه مع صهاينة شباب في المقاطعة.


ليطمئنهم ويعبر لهم عن صهيونية زائده رفضها الكاتب اليهودي مؤلف كتاب (اختراع الشعب اليهودي والذي سخر منها أيضا الكاتب الاسرائيلي (يحزكل درور)في تصريح للإذاعة العبرية وكما نقلته وكالة سما الاخبارية :“لو فاز غير الاسلاميين بشكل ديمقراطي فأنهم لن يتبنوا إلا سياسات مناوئة لنا لأنهم في النهاية سيعبرون عن مواقف الجماهير العربية التي تكفر بوجودنا”. إن تلك التصريحات وغيرها تزيد تبجحات وازدراء الصهاينة وتمنحهم وتسلم لهم بما لا يتوقعون و ما لا يستحقون.


- لماذا تهتم إسرائيل بالجزائر؟


تهتمّ "إسرائيل" كثيراً بالجزائر، كما سبق لها أن اهتمت بالعراق وسوريا، وهي لا تتوقف عن السعي لتفتيت كل الدول العربية الكبرى إلى دويلات متقاتلة متناحرة، حتى تضمن تفوقها وسيادتها على كل المنطقة الممتدة من الخليج إلى المحيط بشعوبها وخيراتها، والجزائر موجودة في صميم هذا المخطط.


لذلك، إن سعي "إسرائيل" كان ولا يزال يكمن في محورين، يتعلق الأول بمحاولات استنزافها عبر خلق صراعات جانبية قد تصل إلى المواجهة العسكرية مع جارتها المغرب وتغذية التهديدات الأمنية الإقليمية للجزائر من منطقة الساحل والجنوب، فيما يتمثل المحور الآخر بمحاولة اختراق النظام السياسي الجزائري، وخصوصاً الجيش والأجهزة الأمنية.


إن هناك إثباتات بوجود "تخطيط إسرائيلي متزايد لخلق حالة اضطراب في الجزائر وانهاكها بهدف جرها إلى ميدان التطبيع إضافة الي الاهتمام الإسرائيلي المتزايد بشكل كبير في الجامعات ومراكز الأبحاث الاسرائيلية بدراسة الجزائر، مع نشره قائمة من هذه الدراسات. كما أن استطلاعات الرأي الإسرائيلية، تشير إلى أن الإسرائيليين يعتقدون أن المجتمع الجزائري هو المجتمع العربي الأكثر كراهية لإسرائيل والذي يجب جره إلى ميدان التطبيع أو انهاكه للعلم وأن علاقات المغرب مع اسرائيل بدأت بشكل سري منذ بداية الستينات من القرن الماضي. عندما أرسلت اسرائيل للمغرب في أكتوبر عام 1963 طائرات حربية ودبابات من صنع فرنسي عبر صفقة رتبها شاه إيران لمواجهة القوات الجزائرية، مستندا في ذلك على معلومات موثقة في دراسة بعنوان (اسرائيل والمغرب) للباحثة الاسرائيلية إينات ليفي عام 2018 في المعهد الاسرائيلي للسياسات الخارجية الإقليمية.

والدور الذي يلعبه اللوبي اليهودي خاصة من يهود المغرب في تعزيز العلاقات الأمريكية المغربية مقابل تطوير العلاقات الاسرائيلية المغربية، باعتبار الجالية المغربية اليهودية في اسرائيل والتي يصل عددها طبقا للإحصاء الاسرائيلي حوالي نصف مليون (35% منهم من مواليد المغرب والباقي ابناءهم)، هي ثاني أكبر الجاليات اليهودية بعد اليهود الروس.


للعلم أن كما ذكر أن الحكومات الاسرائيلية الثلاث الأخيرة (حكومتي نيتنياهو السابقتين وحكومة نفتالي بينيت الحالية) ضمت ما مجموعه 21 وزيرا اسرائيليا من أصول مغربية.


كما لا ننسي  الدور الدبلوماسي للمغرب في مساعدة اسرائيل لاختراق المنطقة العربية، ومنها ترتيب الملك المغربي اتفاقيات كامب ديفيد في لقاءات سرية بين السادات والقيادات الاسرائيلية في المغرب، إلى جانب تسريب الرباط عبر التسجيلات السرية الحوارات في اجتماعات القمم العربية، كما ساهم في موضوع طائرة قادة الثورة الجزائرية وتسليمهم للمخابرات الفرنسية، وتعاون مع مخابرات غربية واسرائيلية للتخلص من الزعيم المغربي المهدي بن بركة في 29 أكتوبر 1965 بباريس.


وفي هذا السياق، الأكيد أن منح الكيان الإسرائيلي صفة مراقب في الاتحاد الإفريقي خطأ جسيم واختراق ما كان ليحدث لولا قبول دول من التكتل الإفريقي، بعد نجاح إسرائيل في العبور إلى العواصم الإفريقية والتغلغل في القارة وإقامة علاقات دبلوماسية مع 46 بلدا إفريقيا. ويبقى دور للدبلوماسية الجزائرية دورها في اجهاض ووأد ما يتم طبخه في المنطقة من كل الاتجاهات 

أن المعركة اليوم لا تتعلق فقط بوجود اسرائيل في قلب القارة السمراء بل لكونها باتت تهدد أية دولة تعارض هذا الوجود. واليوم انطلقت المواجهة بمعركة كلامية مع الجزائر، وغدا قد تنتقل المواجهة لدول المنطقة وتابعت الصحيفة أن دخول إسرائيل على خط الأحداث مباشرة من خلال تصريحاتها العدوانية ضد الجزائر.


تطور خطير من شأنه أن يضع المنطقة برمتها في أتون سيناريوهات خطيرة بالنظر إلى أن اسرائيل دأبت على نشر الخراب والدمار وتأجيج الفتن أينما حلت.


- موقف نظام المخزن المغربي


تكمن الخطورة إذاً في الموقف المغربي الذي جلب "إسرائيل" إلى المنطقة في خطوة التطبيع العلني ومنحها دور الحامي للعرش الملكي، بعد أن كان يخفي تعامله معها. إنّ طموح التوغّل الإسرائيلي في أفريقيا عبر البوابة المغربيّة يصطدم بالعقبة الجزائرية القادرة على إغلاق كل المنافذ وتعطيل التحرك نحو تنفيذ مخططات دخيلة عابرة للحدود. وكانت التوترات قد تصاعدت بين الرباط والجزائر عقب إعلان المغرب مؤخراً دعمه لحق تقرير مصير شعب القبائل في الجزائر، لكن أزمة برنامج التجسس الإسرائيلي "بيغاسوس" سكبت مزيداً من الوقود على النيران المشتعلة.


وحسب تقديرنا أنه المؤكد قد يكون لـ"إسرائيل" يد في هذا التحرك المغربي، وهو الأمر الَّذي يشكل تهديداً جدياً للأمن الوطني الجزائري، نظراً إلى طبيعة العلاقات المركبة بين القصر في المغرب و"إسرائيل"، تزامناً مع هبوط وزير الخارجية الإسرائيلي في الرباط، والذي لم يكن محض صدفة، بل هو توقيت مقصود ومخطط له مسبقاً، واعلانه موقف الكيان دعم المغرب في قضية الصحراء الغربية (البولساريو) والتأكيد على الدعم الأميركي أيضاً وقد أتى تصريح أحد أعضاء الكنيست ‎ في السياق نفسه، إذ قال: "لو تجرأ تبون على المغرب، فسوف يصبح حسابه مع إسرائيل.. وإسرائيل لا تمزح.


المغرب جزء من حلف عربي إسرائيلي تبلور بشكل واضح في العام 2006، وتقوده "تل أبيب"، ويستهدف إيران ومحور المقاومة على وجه الخصوص. وليس غريباً أن نقرأ في وثائق "ويكيليكس" برقية مؤرّخة في 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2006، توثق الحديث الذي جرى بين الأمين العام لوزارة الخارجية المغربية عمر هلال والسفير الأميركي لدى الرباط، إذ يقول المسؤول المغربي للسفير الأميركي: "إن امتلاك إيران السلاح النووي سيكون كارثة على المنطقة، وخصوصاً المغرب، لأنَّ ذلك سيؤدي إلى سباق تسلّح في المنطقة، وسيؤدي إلى تسريع تنفيذ البرنامج النووي العسكري الجزائري، رغم أنه يعتبر برنامجاً في بداياته. إذا نجح الإيرانيون في امتلاك القنبلة النووية خلال 10 سنوات، فإن دولاً عربية ستتبعهم، وسيفعل الجزائريون ذلك أيضاً.


ولنا أن نتخيّل ما الَّذي يريده النظام المغربي من هذا الاتهام الثقيل للجزائر ومحاولة إقناع أميركا المهووسة بالبرنامج النووي الإيراني بسعي الجزائر لامتلاك القنبلة. ولا نحتاج إلى ذكاء خارق لإيجاد نقاط تقاطع بين كلام المسؤول المغربي والموقف الإسرائيلي والسعودي والإماراتي من إيران، فضلاً عن مساعي ربط البوليساريو بالنشاط الإرهابي والزعم بمساعدة "حزب الله" لها. لم يتأخّر المغرب أبداً في لعب كل الأوراق ضد الجزائر منذ الاستقلال، ولا يمكن قراءة الأمر عبر نظرية المؤامرة، فهذا السلوك يجد تفسيره في الصراع الدائر في المنطقة ككل.


على الرغم من مشروعية الحراك الشعبي في التغيير السياسيّ المصاحب للمطالب الاجتماعية، فإنَّ تخلّله الدسائس يهدف إلى تفريغ الحراك من مضمونه ونقل سياقه إلى فعل تآمري، فتحول الشعارات من "جيش – شعب خاوة – خاوة" إلى "مدنية ما شي عسكرية" دليل على خبث وخطورة ما يحاك ضد الجزائر من الجهات الأجنبية وعملائها الخونة الذين يخططون لتمرير ما يعرف بالمرحلة الانتقالية التي ستفتح باب الخراب والدمار الذي تعانيه دول شقيقة، وهذا خير دليل على حقيقة السموم المغلفة بالشعارات البراقة والزائفة، على غرار "الفوضى الخلاقة" و الثورات الملونة.


لا شكّ في أنَّ التحديات تتراكم في الجزائر داخلياً وخارجاً، والرهان هنا على الوعي الشعبي للتصدي لحزمة المؤامرات التي تحاصر الجزائر، عبر الالتحام بالجيش، سليل جيش التحرير الوطني الذي انبثق من رحم الشعب، اللذين انصهرت العلاقة الاستثنائية بينهما بشكل فشلت معه كل المحاولات الخبيثة للمساس بهذا التلاحم والانسجام والتقدير والوفاء.


بالعودة إلى جملة تصريحات مسؤولين مغاربة ووزير الخارجية الصهيوني لابيد يلاحظ من يستقرئ المتغيرات والمجريات السياسية بعمق أن سياسة النظام المغربي تجاه الجزائر عدائية تستهدف استقرار البلد وتشكل تهديداً حقيقياً على أمنه القومي.


ربّما كان الرئيس الجزائريّ عبد المجيد تبون هو الزّعيم العربيّ الوحيد حتّى الآن الذي وقف بشجاعةٍ، ورُجولةٍ، ضدّ هرولة الكثير من الحُكومات العربيّة للارتِماء في أحضان دولة الاحتِلال الإسرائيلي، وتوقيع اتّفاقات استِسلامٍ معها.


هذا الموقف المُشرِّف والمُكلِّف، ليس غريبًا أو جديدًا على الجزائر وقِيادتها وشعبها، الجزائر التي وقفت دائمًا في خندق القضيّة والمُقاومة الفِلسطينيّة، لم تتردّد لحظةً في المُشاركة بالمالِ والرّجالِ في الحُروب العربيّة ضدّ الاحتِلال الإسرائيلي، فالرّئيس الرّاحل هواري بومدين الذي تعتزّ به فِلسطين والأمّتان العربيّة والإسلاميّة، قدّم صكًّا مفتوحًا لقادة الاتّحاد السوفييتي لتغطية كُل مطالب مِصر وسوريا من السّلاح والعتاد الحربيّ عندما كانت تقود محور الكرامة العربيّة، وتتصدّى للمشروع الصهيونيّ.


أنْ يُجاهر الرئيس الجزائريّ بهذا الموقف في وقتٍ تتواطأ الجامعة العربيّة مع المُطبّعين العرب، ولا تَجرؤ على عقد اجتماعٍ على مُستوى وزراء الخارجيّة، لبحث اتّفاقات العار مع العدو الإسرائيليّ تلبيةً لطلبٍ تقدّمت به منظّمة التحرير الفِلسطينيّة، ويتجنّب مُعظم المسؤولين العرب التلفّظ بكلمة الانسِحاب الإسرائيلي، أو قِيام الدولة الفِلسطينيّة المُستقلّة، أن يُجاهر الرئيس تبون بهذا الموقف الذي يتماهى مع الشّعب الجزائريّ بكُلّ أعراقه ومنابته ومذاهبه، فهذه شجاعةٌ تَكشِف معادن الرّجال، في الظّروف الصّعبة. 


الجزائر كانت من القلّةِ المُؤمنة القابضة على الجَمر، التي عارضت بقوّةٍ إبعاد سوريا من الجامعة العربيّة، ووقفت في خندق دِفاعها عن وحدتيها الديمقراطيّة والجُغرافيّة، وما زالت تُصِر على عودتها بكرامةٍ وعزّة نفس، بعد انتصارها على المُؤامرة الأمريكيّة لتفتيتها، وتغيير هُويّتها الوطنيّة الجامعة، ولا نَستبعِد أن يكون إصرارها على استِضافة القمّة العربيّة المُقبلة على أرضِها في  (مارس) المُقبل من أجل تحقيق هذا الهَدف المُشرّف والمُصَحِّح لخطيئةٍ فاحشةٍ.

إرسال تعليق

0 تعليقات