هارون محمد
يتوهم محمد الحلبوسي، أن تغيير مدير ومسؤولي مفوضية الانتخابات في الموصل، وتعيين بدلاء لهم، من ربعه والمحسوبين عليه، سيوفران له، فرصة إحداث اختراق انتخابي، يصب في صالح كتلته المتعثرة (تقدم)، وتعوّض فشله المتوقع في محافظته (الانبار)، التي تشير المعطيات السياسية والميدانية فيها، إلى أن أغلب الانباريين، باتوا لا يُطيقونه، ولا يتعاطفون مع مرشحيه، بعد سلسلة من الفضائح المالية، والتدخلات الفوقية، والاستحواذ على مقاولات المحافظة، والتهرب من تنفيذها، بعد الاستيلاء على ميزانياتها، واستخدام أموالها، في قضايا شخصية وعائلية وعشائرية، خلقت أجواءً محمومة، تتقافز فيها، الدسائس والفتن، وأنتجت في الوقت نفسه، مزيداً من الحساسيات والعداوات، في مجتمع عانى كثيراً من السياسات الطائفية، سواء من الحكومات السابقة، وخصوصاً، السنوات السود لنوري المالكي، أم من تسلط مليشيات الحشد، إيرانية الولاء.
وعادة، عندما يُخفق السياسي في منطقته ومحافظته، ويعجز عن التفاعل مع أهلها، وهو محسوب عليها أصلاً، فأنه من المستحيل أن يحظى بمقبولية شعبية، في مناطق ومحافظات أخرى، ومن الصعب أن يجد مكاناً أو مكانة فيها، خصوصاً في حالة الحلبوسي، الذي تعامل مع الأنبار، بصفتها (قاصة) ومفتاحها في جيبه، أو مزرعة يتمتع بثمارها، وقبل شهرين، قابله وفد من فلاحي بلدة القائم الحدودية مع سوريا، واشتكوا من الحيف الذي لحق بهم، ومنعهم من استثمار أراضيهم التي صادرها قادة الحشد الولائي، وحولوها إلى معسكرات وملاجيء وأنفاق ومستودعات أسلحة وذخيرة، وبدلاً من الالتفات إلى مطاليبهم المشروعة، والتضامن معهم، فأنه راح يسألهم، واحداً واحداً، وكأنه (مفوض) في مركز شرطة، عن توجهاتهم الانتخابية، ومن سينتخبون؟ الأمر الذي دعا أحد أعضاء الوفد، إلى التعهد بانتخاب مرشحي كتلته، إذا سعى إلى إعادة حقوقهم، ورفع الجور عنهم، وهنا ضحك ابن ريكان، وخاطب الوفد بتعالٍ وسخرية، قائلاً بعبارات وقحة، ومفردات سوقية: (يعني إذا ما دبرّت شغلتكم، ما راح تنتخبوني!)، وفض الاجتماع بقلة أدب وصلافة.
ولا نريد، هنا، الاستغراق في الأسباب التي دعت الحلبوسي إلى تغيير مدير مفوضية الانتخابات ومسؤوليها في الموصل، واختيار بدلاء عنهم من جماعته، وفي هذا الوقت الذي باتت الانتخابات على الأبواب، فإن الغرض من هذا التغيير واضح، ولا يحتاج إلى تفكير، ولكن أن تصل حماقته إلى تعيين مسؤول حزبه في المدينة، فرحان أحمد علي المعماري، مديراً للمفوضية فيها، فهذا يعني، أن هذا الشاب النزق، ماض في عنجهيته، وساع إلى مصادرة أصوات الموصليين بالتزوير والترهيب، لمصلحة كتلته، التي لا تجد تأييداً لها، ليس في الموصل فحسب، وإنما في جميع المحافظات السنية العربية، وحديث النائبة ذات الحاجبين الغمازين والحجاب الليموني، انتصار الجبوري، عن الزيارة، مجرد لغو وهراء، ونفاق ورياء، أما كلام النائبة (السعلوة) محاسن حمدون، عن انجازات الحلبوسي في الموصل، فأنه جاء نتيجة تلقيها هدية (سيارة)، من الأخير، وكانت قد طلبتها من (الكرابلة) لما كانت نائبة على كتلتهم، ولكن رُدّ طلبها، وقيل لها (شنو حضرتج مسزز تاتشر.. لو انديرا غاندي)، ولم يُعرف من قال ذلك، ولكن، بالتأكيد، ليس محمد الكربولي، لأنه (مچاري) لم يسمع اسم الزعيمة الانكليزية، ولا نظيرتها الهندية.
واضح أن الحلبوسي تذكّر مؤخراً، أن الموصل مدينة سنية عربية، طبعاً لم يتذكر أنها عانت من اضطهاد داعش، وتسلط المليشيات الولائية، ولم يخطر بباله أنها صدر العراق، قديماً وحديثاً، فالرجل غشيم في التاريخ، ويتطير من مدن الحضارة والفكر والثقافة، وأم الربيعين على رأسها، وعنده أغنية (يا يمة انطيني الدربين.. انظر حبي "وأصيده") أعظم سمفونية، وأجمل قطعة غنائية، وقد نجح في تطبيقها، وحاز على شابة بالحلال، كانت في طريقها، لتُصبح بمستوى المصرية، لميس الحديدي في الحوارات السياسية، وتتفوق على زميلتها منى الشاذلي، في برامجها التلفزيونية، ولكن قسمة ظيزى حلّت عليها، وكان الله في عونها، والرجاء ممن يعرفون الحلبوسي، إفهامه أن كلمة ظيزى، عربية فصحى، ووردت في القرآن الكريم، (وتلك اذاً قسمة ظيزى) قبل ان يحذف النقطة فوق الظاء، ويقرأها طاءً، ويُدخلنا في فصل عشائري.
يريد الحلبوسي أن تُصوّت الموصل له..
حسناً لا ضير من ذلك، ولكن ألا يسأل هذا (الأبهة) نفسه، مجرد سؤال، لماذ تنتخب الموصل مرشحي (تقدم)، وهي كتلة فائضة عن الحاجة، تضم سماسرة ولصوصاً، ومتآمرين على السنة العرب، وآخر الأفعال المخزية لرئيسها، التصدي لعودة نازحي جرف الصخر، إلى بيوتهم، وعرض الملايين من الدولارات على فصائل حشدية، للاستمرار في احتلالها، ومنع أهلها من الرجوع إليها؟.
لمصلحة من يصمت الحلبوسي، عن الجرائم والانتهاكات التي يتعرض لها السنة العرب في مناطقهم ومحافظاتهم، وصلت إلى حد أن (السنية) باتت تهمة جاهزة، تُلصق بالأبرياء والآمنين، بلا سند أو حُجّة، وفي آذار الماضي، وقف، بصفاقة، ضد مشروع تقدم به بعض النواب السُــنّة، لإعادة النظر في قانون الارهاب، والمادة الرابعة منه، التي تسمى شعبياَ (4 سنّة)، وكان رده موجعاً: (هاي مو وكتها)!.
هل أعاد الحلبوسي نازحاً إلى بيته، وهل أنقذ معتقلاً بريئاً من موت ينتظره، وهل أرجع مُغيبّاً إلى أهله، وهل أسعف عائلة جارت عليها المليشيات وسلبت حلالها، وهل وهل والقائمة تطول وليس لها نهاية؟.
الرجال بمواقفها ومروءاتها، في إعادة الحقوق إلى أصحابها، ويُخطيء الحلبوسي إذا ظن أن منصب رئاسة البرلمان، يعني شيئاً عند السنة العرب في العراق، وهو منصب استخدم كهراوة تجلد ظهورهم، وساهم في إلحاق الأذى بهم، وجميع من تربع على كرسيه المهزوز، من حاجم الحسني إلى محمود المشهداني وإياد السامرائي وأسامة النجيفي وسليم الجبوري وانتهاء بالحلبوسي، هم كسبة ومنتفعون، انصرفوا إلى جمع الرواتب والمكافآت، وانشغلوا بالترفيه عن أنفسهم، وتناسوا ويلات قومهم، وخراب مناطقهم ومحافظاتهم، وبعد هذا وذاك، يأتينا الحلبوس المنحوس، ويريد من السُـنّة، الدعم والتأييد والفلوس!.
0 تعليقات