علي السوداني
حان الآن موعد الراحة الأبدية
نمْ مطمئناً وسعيداً أيها الشاعر
الحوائط الألكترونية اليابسة كلها تزهو بصورك الليلة
الذين في قلوبهم مرض كرهوك ، والذين مثلك أحبّوك
كن مبتهجاً عزيزي
موتك حصد جبلاً من " أعجبني " وجبلاً من " أحزنني "
روحك الشعرية السامية ، ستجعلك تقبل بهذا الموت الرحيم
فعلها قبلك أبو الطيب المتنبي
كلُّ صوري معك كنتَ فيها مقمّطاً بالبياض
الآن تكفنك النسوة الصامتات بقماش أبيض لا شك فيه
لم أقرأ وصيتك النائمة بصندوق إقبال
أجزم أنك لم تطلب مدفناً عند أعتاب خضر الياس
أو بخاصرة شارع المستنصر ، حيث مرت قصائدك والصبايا
مثل منشورات سرية في أبلام الصيادين .
القبور ليست آمنة ببغداد يا صاحبي
وفوائض المحمية يحومون حول رأس أبي جعفر
أنا أيضاً مثلك يا سعدي
أشعر بالبلبلة وبالجلجلة وبالمعمعة
لكنني استخرتُ وتوكلتُ ونويتُ
رسمتُ بعمّون دائرةً من تراب
وقلتُ لإيمان
هذا مكاني من الإعراب
سأُيمم وجهي غداً صوب الشميساني
وأدقُّ خيمة عزاء بباب فتحية
أكاد أسمع بعض ضحكتك الليلةَ
قبل سنةٍ بادت وتوزعت أيامها على الشتات
سألتك اللقاء هنا
قلت إنَّ موعدنا القاهرة وشطَّ النيل
أجبتك إنني حبيسُ الجهات الأربع
أذهلتك الفكرة
لكنك لم تبكِ
ربما فعلتها بعد أن برد سلك الهاتف
الحقُّ هو أنني لم أنصت لحشرجة صوتك البعيد
شغلتُ روحي بمراقبة قطط الزقاق الهائجة
والقنديل الباهت المزروع بباب الدار
مثل حارسٍ كسولٍ لا يدري بأيِّ أرضٍ يموت
0 تعليقات