في كيفية التصدي للجماعات التكفيرية؟ الجزء الثاني

مشاهدات



بقلم: الكاتب والباحث السياسي

الدكتور: أنمار نزار الدروبي


بتاريخ 25 يناير/ كانون الثاني 2021، كتبت الجزء الأول من عنوان المقال أعلاه.


سادساً: يجب مراجعة المفاهيم والرؤى المتعقلة بحركات الإسلام السياسيّ، وإعادة قراءة الظاهرة وإخراجها من سياق التجاذبات والصراعات السياسيّة. وذلك نتيجة الضرر الكبير الذي أصاب المجتمعات العربيّة بعد أن تحولت جماعات الإسلام السياسيّ من مجرد مجموعة من المسلمين إلى كونها مركز الإسلام ومحوره الذي ينبغي أن تدور في فلكه الأفراد والمجتمعات، فأصبح مصطلح الإسلام السياسيّ سلاحاً يُشهر في وجه المخالفين والمعارضين للدولة وتبرير سياسات القمع التي تنتهجها الأنظمة السياسيّة ضدهم. وليس أدلّ على ذلك من ربط المصطلح بالعنف وكذلك بالإرهاب بشكل أدّى إلى نتائجَ كارثية على المِنطقة وشعوبها.


سابعاً: يجب دراسة عمليات التحول في الفكر السياسيّ لدى تيار الإسلام السياسيّ في ظل التحولات المحليّة والإقليميّة والدوليّة في الوقت الراهن، لما لها من أهمية في حماية المجتمع من العنف والتطرف من جهة، واستقراء مستقبل الفكر السياسيّ لدى هذا التيار واحتمالات تحولاته وتنامي دوره الاجتماعيّ والسياسيّ، وكذلك عَلاقة هذا التيار مع النخبة الحاكمة والقوى الاجتماعيّة والسياسيّة.


ثامناً: بما أن الإعلام أصبح أحد أقوى أدوات الاتصـال العصـرية التـي تُعـين الجمهـور المتلقـي علـى معايشـة العصـر والتفاعل معه، كما أن لوسائل الإعلام دوراً مهمًّا في شـرح القضـايا وطرحهـا علـى الـرأي العـام مـن أجـل تهيئتـه إعلاميًّا، وبصـفة خاصة تجاه القضايا المعنية بالأمن الوطنيّ، بالإضافة إلى ما يحصل علـى المسـرح العالميّ. إذن على وسائل الإعلام أن تتعامل بمهنية وشفافية مع الممارسات الإرهابيّة، بمعنى أنها يجب أن تجد الحلول المناسبة والمقترحات الملائمة لمعالجة هذه الظاهرة، ولا تكتفي فقط بتغطية الظاهرة أو تسيسها وَفق مصالح وجهات معينة قد تكون السلطة أو المعارضة أو جهات سياسيّة أو مالية حيث إن وسـائل الإعـلام لهـا دورٌ فاعـلٌ فـي تشـكيل سـياق الإصـلاح السياسيّ فـي المجتمعـات المختلفة، في الوقت نفسه على العالم الإسلاميّ الشروعُ في حملة إعلامية مكثفة عبر وسائل إعلام مستقلة غير موجهة تُميز بين التعاليم الحقيقيّة للإسلام بعيداً عن التفسيرات الراديكاليّة السياسيّة للدين، والابتعاد عن الأيديولوجية القائمة على الكراهية وإقصاء الآخر، وإيضاح التفسيرات الخاطئة للقرآن من طرف جماعات الإسلام السياسيّ.


تاسعاً: ينبغي للمفكرين والسياسيّين الساعين للاستقرار السياسيّ والاجتماعيّ في البلدان العربيّة التفكيرُ بالسبل الكفيلة في مسألة مكافحة التطرف الدينيّ في المجتمعات العربيّة بعد أن أصبح التطرف الدينيّ أهمّ التحديات التي فرضتها التحولات الجديدة بعد أحداث الربيع العربيّ، فعلى الدول والمجتمعات بذلُ المزيد من الجهود حتى تنجح في مجال مكافحة مختلف المخاطر التي تنتُج عن التطرف الدينيّ، والتي يأتي على رأسها الإرهاب.


عاشراً: تستهدف الجماعات المتطرفــة فئة الشباب على المستوى العاطفيّ لتجنيدهم إذ تستغل جهلهم في الدين، وكذلك معاناة بعضهم حـول مسألة الهويـة والطائفة والقوميّة، بالإضافة إلى شعورهم بالغضب مـن الظلـم، كمــا تستغل الجماعــات المتطرفــة المــدارس والجامعات والمســاجد والمــدارس الدينيّــة لنشر رسالتهم، ومن هنا يجب على الأنظمة السياسيّة في الدول العربيّة توفير ببيئة سياسيّة وفكرية تستوعب الشباب المغيبين الذين تأثروا بأفكار تيار الإسلام السياسيّ باعتبار أن شريحة الشباب تمثل المستقبل في البينة السياسيّة للمجتمعات العربيّة، والابتعاد عن أساليب القمع والإرهاب والإقصاء التي أثبتت فشلَها في التعامل معهم. وفي السياق ذاته نؤكد هنا مسألة الهوية التي تُسهم في تحقيق اندماج الأفراد في الجماعة وتحقيق الانسجام الداخليّ.


 


إرسال تعليق

0 تعليقات