د. باهرة الشيخلي
كل ما فعلته إيران لفلسطين أنها شقت الصف الفلسطيني إلى حماس وجهاد إسلامي من جهة والسلطة من جهة أخرى، ذلك من حيث الفعل أما من حيث الكلام الفارغ فما أكثره.
القدس وفلسطين كانا حصان طروادة لنظام الولي الفقيه
سيطول انتظار من يأمل أن إيران، صاحبة جيش القدس، ستقدم شيئا للقدس أو فلسطين. فخلال 30 سنة من تأسيسه حارب جيش القدس العرب في كل مكان ولم يطلق رصاصة بندقية واحدة لتحرير القدس أو فلسطين.
خلال حرب الخليج الأولى في ثمانينات القرن الماضي، زعمت ولاية الفقيه أن طريق القدس يمر بكربلاء، وها هي كربلاء أصبحت تحت نفوذ الولاية الإيرانية، عبر من ربّتهم لمثل هذه المهمة، لكنها بدلا من أن تذهب إلى القدس لتحررها، حسب زعمها، جعلت من كربلاء منطلقا لقتل العرب وقتالهم والتآمر عليهم وزعزعة أمن بلدانهم، وهو الشعار نفسه الذي قلبه زعيم حزب الله اللبناني حسن نصرالله ليكون (طريق القدس يمر بالقلمون)، في إشارة إلى بلدة في سوريا.
إن أقصى ما فعلته إيران، في خضم الهجمة الوحشية الصهيونية على القدس والفلسطينيين، أن المتحدث باسم خارجيتها سعيد خطيب زاده أدان بشدة “الإجراءات الوحشية للكيان الصهيوني في المسجد الأقصى في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك ويوم القدس العالمي”، كما أن قائد “فيلق القدس” التابع للحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاآني، دعا الفلسطينيين إلى الاستعداد لتسلم إدارة بلادهم بعد “زوال إسرائيل”، وأنه أجرى محادثات هاتفية مع قادة الفصائل الفلسطينية، متعهدا بأن “إيران ستقدم كل ما في وسعها حتى تحقيق هدف تحرير كامل التراب الفلسطيني”، وفقا لوكالات أنباء إيرانية.
وذلك، كما ترون، كلام لا يقتل ذبابة فغير الإدانة وهذه التعهدات الفارغة لن يحصل أحد من إيران على شيء.
إن القدس وفلسطين كانا حصان طروادة لنظام الولي الفقيه، ففي بداية الثورة الإيرانية سنة 1979 أعلن المرشد الإيراني الخميني إغلاق سفارة إسرائيل وفتح سفارة فلسطين بدلا منها لكن واحدة من مآثر ثورته، بعد ذلك بوقت قصير، كانت (فضيحة إيران غيت) حين تزوّد بالسلاح الإسرائيلي في الحرب التي فرضها على العراق.
في خضم الهجوم الإسرائيلي على القدس والفلسطينيين يتصل الرئيس الإيراني حسن روحاني هاتفيا برئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي ليملي عليه، بلغة دبلوماسية ناعمة، ما تريد إيران من العراق أن يفعله، بصفته دولة مهمة في الجامعة العربية، معربا عن أسفه للهجمات الأخيرة على المقرات الدبلوماسية الإيرانية في العراق من قبل بعض الأفراد والجماعات، وشدد على ضرورة أن تتخذ الحكومة الرد الحاسم والسريع على هذه الاعتداءات.
واتهم روحاني الولايات المتحدة بممارسة لعبة مزدوجة في تعاملها مع الإرهاب، واصفا الوجود الأميركي على الحدود العراقية السورية بأنه غامض، مؤكدا أن الدور الأميركي هو دور تخريبي دائما، وتاليا فإن الوجود الأميركي في العراق لا يساعد على إحلال الأمن والاستقرار في هذا البلد.
رحّب روحاني بمواقف العراق تجاه فلسطين، وإدانته للجرائم الأخيرة التي ارتكبها الكيان الصهيوني في الأراضي المحتلة وغزة، مضيفا أن المنتظر من العراق أن يساهم في تفعيل دور الجامعة العربية حول قضية فلسطين.
وفي إشارة إلى اجتماع اللجنة الاقتصادية المشتركة للبلدين في يناير الماضي، قال روحاني إن تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في هذه اللجنة بما في ذلك الإسراع في إكمال مشروع سكة حديد شلامجة – البصرة المهم وربط السكك الحديد، يمكن أن يشكل خطوة مهمة في تطوير العلاقات الاقتصادية بين إيران والعراق.
إنها أوامر وإملاءات صيغت بعبارات دبلوماسية، وعلى حكومة الكاظمي تنفيذها بحذافيرها.
هذه الإملاءات تعبير عن النزعة المتعالية تجاه البلدان الأخرى، وهي نهج ثابت لدى الولاية الإيرانية، وروحاني ينظر إلى الكاظمي بوصفه موظفا في الديوان الإيراني وذلك نهج اتبعته ولاية الفقيه مع أسلافه رؤساء الحكومات العراقية الست التي تعاقبت على العراق، بعد احتلاله.
أما الصفحة الخفية فهي أن طهران ستزيد من ضغوطها على الحراك الوطني وستعمل، عبر حرسها (الحشد الشعبي)، على تطويق التظاهرات وتصفية قادتها، تمهيدا وإعدادا للصفحة الثانية (الانتخابات)، التي تحظى بأهمية مضاعفة لفوز القوى الولائية بالكتلة الأكبر بما يوفر الهيمنة التامة للنفوذ الإيراني والسطوة الكاملة على دولة حاجي بابا الأصفهاني.
إن القدس ليست في وارد تفكير ولاية الفقيه، بل إن ما يهمّها هو قتل العرب واحتلال بلدانهم، وهذا القول ليس منا، بل يصرح به، صراحة، معممو التشيع الفارسي الذي قعّد الصفويون قواعده، إذ يؤمنون بأن المسجد الأقصى في السماء والموجود في فلسطين مسجد أقامه الخليفة الثاني عمر بن الخطاب الذي يضمرون له كراهية شديدة بصفته حطّم إمبراطوريّتهم.
يذكر موقع كلكامش على تويتر أن إيران أقامت في عمق الصحراء العراقية قرب الحدود الأردنية - السعودية أكبر مشروع لها في العراق وأكبر وجود إيراني في المنطقة اسمه (منشأة إمامي) السرية الإيرانية المنشأة بطول 6 كيلومترات وعرض كيلومترين وما يبدو منه على وجه الأرض هو دفاعات وملاجئ المنشأة التي هي بالكامل تحت الأرض ولها مداخل محصّنة عدة ولا يوجد فيها عراقي واحد تحت الأرض، أما المنشأة الخارجية فيوجد فيها عراقيون وأغلبهم من ميليشيات سيد الشهداء والنجباء وجميع من في القاعدة يرتدي زيا عسكريا مرقطا صحراويا ويوجد فيها مدرج للطائرات المسيرة فقط وسبق أن تم إطلاق طائرات مسيرة منه باتجاه منشأة أرامكو السعودية، ويوجد فيها رادار مع بطارية صواريخ أرض – جو وأربع شاحنات تحمل كل واحدة منها صاروخا باليستيا نوع ذو الفقار أرض – أرض موزعة داخل ملاجئ ضد الانفجارات وهي موجهة ضد أهداف خارج العراق للرد على أي استهداف يطال إيران، كما توجد فيها مخازن تحوي المئات من الصواريخ بمختلف الأنواع وأغلبها بعيد المدى ومخازن طائرات مسيرة وجميعها من نوع فطرس وشاهد، وقاعات محصنة لطلاب من جميع الميليشيات يتلقون تدريبات على استخدام المسيرات وتصفير إطلاق صواريخ الكاتيوشا وغيرها من الصواريخ قصيرة المدى، أما المنشأة تحت الأرض فيصعب وصفها وكأنها ليست في العراق، وأغلب الظن أن إيران تدير عمليات داعش وماكينته الإعلامية من هذه المنشأة.
أليست هذه استعدادات لتمدد وتوسع إيرانيين في المنطقة العربية؟
هل يوجد إيراني واحد استشهد من أجل فلسطين عبر التاريخ؟ بل هل قتل قائد جيش القدس قاسم سليماني من أجل القدس وفلسطين؟
استخدم نظام الولي الفقيه القدس وتحرير فلسطين، وفقا للناشط والمحلل السياسي وليد الراوي استخداما انطلى على بعضهم في كذبه حيث كان الجنود الإيرانيون يرسلون إلى جبهات القتال في حرب الخليج الأولى مزودين بخرق وضعوها على جباههم “يا قدس” أو “إلى تحرير القدس” وهم يقاتلون وعندما يؤسرون في أي مكان يقولون نحن ذاهبون إلى تحرير القدس.
كل ما فعلته إيران لفلسطين أنها شقت الصف الفلسطيني وجعلت الفلسطينيين ينقسمون إلى حماس وجهاد إسلامي، من جهة، والسلطة من جهة أخرى، ذلك من حيث الفعل أما من حيث الكلام الفارغ فما أكثره، وهذا هو ديدنهم في كل زمان ومكان.
هل يوجد إيراني واحد استشهد من أجل فلسطين عبر التاريخ؟ بل هل قتل قائد جيش القدس قاسم سليماني من أجل القدس وفلسطين؟
يعتقد الدبلوماسي العراقي السابق والمحلل السياسي غازي فيصل السكوتي أن إيران، وفيلق القدس خصوصا، لن تتورط في حروب مباشرة والمفاوضات في فيينا مستمرة، إذ أن لديها وكلاء مثل حماس في فلسطين وحزب الله في لبنان والميليشيات الولائية في العراق والحوثيين في اليمن، فلماذا تحارب وتتحمل مسؤولية وكلفة ولديها أدوات تحارب بالنيابة عنها؟
وهذا القول يثبت أيضا أن إيران لا تشغلها القدس ولا فلسطين، وإنما هي مهتمة بالدرجة الأولى بتأمين مصالحها فقط.
وخلاصة هذا كله، أن إيران تسعى إلى التوسع على حساب العرب وبلدانهم، ولا تهمها القدس ولا غير القدس بشيء، فلو كانت ولاية الفقيه تؤمن فعلا بحق الشعوب في تقرير المصير لأعطت شعب الأحواز العربي الذي يرزح تحت احتلالها، منذ قرابة قرن، حق تقرير المصير، ولسمحت للأمم المتحدة أن تجري فيه استفتاء حق تقرير المصير. لكنها قوة استعمارية غاشمة، وإن دعوتها إلى إعطاء شعب فلسطين حق تقرير المصير ما هي إلا ورقة سياسية تساوم بها الغرب وإسرائيل من أجل تحقيق مكاسب لتعزيز نهجها العدواني ضد العرب، وذلك شعار ترفعه لإخفاء طبيعتها العنصرية التوسعية، كما أعلن في مقال له الكاتب العراقي عبدالواحد الجصاني.
كاتبة عراقية
0 تعليقات