هجاءٌ في أهلِ الطرب.
بغداد-علي الجنابي
وبعد..
فتلكُمُ غِنوةٌ أذاعَ مذياعٌ قَوافيها في موكبِ زفةٍ من مواكبِ الأعراس.
مواكبُ ذوو بَلَهٍ في الدروبِ و وَلَهٍ ببئيسِ ذوقٍ وإرتكاس.
مذياعٌ ومذياعٌ، وقبلهُ مذياعٌ قد أشاعَ (عَبَرتِ الشّطْ على مُودَكْ وخَلّيتَكْ على راسِي)!
ألا ليتَ المذياعُ قد أصابَتهُ آفتا النعاس والخنّاس. فنعسَ فخَنسَ وكَفَّ عنا جلبةً بلا ذوقٍ ولا (فنتاس).
ألا ليتَه ما أذاعَ ولا أشاعَ بؤسَاً لحضارةٍ لنا باتت حبيسةً الأرجاسِ وبئيسةً بإنتكاس.
حضارةٌ روّادُها أشباهٌ من رجالٍ، “شَعبُولّه” و”اللّمبي” و” السّاهر” الأبلهِ النسناس. ثمَّ مطرقةُ النغمِ “حسن شاكوش!” المتنطط الرّفاس. صعاليكٌ وصرعى في سوحِ إستئناس.
الله يِخْرِبْ بَيتَكْ, دَمَّرِتْنَهْ بشَخصِيتَك!
ألا خُرِّبَت شُخوصُهم وجُعِلَت تصرخُ أن “لا مساس”.
أفَتراهمُ إنتَهَوا لأن تُخرَّبَ بيوتنا بما رَموا عليها من سفاهةٍ وأنجاس، ولأن تُدرَّبَ فلذاتِ أكبادِنا كي تستنكفَ من دِلالٍ وعقالٍ وحجابٍ وقرطاس،
فتعتكفَ في ظلالِ سروالٍ من “برمودا” ومداسٍ من “أديداس”،
وترتشفَ نبيذاً، وتستلطفَ قميصاً مزخرفاً بختمِ من شفتينِ ومُرساةٍ وبأناناس.
أفإشتهوا أن يَروا جيلاً نسى ضادَه، وتناسى عَبَقَ سِحرِ البَيانِ, وَأَلَقَ بَحرِ القافية، وإحتسى جُرعةَ بلادةٍ و وسواس،
فرسى على شفا جرفٍ لأضغاثٍ زائلٍ، وعن رجولةٍ وفَصَاحَةِ غير سَائل، ومائلاً بِبُنيانِهِ من الأساس!
كيف!
كيفَ يندرسُ جيلٌ إرثُهُ كنوزٌ من شَذا بَلاغَةٍ يَصفو بها النَبضُ زَاهٍ بين طباقٍ وجناس,
وَنَدى فَصَاحَةٍ يغفو بها الوَمضُ ساهٍ بأمنةٍ من نُعاس, وصَدى حِكمَةٍ يهفُو بها اللّمضُ ناهٍ عن عقيمٍ من غراس!
الله يِخْرِبْ بَيتَهُ, ويُسقِطُ نواياهُ كسقطِ وريقاتٍ يمضغُها خريفٌ بسمومِ لعابِهِ وأضراس!
ذاكَ أنّ المثبورَ ما فتحَ سِجِلّاً ولا تَصَفّحَ في قرطاس, ومَا تَنفّحَ حَدائقَ شعرِ مُعَلّقاتٍ في دِيارِنا، بل تنفَّحَ هوسَ (أنت ظالم أنت قاسي) ؟
ويكأنَّه بَرمَ لحنَهُ كحَبلٍ مُبرَمٍ في قرنِ كبشٍ بأجراس؟
(إنهم يبغونَ جيلاً عربياً كأعجازِ نخلٍ في حَالكِ وَادٍ نَتِنٍ مُتَعَفِّنٍ بإحتباس)!
الله يِخْرِبْ بَيتَهُ!
أيُّ أمّةٍ تلكَ التي تُعَمِّدُ هذا الصعلوكَ بنقيقٍ أو نهيقِ في قُدّاس.
أيُّ مؤسسة تُسَمِّدُهُ رهباً من فقر جيبٍ وإفلاس.
أيُّ زعامةٍ تُجَنِّدُهُ رغباً في نقرِ عيبٍ وإنغماس
. وأيُّ حضارةٍ بين الأمم تُبَنِّدُ أركانَ مثلثِ بُنيانِها بِقباحةٍ صَدأةٍ من نحاس.
قُباحةٌ ناقدةٌ لكلِّ بأسٍ وعِفّةٍ وفَصاحةٍ وحماس، وفاقدةٌ لكلَّ أنسٍ وخِفّة ورَجاحةٍ وحواس؟
الله يِخْرِبْ بَيتَهُ, وقد جُعِلَ رِزقُهُ على دكّةِ ليلٍ مُنكرٍ بإبلاس،
رزقٌ لا عنوانَ له، فإقتبسَ له ” فنّان” وساءَ له من إقتباس!
فماهو بفنانٍ ولن يُمرِّرَ تدليسَهُ بإختلاس.
إنما “الفنُّ” إبداعٌ خلّاقٌ طاهرُ الأنفاس،
فالمنهدسُ والقاضي والفلاحُ والنّجارُ فنانون، وكلُّ ماعليها من أناسي،
إلّا هو ! و(ما المغنّي إلّا كينونةٌ خُنثى تعتاشُ من تقزّمِ الفكرِ والإحساس)،
فلا يعتمدُ القاضي له شهادةً في قضاءٍ، ولانصفَ شهادةٍ ولا حتى إلتماس،
بأنه جنسٌ نُكْرٌ، فما هو ببشرٍ ولاحشرٍ ولا نسناس.
جنسٌ سوّاحٌ في الليل، نوّاحٌ في الويل، وفي النهار يلوذُ بالخناس.
جنسٌ حَيَّرَ علماءَ الوراثةِ والأجنّةِ وعلماءَ التصنيفِ للأجناس.
هذه نظرتي لذي طربٍ، أياصحبي وياجلّاسي، ولمهرجان قرطاج ،بابل،القاهرة ،جرش، ومهرجان “بعلبك” ذلكَ المهرجانُ للفضيلةِ كنّاس.
شهادةُ أعلنُها (بغليظِ قولٍ) وبلا إستثناءَ ولا إحتراس، فلا لينَ قولٍ هنا ولم أكُ سفيرَاً (محبّةٍ) ليونسكو، وماعملتُ قُنصلاً في سفارةٍ، بل ماسلكتُ قَطُّ طرائقَ في سلكٍ دبلوماسي.
0 تعليقات