د. محمد جواد فارس
صدر هذا الكتاب عن دار العرب للنشر والتوزيع بطبعته الأولى العام 2015، الكتاب يحتوي على 224 صفحة من القطع الكبير، ويتضمن 23 مقالة، مع 4 ملاحق وملحق للصور. وعلى غلافه الأخير كتب الشاعر حميد سعيد:
قال لي عبد الله: ألا تشاركني الرأي، في أن صاحبك سلام الشماع، كان محظوظاً في علاقته مع الدكتور علي الوردي، إذ أفاد منه علماً، واغتنى بتجارب، ما كانت لتتاح له، لولا هذه العلاقة؟ قلت: نعم، لكن غير واحد ممن أعرف، كان له علاقة بالوردي، حقيقة أو ادعاء، غير أنهم ما أفادوا منها علماً، ولا اغتنوا بتجربة، وما تسميه الحظ، ما كان ليتجلى في هذا الإنجاز الثقافي المتواصل، في كل ما يتعلق بالوردي، فكراً وسيرة، كشفاً ونقداً، لولا ما يتوفر عليه صاحبي من كفاءة ووعي وخلق كريم. لذا أقول: كان الوردي هو الآخر محظوظاً في علاقته بسلام الشماع، ولولاها لغاب الكثير من تراث الوردي على صعيدي الفكر والسيرة، وضاعت حقائق بفعل الكذب والادعاء والانتحال، وهي جميعاً، لم يسلم منها الرجل حياً وميتاً. لكن سلام الشماع، الأمين على الدكتور الوردي، إنساناً ومفكراً، يواصل عمله الموسوعي، في الكشف والإضافة والتقويم، وبعد كل الذي أنجزه مازال يعدنا بما هو جديد، ليصل بموسوعته (الوردية) إلى أمداء أبعد وآفاق أوسع. وأعرف أنه قادر على الوفاء بهذه الوعود.
بهذه الكلمات الشفافة والرقيقة عبر الصديق الشاعر حميد سعيد، عن الاعمال التي كتبها الكاتب سلام الشماع وما سوف ينجزه من كتابات عن العلامة علي الوردي.
اما كتابنا، موضع العرض، فقد سطر فيه الكاتب الشماع ما دونه من أفكار وانطباعات حياتية، في حياة علي الوردي، لقد كتب سلام عن الوردي في كتابه (خفايا من حياة علي الوردي): نعم، ستغيب عن ذاكرة الأجيال المقبلة أسماء كبيرة من معاصريه، ربما بعد عقود من الزمن، إلا الوردي فإنه سيظل عصيا على النسيان، لسبب بسيط جداً هو أنه كان يمد بصره بعيداً إلى المستقبل، فإذا كان أبناء عصره ظلموه ولم يولوه الأهمية التي يستحق فإن المستقبل الذي مدّ الرجل بصره إليه سينصفه ويعطيه حقه، على الرغم من أن الوردي كان يردد في كل مناسبة وفي كل مجلس من مجالسه: ما فائدة أن يذكرنا التاريخ وسيأكلنا الدود عندما ننزل إلى قبورنا؟.
يقول الوردي إن الظلم الذي يقع بين البشر أنواع شتى كالظلم السياسي والظلم الاقتصادي والظلم الطبقي والظلم الشخصي، وكان يؤلمه أن يكثر الحديث عن الظلم وأنواعه منذ زمن قديم، مع إغفال الناس نوعاً من الظلم، فلم يتحدثوا عنه إلا نادراً وهو الذي نسميه "الظلم الاجتماعي".
ويروي حادثاً مروعاً حدث في الولايات المتحدة الأمريكية مشابهاً لما حدث، في الأشهر الماضية، من تفجير في ميناء بيروت، تحت عنوان انفجار مروع يقول: إن الوردي يتحدث عما سمي، في حينه، مأساة مدينة تكساس، في العام 1947 شبّ حريق على متن سفينة بضائع تدعى (غرنادا كامب) كانت ترسو على رصيف ميناء مدينة تكساس بالولايات المتحدة الأمريكية، وكانت تحمل حمولة تقدر بـ2300 طن من نترات الأمونيوم، وهو مركب يستخدم في صناعة الأسمدة، وشديد الانفجار، بعد الحريق انفجرت الحمولة، وكان الانفجار من الشدة بحيث أطاح بطائرتين كانتا تحلقان قرب الموقع، كما أفضى الانفجار إلى سلسلة من ردود الفعل أدت إلى انفجار سفينة أخرى قريبة محملة بـ1000 طن من المادة نفسها، وقتل في هذا الحادث 600 شخص، وجرح نحو 3500، ويعد هذا أسوأ حادث صناعي في تاريخ الولايات المتحدة.
ويكتب سلام الشماع عن ندوة في جامعة الكوفة العام 1991 كان علي الوردي دوّن بعضاً من الملاحظات في قصاصة ورق بيضاء واحتفظ الشماع بهذه القصاصة، كانت الملاحظات هي الآتية: إن لمجتمعنا العربي طابعه الخاص به كما هو الحال في أي مجتمع آخر من مجتمعات هذا العالم، ونحن لذلك لا نستطيع فهمه أو دراسته إلا بعد استكناه طابعه الخاص به).
(هناك فرق كبير بين منهج الدراسة العلمية وطريقة الفخار والحماس التي يتبعها بعض كتابنا وشعرائنا عند وصف مجتمعهم أو أمتهم).
(طريقة الفخار والحماس تقوي الروح المعنوية في الناس وتدفعهم نحو التضحية والكفاح، ولكننا يجب ألا ننسى في الوقت نفسه أن لهذه الطريقة حداً ينبغي أن نقف عنده، فهي إذا زادت عن حدها قد تؤدي في بعض الأحيان إلى الغرور وإلى إهمال المشاكل والعيوب التي نعاني منها).
وفي الملحق الرابع من الكتاب ينقل الشماع ما جاء عن الوردي في كتاب مير بصري.
في مقدمته كتاب وعاظ السلاطين يقول الوردي: "ولقد أتيح لي في بدء حياتي فرصة ثمينة، حيث كنت أكسب قوتي بعرق جبيني، وعانيت من الذل والحرمان والمهانة قسطاً كبيراً.. فأدركت، آنذاك، مبلغ ما يقاسي أبناء السوقة والصعاليك من عذاب ومذلة على أيدي الطغاة المترفين والجلاوزة".
وتضمن الكتاب ملخصاً لحياة الدكتور علي الوردي المولود في مدينة الكاظمية سنة 1913 وكان مدرساً في الثانوية ثم أوفد إلى الولايات المتحدة للدراسات العليا وكان موضوع اطروحته عن ابن خلدون، وعين مدرساً في كلية الآداب العام 1950 وأصبح أستاذاً لعلم الاجتماع في كلية التربية وبعدها كلية الآداب واعتزل التدريس العام 1970 واهتم بالتأليف وكتب مجموعة من الكتب في علم الاجتماع منها:
شخصية الفرد العراقي العام 1952، وعاظ السلاطين العام 1954، مهزلة العقل البشري العام 1955، أسطورة الأدب الرفيع 1957، الأحلام بين العلم والعقيدة العام 1959، منطق ابن خلدون العام 1962، طبيعة المجتمع العراقي العام 1965، نشأة الوضع السياسي في العراق العام 1968 لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث أربعة أجزاء كتبت منذ العام 1969 لغاية 1974..
قدم العلامة الجليل الموسوعي علي الوردي للمكتبة ولطلابه وللباحثين في العراق والعالم العربي الفكر في علم الاجتماع، وأصبحت مؤلفاته مرجعاً أساساً في علم الاجتماع.
لمؤلف الكتاب سلام الشماع الشكر لما قدمه في هذا المنجز من معلومات تخص العلامة علي الوردي من خلال ملازمته له في مدينتهما الكاظمية
0 تعليقات