العراق..احذروا من انهياره ..في الانتخابات القادمة ..

مشاهدات




ثائرة اكرم العكيدي


هاهو المشهد السياسي العراقي اليوم ومثل كل دورة انتخابية يمتلئ بالحراك المفعم بالتهليل والتبجيل قبل الانتخابات ، وان كان هذا النشاط والتفاعل إيجابيا في اغلب مفاصله الا انه ومع الاسف يعيد صورة المشهد الى ما هي عليه دون تغيير بعد كل تجربة ديمقراطية لا على مستوى الوجوه او اسماء الاحزاب وخلفياتها فحسب بل وفي مستوى التفكير والتصرف الذي يحتكم الى الصفقات والاتفاقات على حساب المشروع السياسي والوعود الانتخابية.

فسنجد أن هناك عدداً من الظواهر المهمة والمؤشرات الجديرة بالاعتبار ينبغي التوقف عندها واكتشاف مدلولاتها. المشهد الحاضر صورة المشهد الانتخابي قانوناً وتحضيرات وحملات انتخابية مختلطة أشد الاختلاط، وتكاد أمواجها المتلاطمة تذهب بالبلاد ومن فيها بعيداً، ولكن واقع الأمور على الأرض وخلفية الصورة التي لا يراد لها أن تظهر إلى العلن تفرض نفسها قائلة إنه لا جديد تحت الشمس طرأ على القواعد الرئيسة للعملية السياســية المسمــاة انتخـاباً هــذه المـرة ولا على المتطلبات الأساسية لولجتها ومردُّ ذلك إلى بقاء القوى السياسية المتحركة على مسرح هذه العملية على ما هي عليه وعدم وجود بدائل جديدة، كما يشاع أو يذاع هنا وهناك. وهي دعايات مضلِّلة جرى استغلالها لتبرير كثير من الأشياء المبهمة، ولإعطاء انطباعات يغلب عليها عامل التسويق والترويج التجاري لبضاعة الانتخابات الكاسدة التي اقتضت هذه المرة فَسح المجال للجميع  في الظاهر  لعرض أنفسهم تحت تأثير وه٠م المشاركة السياسية، مع الاستمرار في إعادة إنتاج الوجوه والقوى عينها وترتيبها في أطر وقوالب تبدو جديدة وبمسميات تراعي التحوُّل الكبير في المزاج الشعبي العراقي الميال بقوة إلى الالتفات عن العملية السياسية وعدم الاهتمام بها والانصراف عن المشاركة فيها. ولعل مؤشر العزوف عن المشاركة في الانتخابات  وعدم التسجيل في مراكز الاقتراع للانتخابات القادمة، هما أبرز دليلين على هذا التغير في المزاج الشعبي الذي يرجع في نظر المتابعين إلى عوامل عدة من أبرزها تنامي الشعور الوطني وتعافي الرؤية العراقية الجمعية بعد زوال المؤثرات التي كانت تحجبها طيلة السنوات الثلاث الأولى بعد الاحتلال، فضلاً عن الفشل الذريع الذي حظيت به الحكومة الحالية وسابِقاتها جميعا  وهو الأمر الذي يلمسه العراقيون يومياً في مناحي معيشتهم المختلفة سواء أكان في الجوانب الأمنية أو الاقتصادية أو الاجتماعية.

كما ان الرواتب العالية والامتيازات والمكاسب التي يحصل عليها المسؤول في الدولة ومن حوله لا حدود لها بحيث يدخل حافي عاري لا يملك شي يخرج يملك كل شي لا مثيل له في الدنيا لا قديما ولا حديثا .

لهذا أصبحت الطبقة السياسية في العراق هي التي بيدها مناصب الدولة المختلفة وبدأت بعرضها في مزاد النخاسة لمن يدفع أكثر منصب رئيس الجمهورية وبطانته منصب رئيس الوزراء وبطانته أي الوزراء منصب رئيس البرلمان وبطانته أي أعضاء البرلمان وكذلك الوكلاء والمستشارين والمدراء العامون وحتى حماية المسؤولين .

وفي الوقت الذي بدأت فيه القوى السياسية تعد العدة لمعترك الانتخابات القادمة مبكرا... فان حظوظها قوية في الظفر بأغلب نتائجها لعدة اسباب منها: اولا؛ انها خبرت السلطة وعرفت طرق المحافظة عليها. وثانيا؛ انها تمتلك القوة والنفوذ التي تؤهلها للتفوق على نظرائها من المرشحين الاخرين وبالذات الجدد منهم. وثالثا؛ لها من الإمكانات ما ليس لغيرها.

وان استبعدنا أية مفاجئات قادمة فان الصورة ستبقى على حالها وبنفس الخلل في وجود كل حاكم ومعارض غائب في تشكيلة البرلمان المقبل، ومع ترسخ مبدأ التوافق فان لا تغيير جذري قد يحدث في مستقبل الدورة الانتخابية المقبلة.

الانفصام الكامل بين العراقيين  والعملية السياسية ادى إلى حد كبير زرع انعدام الثقة واذا اردنا ان ينجح مشروع الانتخبات اليوم علينا تبني الشعور العراقي العام، والتعالي على البعد الطائفي عند الكثيرين، والتأكيد على كون الاحتلال أصل المعاناة التي يعيشها العراقيون، والمطالبة الملحة بضرورة خروجه. فضلاً عن وعي المواطن بالمخاطر الإقليمية ولا سيما الإيرانية. وقد عبَّرت عن هذا الأمر أبلغ تعبير مشاعر الغضب الجماهيري على مدى العامين الفائتين من خلال ثورة تشرين  وهي المشاعر التي وجدت مُتَنفَّساً لها في التعبير عن الحَنَق الذي اكتنف الشارع العراقي بسبب الأوضاع الأمنية السيئة وحوادث التفجيرات الضخمة التي يكاد لسان حال الشارع العراقي ومقاله يتفقان على القول إن الذي يقف وراءها هو النظام السياسي الحاكم وحكومته الرابعة وأحزابها المتنفذة. كما تجلَّت المعطيات السابقة في امتداد الرفض الشعبي للواقع الحالي إلى جنوب العراق وظهور بوادر التململ في الشمال  واضطرار الكثير من أبناء الشمال إلى الهجرة إلى الغرب بشتى الطرق المشروعة منها وغير المشروعة هرباً من الواقع السيئ والهيمنة  على مجريات الحياة هناك.

إن حقيقة ما يُثار حول جدلية نجاح العملية الديمقراطية وتقدمها في العراق من عدمه، يجب أن يخضع كما غيره بطبيعة الحال للقواعد العقلية والمنطقية والاستقراء الواقعي المُنضبط والمُقايَسة المُجردة المُنسجمة مع مُتطلّبات المرحلة، والنتائج الملموسة ويجب الوقوف عند بعض الامور التي ستجعل من الدورة الانتخابية القادمه ناجحه ومضمونة الاستمرار لخدمة ابناء البلد ومنها..

إقرار قانون المحكمة الاتحادية من قبل البرلمان استكمالا لمتطلبات العملية الديمقراطية.  تشكيل قوائم انتخابية يجمعها حب الوطن والخروج بحلول واقعية لأزماته المتعددة بعيدا عن الانتماء الاثني والطائفي والقومي... وهذه مسؤولية الجميع دون استثناء.

بث دماء جديدة في العملية السياسية وهذه مسؤولية تتحملها الاحزاب التقليدية الحاكمة في النهوض بواقعها وتطعيم قوائمها بالشباب وابعاد الوجوه المخضرمة التي استهلكت طوال السنين الماضية، بدلا من الالتفاف على الناخب بتسميات حزبية جديدة. فسح المجال امام الاحزاب الجديدة للمشاركة والمنافسة الجادة، وهذه مهمة تتحملها مفوضية الانتخابات في تسهيل اجراءات تسجيل الافراد والكيانات الجديدة. التزام الحكومة بموعد الانتخابات  وتوفير سبل نزاهتها وشفافيتها دون اي استغلال من طرف على حساب طرف آخر، مع توفير ضمانات دولية في الرقابة على العملية الانتخابية.

ان تحققت هذه الخطوات قد نجد برلمانا قادما يختلف عن سابقاته بعد اعلان النتائج مباشرة من حيث التشكيل والنوع خصوصا اذا كانت قواه الفائزة عابرة للطوائف والقوميات، وتنبذ التوافق على حساب المبادئ والمشاريع الانتخابية وتحقق هدف تقاسم السلطة بين حكومة ومعارضة وتنفيذ ومراقبة ويفصل في عقليتها وتفكيرها بين مصلحة الفرد والحزب والطائفة ومصلحة المجموع التي تغلب على غيرها من المصالح الفرعية الاخرى، وان حدث ذلك فانه سيكون انتصارا حقيقيا للوطن والديمقراطية ولتطلعات المواطن... ايما كان الفائز. فهل لنا القدرة على ذلك وإلا لا نريد انتخابات ..

أربع انتخابات مرت على العراق وفي كل مرة يزداد الفساد ويزداد العنف حتى أصبح العراق على حافة هاوية أحذروا من انهياره في الانتخابات القادمة.

اعتقد مثل هكذا حالة يعيشها الشعب لا يمكن لأي انتخابات مهما كانت أن تأتي بمسئولين هدفهم خدمة الشعب بناء الوطن .لهذا على الأحرار الشرفاء العراقيين من كل الأطياف والأعراق والألوان والمحافظات ان يشكلوا تيارا واحدا وفق رؤية واحدة من أجل تنفيذها وتحقيقها وهي إلغاء الانتخابات لأن الشعب غير مهيأ لها ليس بمستواها والعودة الى المزاد العلني.

إرسال تعليق

0 تعليقات